23 ديسمبر، 2024 8:12 ص

الإستقالة والإقالة وما بينهما   

الإستقالة والإقالة وما بينهما   

بعد فاجعة يليق بها بحق تسمية “فاجعة العصر” .. فاجعة الكرادة الأليمة, لحقتها فاجعة أخرى لاتقل عنها بشاعة فضلأ عن محمولاتها الأخرى .. فاجعة بلد, إستقال عندنا وزير (الداخلية) وأقيل جنرال رفيع المستوى (قائد عمليات بغداد). الأمران مختلفان من حيث الثقافة التي نحملها عن الحكم والسلطة والسلطان والتسلط والمسؤولية والتكليف. فالوزير  قدم إستقالة مشروطة (إصلاح المنظومة الأمنية). هذا يعني أن الأمر لايتصل بثقافة الإستقالة التي تكاد تكون معدومة عندنا(مازلنا مخبوصين بأول إستقالة بعد عام 2003 تلك هي إستقالة وزير حقوق الإنسان في وقتها الدكتور عبد الباسط التركي الذي منح بعدها واحدأ من أخطر مناصب الدولة العراقية منذ تأسيسها عام 1921 وحتى اليوم وهو رئيس ديوان الرقابة المالية).
رئيس الوزراء إستجاب للشطر الأول من خطاب الوزير الموجه اليه وهو الإستقالة التي قبلها كما قال في اليوم نفسه دون أن يختار كالعادة البديل الذي ربما وهو ماحصل في حالات كثيرة بعد عام 2003 أيضأ معلقا في الهواء. أو يجري التكليف بالوكالة الذي هو مثلما يقول الخصوم والشركاء سبب كل كوارثنا ومصائبنا. عقب الموافقة على الإستقالة دون البت بمصير المنظومة الأمنية الفاشلة من وجهة نظر وزير الداخلية والمسكوت عنها من وجهة نظر رئيس الحكومة الذي بت بها  بسرعة غير متوقعة على غير جري عادته (وزراء كثر من بينهم وزير النفط عادل عبد المهدي والتعليم العالي حسين الشهرستاني أعلنوا إنهم تقدموا منذ شهور بإستقالاتهم للعبادي دون أن يبت بها) مما يجعل في أمر قبول إستقالة وزير الداخلية وكإن فيها “إن” على الطريقة العراقية.أقول والعهدة علي لا على الراوي ولا العاني إنه بعد البت بالإستقالة ظهر وزير الداخلية معترضأ على القصة كلها محملأ رئيس الحكومة وعمليات بغداد مسؤولية الخرق والخلل الأمني. بعد يومين وعلى إثر توالي الإتهامات وتبادلها في الوسطين الحكومي والبرلماني جاء قرار العبادي بإقالة قائد عمليات بغداد وقادة امنيين بارزين في العاصمة في خطوة تمكن خلالها من إستعادة زمام المبادرة بيده بعد كثرة ماوجه اليه من نقد سواء بشان التهاون في المحاسبة أو عدم فك التداخل في الصلاحيات.  
في كلتا الحالتين .. إستقالة الوزير المشروطة وإقالة قائد العمليات لم يات الأمر عل خلفية تحمل المسؤولية من أي طرف. الوزير في مؤتمر صحفي آعلن عدم مسؤوليته وقائد العمليات التزم الصمت. للوزير ربما بعض الحق في جانب لكن كان عليه حتى لايتعرض لهذا المستوى من الإحراج بعد الذي حصل في الكرادة أن لايتسلم موقعا ليس له فيه من الأمر شئ. لو كان رفض تولي المسؤولية  لسجل موقفا تاريخيأ ولساعد على فك التداخل ولما حصلت هذه الكارثة الأكبر في تاريخ العراق بالإضافة الى ما قبلها من كوارث فظيعة هي الأخرى لكن “أرحم” منها.. تصوروا صرنا نترحم على  حجوم الكوارث التي قال السياب أن بعضها أهون من بعض  ” لك الحمد مهما أستطال البلاد ومهما  إستبد الألم.. لكن الحمد أن الرزايا عطاء وأن المصيبات بعض الكرم”.