19 ديسمبر، 2024 11:53 ص

الإسلام السياسي .. سقوط أم إسقاط..؟

الإسلام السياسي .. سقوط أم إسقاط..؟

مع إزاحة حزب الحرية والعدالة الاخواني في مصر ،بعد سنة واحدة في الحكم ،تبرز لدينا عدة أسئلة مفترضة وملحة على المشهد السياسي الاسلاموي عموما ،هو هل كانت هذه الإزاحة عن الحكم هي سقوط أم إسقاط ،وإذا كان سقوطا ما هي أسبابه ونتائجه ،وإذا كان إسقاطا سياسيا من يقف وراءه،هذه الأسئلة وغيرها نحاول أن نجيب عليها في هذا المقال في رؤية استقرائية مستقبلية لبقية الاحزاب الاسلاموية الحاكمة في وطننا العربي ،وخاصة أحزاب الربيع العربي التي هلل لها البعض وروج لبرنامجها الاسلاموي المتخلف،الذي لم يستطع مجاراة المتغيرات الدولية والإقليمية ،ويستوعب المرحلة السياسية شديدة الغموض وشديدة الوضوح ،ابتداء نقول إن الخلل ليس في الإسلام لكي لا يتهمنا احد بمعاداة الإسلام والنيل منه ،لان روح الإسلام وفكر الإسلام ونهج الإسلام هي أنبل من أن يناله احد ،لسبب بسيط لشدة التصاقه بالروح العربية المعبر عنها زمنيا وسماويا ،إضافة الى انه فكرا عالميا لا تحده حدود ،وإنسانيا (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)، لذلك سيكون تركيزنا على التطبيق لهذا الفكر الإنساني العظيم ،فمنذ تأسيس الاحزاب الاسلاموية قبل ثمانين سنة وهي تعمل جاهدة على استلام الحكم في البلدان العربية،حتى ولو تحالفت مع الشيطان ،المهم عندها (كرسي الحكم )، حتى نجحت مؤخرا وببركات ما يسمى الربيع العربي ،أن تتسلم الحكم في ثلاثة أقطار عربية محورية هي على التوالي ليبيا ومصر وتونس والعراق ،ففي ليبيا كان الفضل لطائرات الناتو التي استقدمها (اسلامويو السلطة )لتدمير ليبيا وإزاحة نظام الحكم فيها وقتل الآلاف من شعبها حتى تتسلم الاحزاب الاسلاموية الحكم وحصل هذا  ،وانظروا ماذا حل بليبيا من تشرذم واقتتال داخلي قبلي وعشائري وطائفي واحترق الأخضر واليابس هناك وما زال الاقتتال متواصلا وبنجاح ساحق ،أما في مصر المحروسة فأزاحت ثورة الجماهير المصرية العظيمة نظام مبارك بقوة الجماهير ليقطف ويسرق هذه الثورة الإخوان المسلمون وحزبهم الحرية والعدالة، ليترأس البلاد محمد مرسي( ويرفع لنا الآذان بنفسه )في وسط قاعة مجلس النواب المصري في أول اجتماع وجلسة للمجلس  ،إلا أن هذا الفعل قد واجه انتقادات لاذعة  من المصريين وغيرهم لان قاعة البرلمان ليست جامع ليرفع الآذان فيه (مرسي أفندي )، في حين جاء الإسلام السياسي في العراق على ظهور الدبابات الأمريكية التي أحالت العراق وشعبه الى أنقاض من السكراب والجثث لتتربع عليها أحزاب السلطة الاسلاموية الدينية الطائفية وهذه الميزة اقصد الطائفية هي استثناء من بقية الاحزاب التي استلمت الحكم في البلاد العربية ،إذ فجرت الطائفية حربا جاهلية غير ما خلفه الاحتلال الأمريكي لشعب من دمار وخراب وحشي للعراق والعراقيين ،في أبشع صورة للفوضى الأمريكية الخلاقة التي تسميها ادارة المجرم بوش، ويسميها متنطعو الاحتلال وأقزامه وكلابه  بالديمقراطية الأمريكية ،ويقصدون بها ديمقراطية القتل على الهوية وسيطرة الميليشيات الطائفية على المشهد السياسي والعسكري ،حتى أن قسما من خصوم الحكومة في العملية السياسية سموها (دولة الميليشيات ) ،لشدة نفوذ هذه الميليشيات الطائفية التي تشرف عليها وتقودها وتمولها إيران في الشارع العراقي ،بتواطؤ حكومي أو خوف حكومي أو دعم حكومي، (المالكي يقول إن الإرهاب الميليشياوي يستخدم زي الجيش والشرطة وسيارات الجيش والشرطة وأسلحة الجيش والشرطة ) فماذا بقي للحكومة يا رئيس الوزراء إذن، لكي تتبجح به ، وتقوم قوات سوات الميليشياوية غير الرسمية، بقتل المتظاهرين العزل السلميين في الفلوجة والموصل والحويجة وديالى وغيرها ،هكذا هو حكم الاحزاب الاسلاموية في العراق التي جاءت ببركات الاحتلال الأمريكي ،أما في تونس فقد أشعل البوعزيزي نفسه  ليشعل ثورة عربية رائعة لإزاحة الرئيس بن علي عن الحكم ،وهكذا خرج أهلنا وأشقاؤنا التوانسة عن بكرة أبيهم كما خرج من قبلهم المصريون ليعلنوها ثورة خضراء مثل قلوبهم ،ليقدمونها على طبق من ذهب الى الإسلام السياسي المتخلف وزعيم حزبه  راشد الغنوشي، الذي حول تونس الوادعة الخضراء الى جحيم حقيقي بظلاميته وتخلفه الفكري التكفيري ،هذه الاحزاب السياسية في هذه الأقطار والتي جاءت باسم الإسلام وتبرقعت ببرقعه وتحدثت باسمه ،زورا وبهتانا ،لم تقدم لنا الحل ،ولم تنجح في التعامل مع الشعب وتتواءم معه ،وإنما قدمت لنا وللعالم صورة بشعة (مع الأسف) عن الإسلام الحقيقي ،الإسلام فكرا ومنهجا وتاريخا من السمو الروحي والقدسية،والتسامح  والتعايش مع الآخرين ،واحترام أديانهم وعقائدهم ومذاهبهم وقومياتهم وآمالهم ،لذلك فشل الإسلام السياسي فشلا ذريعا في منطقتنا العربية،ولم يعد الشارع العربي يحتمل أخطاء وخطايا حكم الإسلام السياسي،وتعود لأسباب الفشل في برنامج الاحزاب وايدولوجيتها ونظرتها الضيقة لمتغيرات الأحداث والعصر ،فجاءت كأحزاب عارية مهلهلة ،إلا من فكرها العفن النتن الضحل الطائفي والتكفيري الضيق الأفق ،لهذا وأقولها بثقة أن الجماهير في هذه الأقطار وفي غيرها قد ضاقت ذرعا منها ،بل واحتقرتها لأفعالها وفشلها في تقديم ما تطمح له الجماهير من رقي ورفاهية وامن واستقرار وكرامة ،فوقعت هذه الاحزاب في شر عملها وثارت عليها الجماهير مرة أخرى لإزالتها عن المشهد السياسي ،وقد بدأت في مصر وتتجه الآن الى تونس والعراق وليبيا في صحوة ارتدادية واضحة ،وتقف خلف كل هذا قوى عالمية أمريكية  وأوربية وصهيونية عالمية ، تريد النيل من الإسلام الحقيقي لإسقاطه دوليا لتقدم للعالم إسلاما مزيفا وباهتا، وهو ما فعلته ادارة المجرم بوش في العراق وليبيا وإدارة اوباما في مصر وتونس ،إذن الإسلام الحقيقي هو المستهدف الأول في هذه الثورات المزعومة والمغلفة باسم الربيع العربي،  وما هو إلا خريفا عربيا يدفع ثمنه الشعب العربي دما طهورا في الاقتتال والاحتراب الداخلي بين أبناء الشعب الواحد ،يضاف الى هذه المؤامرة العالمية ويرافقها إشعال الحرب الطائفية العالمية على أسس دينية ومذهبية وعرقية وطائفية،ما يجري في سوريا والعراق والبحرين واليمن ولبنان ،إذن  الإسلام السياسي الذي  استلم السلطة في بعض الدول العربية بفضل أم الاحتلال الأمريكي أو بفضل الربيع العربي المزعوم  ،هو إسقاط وسقوط معا يشهده الربيع العربي …انتظروا إسقاط الآخرين قريبا ،وعلى شاشة تونس والعراق وليبيا وغيرها ……

أحدث المقالات

أحدث المقالات