عادة عندما تُنتقد تصرفات وسلوك المسلمين سواء كانوا أفراداً أو جماعات أو دول وحكومات أو أحزاباً سياسية يلجأ البعض إلى تبرير تلك التصرفات والمواقف بالقول إن الإسلام ليس مسئولاً عن تصرفات هؤلاء وأن هؤلاء مسلمون بالجنسية أو شكلاً وهم غير ملتزمون بتعاليم الإسلام وأن الإسلام كمنظومة أفكار وتشريعات وأحكام وأخلاقيات هو الأسمى على وجه الأرض .وعندما يحتج من يحتج أن الإسلام فيه من الأطروحات والأفكار والتشريعات والرموز ما يساعد على هذا الانحراف عن الإنسانية والأخلاق فأفضل ما نقوم به هو التبرير والدفاع المستميت بدون أن نعي أن دفاعنا الشرس لم يكن دفاعاً عن الإسلام وإنما في أحسن الأحوال هو دفاعاً عن فهمنا للإسلام أو دفاعاً عما تلقيناه من مجتمعنا أو من أسرنا أو من بيئتنا أو من طائفتنا أو عما وجدناه مسطراً بين دفتي كتاب هنا أو كتاب هناك .إذن ولكي نكون صادقين مع أنفسنا يجب علينا أن لا نتصور أن إصلاح المجتمع ينتج فقط عندما يتمسك الناس بتعاليم الإسلام الموجودة لدينا والتي يطرحها علماء المسلمين والدعاة إلى الدين فان هذا ليس كافياً بل إن هذا حتى لو تم بصورة متكاملة سنجد أنه يساهم بصورة كبيرة في الانحراف وذلك لأن المنظومة الفكرية المطروحة من قبل المسلمين لا تمثل الإسلام الحقيقي بل هي منظومة تدعي أنها تمثل الإسلام وهي تمثل ما تسالم عليه المسلمون وما فهمه المسلمون خلال الفترة الطويلة الأمد منذ بداية الإسلام ولهذه اللحظات مع الأخذ بنظر الاعتبار التحريف والتزييف المتعمد من قبل أشخاص وجهات ودول لضرب الإسلام والمسلمين .
وعليه فإن التشخيص الدقيق لسبب الانحراف وابتعاد الناس عن الإسلام لا يكمن فقط في عدم التزام الناس بالشريعة بل وأيضاً لتحريف الكثير مما يلتزم به الناس ويتصورونه من الدين وما هو من الدين وفي أحسن أحواله هو آراء رجال يصيبون ويخطأون .ولهذا علينا أن ندرس من جديد وندقق ونحقق في الكثير من المسلمات التي توارثناها عن طريق الآباء أو عن طريق المشايخ واعتبرناها قرآن منزل وخطوطاً حمراء فوق النقاش والتحقيق .
وإلا سوف نظل في مسيرتنا من انحراف إلى انحراف وسوف نواصل التسافل يوماً بعد يوم ونحن نعتقد أننا نحسن صنعا .وفي ظل هذا الانحراف السلوكي والفكري يتصدى سماحة المرجع والمفكر السيد الصرخي الحسني لإعادة بناء المنظومة الفكرية لدى المسلمين وتوضيح الإسلام الحقيقي وضرب كل البدع حتى لو تسالم عليها القوم وفضح الرموز الدينية المنحرفة حتى لو قدسها البعض ، وهو هنا يعيد تصحيح الأفكار قبل أن يطالب الناس بالالتزام بها إذ لا يصح أن تطلب من الناس أن يكونوا صالحين بالالتزام بأفكار خاطئة . ويقول سماحته في إحدى محاضراته العقائدية وهي المحاضرة السادسة الموسومة ” السيستاني ما قبل المهد إلى ما بعد اللحد ” ( نحن نحاول أن نعطي منظومة فكرية متكاملة لتفسير فلسفة التاريخ ، للتفسير الفلسفي للوقائع التاريخية التي مرت على المسلمين وعلى طول التاريخ الإسلامي ، لا تملقاً لهذا ولا تزلفاً لهذا ، لا يوجد أي مورد للتقية ) .وهو هنا يقوم بالتحقيق من أجل بناء هذه المنظومة الفكرية التي تجعل المسلم على بينة من أمره وليس له غاية سوى توضيح الحقائق وبيان نور الإسلام ( لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَىٰ مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ ) .