في البرامج واللقاءات التي تزدحم بها الفضائيات ، هناك فرق بين أن يكون الضيف مفكرا دينيا متنورا وباحثا له رؤيته الموضوعية والفكرية فيما يخص الشأن الديني والطائفي وعلاقته بالوضع السياسي والتي تحظى برضا وقبول كل من يستمع اليها ، وبين أن يكون اللقاء مع من أمتهنوا السياسة أخيرا وصاروا يتحدثون بها عبر الفضائيات بمناسبة وبدون مناسبة وما أكثرهم في عراق ما بعد الأحتلال ، بعد أن أصبحت السياسة بالعراق مهنة الذي لا مهنة له!. وفي الحقيقة أن اسهل اللقاءات هو اللقاء مع المسؤول والنائب والوزير! فهي لا تحتاج الى أية جهدفكري ومعرفي من قبل معد البرنامج في وضع الأسئلة! ،وكذلك لا تحتاج الى ذلك الجهد والثقافة الأستثنائية وسعة الأطلاع من قبل مقدم البرنامج ، فالوجوه نفس الوجوه والمشكلة نفس المشكلة والأزمة نفس الأزمة وكلام المسؤول نفس الكلام المكرور والممجوج! منذ 2003 ولحد الآن ، ولذا عزف الكثير من العراقيين من مشاهدة ومتابعة هكذا لقاءات لأنهم باتوا يشعرون بالملل لأن كل ما يسمعوه لا يعدوا كلام للأستهلاك الأعلامي لا غير! ، حتى أنه ومن كثرة التكرار نلاحظ ( الميانة والضحك بين مقدم البرنامج والضيف والذي يصل في آحايين كثيرة الى السخرية ، وعدم أحتراممشاعر المشاهدين ، وخاصة عندما يكون الحديث عن الفساد وعن حيتانه!). نعود الى صلب الموضوع ، فاللقاء مع شخص مفكر وباحث يتحدث بموضوعية ويشخص الأخطاء ويجيب على الأسئلة برصانة وهدوء ولا يلف ولا يدور ولا يتهجم ولا يخوض ولا ينجر الى أية نقاشاتجانبية ، فمن الطبيعي أن اللقاء معه يكون صعب وصعبجدا ، ويحتاج الى معد برنامج متمرس ومطلع ويمتلك ثقافة طيبة وسبق أن قرأ شيء عن مؤلفات هذا المفكر، أن لم يكن أطلع عليها ، أو سبق له أن سمع عن طروحاته الفكرية ، يعني يجب عليه أن يكون على ألمام كبير عن جوانب هذه الشخصية ، وحتى تكون الأسئلة على مستوى اللقاءوبالتالي تتحقق الجدوى في أعمام الفائدة من اللقاء ، والمهمة الأصعب هي التي تكون على عاتق مقدم اللقاء الذي يجب أن يكون فعلا على مستوى عالي من الثقافة العامة ويمتلك رؤيا موضوعية عن علمية وثقافة الضيف المفكر ، يعني بأختصار أن يكون على مستوى عالي من الفهم والأدراك لموضوع المناقشة ولا يتبع طريقة ( أن يأخذ الكلام من الضيف ويعيده أليه كنوع من الشطارة!). تعد السيدة ( منى سامي) وجه أعلامي معروف ومقدمة برامجناجحة وصار لها حضور متميز على الشاشة شكلا أكثر منه مضمونا! ، ففي برنامجها ( من جهة رابعة ، مع منى سامي) ، والذي عرض قبل أيام ، كان لها لقاء من المفكر الكبير السيد ( رحيم أبو رغيف) وكان عنوان الحلقة ((الأسلام السياسي في عهد ترامب ، هل يواجه نهايته أم يجد طريقا للبقاء؟)) ، من شاهد اللقاء ، يتفق معي بأن عنوان الموضوع واللقاء كان كبير وكبير جدا على مقدمةبرنامج بعمر (منى سامي)! ، مع كل الأحترام والتقدير لها ، ليس لمضي فترة قصيرة لها في مجال الأعلام فحسب ،بل لقد كان واضحا عدم امتلاكها لأية معلومة وثقافة عن موضوع الحلقة ، وخاصة أن الغوص والخوض في موضوع الأسلام السياسي لاتستطيع عليه السيدة منى ولا غيرها! ،فكانت ضائعة تائهة وكانت أشبه بتلميذ يستمع الى محاظرة لا يفهم منها أي شيء! ، وكانت اسألتها غير منتجة ومقاطعاتها للضيف غير صحيحة ، حيث كانت تقاطعه بمعلومة خاطئة! ، وكان السيد (أبو رغيف) يصلح لها ذلك ويقول لها لا المقصود كذا وكذا!، وبالتالي ومن باب التقييم للحلقة كمشاهد، أرى أن السيدة ( منى سامي) ،لم توفق نهائيا بأدارة اللقاء بالشكل الصحيح ، فقد تحتاج الى نضوج أعلامي وتمرس أكثر حتى تقوم بمثل وحجمهكذا لقاءات! . نقول للقناة ومع كل الأحترام والتقدير،عندما يكون ضيف برامجكم شخصية بقامة (رحيم أبو رغيف) ، نرجو أن تختاروا من له المقدرة على محاورة الضيف بالشكل المطلوب وأن يمتلك من الثقافة والمعرفةالكافية بالموضوع من أجل أعمام الفائدة ، ثم على السيدة (منى سامي) ، أن تعرف حجم أمكانيتها المهنية والثقافية لتحاور مفكر بمستوى (رحيم أبو رغيف) ، فهو ليس سياسي عابر كالذين تلتقي بهم ، وليس موضوع الحلقة ، عن أزمة أو مشكلة يعرفها حتى المواطن البسيط وما أكثر مشاكل العراق وأزماته ، والتي لا تحتاج الى أية جهد من قبل مقدم اللقاء! . أخيرا ، نتمنى للقناة وللسيدة (منى سامي) كل التوفيق والنجاح ، وأن تختاروا المقدم المناسب للضيف المناسب في لقائاتكم مستقبلا ، والله من وراء القصد.