23 ديسمبر، 2024 9:33 ص

الإشعاع في العراق يعادل ربع مليون قنبلة من النوع التي ألقيت على ناغازاكي اليابانية لـ بوب نيكولز

الإشعاع في العراق يعادل ربع مليون قنبلة من النوع التي ألقيت على ناغازاكي اليابانية لـ بوب نيكولز

مقال مترجم 
“هذا المقال هو محاولة لفتح أذهان من يحبون العراق ويتألمون لما حدث له من عدوان بربري لم يشهد التاريخ مثيلا له، عسى أن يسعون لجمع معلومات موثقة من أجل رفع دعوى قضائية ضد من دمر العراق بهذه الأسلحة المحرمة. أ. د. محمد العبيدي”

وهذه القصة هي عن الأسلحة الأمريكية التي تحتوي على اليورانيوم، حيث جميع الرصاص الأمريكي تقريباً وقذائف الدبابات ذات 120 ملم والقنابل الغبية والقنابل الذكية من زنة 500 و2000 رطل وصواريخ كروز وكل شئ آخر تمت هندسته لمساعدتنا في حربنا ضدهم تحتوي على اليورانيوم، الكثير من اليورانيوم. وفي حالة صاروخ كروز، فإن ما يحتويه الواحد منها يقدر بـ 800 رطلاً من اليورانيوم.

إن هذا المقال هو حول كمية الإشعاع التي خلّفها مواطنونا الذين يمثلوننا، مواطني الولايات المتحدة الأمريكية الذين ثبت أنهم إستعملوا ما مقداره أربعة ملايين رطل من اليورانيوم في العراق.

والآن يبدو أن معظم الناس ليست لديهم أية فكرة عما تعنيه أربعة ملايين رطل من أي شئ خصوصاً إذا كان هذا الشئ هو غبار اليورانيوم الذي ينتج عن قذيفة يتم إطلاقها لتنفجر. حسبنا القول أنه ما يعادل 1333 سيارة تزن الواحدة منها ثلاثة آلاف رطل. إنه عدد كبير جداً من السيارات، ولكن لنتصور كيف يمكن أن يكون شكل موقف للسيارات يحتوي على 1333 سيارة.

إن نشر أربعة ملايين رطل من غبار اليورانيوم على أرض العراق لم يكن بالتأكيد “عن عمد” !!! ولم يكن كذلك “مجرد حادث” !!!، فنحن مواطني الولايات المتحدة الأمريكية ومن خلال صبياننا في الجيش قد فعلنا ذلك عن سابق إصرار وتعمد.

وعندما يضرب رصاص اليورانيوم أو الصواريخ أو القنابل شيئاً ما فإنه ينفجر مولداً في الحال ذرات دقيقة جداُ بحيث لا يمكن رؤيتها. وعندما يستنشق مواطن عراقي أو جندي أمريكي هذه الذرات حتى ولو كان بكميات قليلة جداً فإن ذلك يعني كما لو أن الشخص يتعرض للأشعة في كل ساعة لما تبقى من حياته القصيرة. وحيث لا يمكن إزالة اليورانيوم من الجسم فإنه ليس له أي علاج وسيبقى عملياً في الجسم إلى الأبد.
ولكن ذلك أسوأ أسوأ مما تصورت. فقد تحدث لي أدميرالاً كان رئيساً سابقاً لأركان القوات البحرية الهندية أراد أن يعلمني كم يعني ذلك بالنسبة للإشعاع، كما أراد أن يعبر لي بالأرقام ما يعني ذلك بالنسبة للعالم وخصوصاً العالم غير الأمريكي لكي يمكن فهمه بسهولة.

وقد قال الأدميرال متسائلاً: ما هو عدد القنابل النووية من النوع الذي ضربت به ناجازاكي التي يمكن أن تنشر ما يعادل كمية الإشعاع الذي نشر في العراق عام 2003 في أربعة ملايين رطل من اليورانيوم ؟ وكم هي كمية الإشعاع الذي نشرته القوات المسلحة الأمريكية في حروبها الخمسة الماضية، والتي تعرف بالحروب النووية.

إن ذلك مهمة بسيطة بالقدر الكافي لشخص ما مثل رئيس أركان البحرية لبلد عضو في النادي النووي. إن إستخدام قنبلة ناجازاكي كعصا قياس هو مع ذلك شئ رهيب. ولهؤلاء في أمريكا من الذين لا يعرفون ذلك، فإن القوات العسكرية للولايات المتحدة أسقطت قنبلتين نوويتين على اليابان في نهاية الحرب العالمية الثانية، حيث يتذكر العالم بأجمعه ذلك، حين أسقطت قنبلة ذرية واحدة على مدينة هيروشيما والأخرى على مدينة ناجازاكي بعد ثلاثة أيام وقتلت كلاهما حوالي170,000 شخص فوراً.

إنها عصا قياس جيدة جداً، ولكنها ليست جيدة جداً لشبكة فوكس نيوز التلفزيونية أو باقي أجهزة الإعلام الأمريكية المشابهة، كما أنه لا زالت وزارة الطاقة الأمريكية تعتبر تفجيرات هيروشيما و ناجازاكي كإختبارات. لقد نشر هذا الأدميرال منذ أشهر تلك البيانات في مؤتمر علمي في الهند، وأن هذا التقرير هو الأول من نوعه لتلك البيانات في الولايات المتحدة حيث سينشر أولاً على الإنترنت.

وقد حسب الأدميرال عدد ذرات اليورانيوم المشعة في قنبلة ناجازاكي و قارنه بعددها في الأربعة ملايين رطل من اليورانيوم الذي نشر في العراق نتيجة حرب عام 2003. صدقوني، إنها أكثر تعقيداً من ذلك، ولكن هذا ما فعله الأخصائيون في الهند.

فكم قنبلة نووية بحجم القنبلة النووية التي ألقيت على ناجازاكي يمكن أن تنشر أربعة ملايين رطل من اليورانيوم ؟
الجواب هو 250,000 قنبلة نووية.
وكم قنبلة نووية من النوع الذي ألقي على ناجازاكي كانت قد نشرت إشعاعاً في آخر خمسة حروب نووية أمريكية ؟
الجواب هو 400,000 قنبلة نووية.
من يمكن أن يفعل شيئاً كهذا ؟
نحن فعلنا ذلك. الوحيدون في تأريخ هذا العالم الذين شنوا حرباً نووية بهذا الشكل هم الأمريكان، مواطني الولايات المتحدة الأمريكية.

والجيش الأمريكي يعلم تمام العلم ما هي أعراض التسمم بالإشعاع منذ عام 1943، حيث أن هذه الأعراض تبدأ بإلتهاب الحلق المزعج جداً وتنتهي بالموت المؤلم لكون المصاب يطبخ من داخله.

وفي خطابه عام 2003 عن حالة الإتحاد، وعد الرئيس بوش بغزوه لـ 12 بلداً. وأنا أصدق هذا الرجل. ولبعض الأسباب فإن بعض الأمريكان المضللين لا يصدقونه، أو يعتقدوا بأنه كان يبالغ بذلك، أما أنا فأصدق هذا الرجل. كما أن العديد من دول العالم لها أسبابها في تصديقه.

لا تقلقوا ! فلدى الرئيس الكثير من المواد الخام لصناعة ذخائر اليورانيوم المشع. فهناك أكثر من77,000 طن مخزونة في 103 محطات للنفايات النووية وفي العديد من مختبرات الأسلحة النووية في الولايات المتحدة، حيث يمكن لكل واحدة منها أن تصنع 250 رطل أخرى من المواد المشعة في اليوم الواحد تستعمل في القذائف المشعة والقنابل والصواريخ. وهذا يعني إمكانية إستعمالها في أكثر من 40 حملة عسكرية مشابهة لتلك الحرب النووية على العراق عام 2003.

في مثل هذا الوقت من كل عام تهب رياح جنوبية في الولايات المتحدة حاملة معها دقائق رمال صحراوية تترك بصماتها على زجاج السيارات المركونة في أوربا. وقريباً، وبفضلنا ستحمل دقائق الرمال هذه مفاجأة للأوربيين، فشكراً للأمريكان. شكراً لنا، فقد فعلنا ذلك بالعالم. ونبقى نتسائل لماذا يكرهوننا ويزدروننا هكذا!

إن تأثير القتل غير المميز بأسلحة اليورانيوم هذه يعطي معنىً جديداً تماماً لمصطلح العصر القديم : الحطب للحرب. وفي العراق فإن ما نشرناه هناك سيعود علينا. سيكون غبار اليورانيوم في أجساد قواتنا هناك التي ستعود إلينا حيث سيكون كل منهم قنبلة موقوتة تدق ببطء وآخذة معها حياة السذج والجهلة القادمين مع مصادر إشعاعهم الداخلي كحطب للحروب، الحروب النووية الأمريكية في القرن الحادي والعشرون.

* نشرت في موقع http://www.dissidentvoice.org/