تظل الأسئلة المحيرة والمغيظة لدى القاطن فى الدول التى تٌحكم من قبل حكومات فاسدة وسياسيين فاسدين هي :-كيف يحافظ الفاسدين على مكانتهم فى الحكم ؟و كيف أن الناس يظلون يصوتون لهم ويساندونهم كل مرة؟ وكيف أن هؤلاء السياسين ينجحون في إقناع الجماهير دائماً ؟.
نحن القاطنين فى العراق، ولا أقول المواطنين لأننا هنا وبكل تأكيد لانتمتع بحقوق المواطنة المنصوص عليها فى القوانين الدولية وحتى التى نص عليها الدستور العراقى التى بقيت مجرد كلماتٍ فى ثنايا اوراقٍ منسية لايلتفتٌ اليها حتى كتابها، فنحن المثال الحي لأصحاب تلك الأسئلة.
فبرغم من أن الحاكمين فى هذا البلاد ولا أستثنى أحداً منهم حين أقول هذا، مشهود لهم بالفساد والفشل والغباء وحتى أنهم لايبذلون جهداً فى إخفاء فسادهم وفشلهم التى هى على رؤسِ الأشهاد وفي العلن وبرغمِ هذا كله نرى أنهم قابعين على سدة الحكم و منذ سنوات يتناوبون على المناصب و ينتقلون من كونهم مشرعين الى منفذين وقضاة وحكام والعكس بالعكس ونراهم كل يوم فى مكانة اكبر من التى قبلها وحين نرى أنهم أزيحوا أو تواروا عن الأنظار وأختفوا من الساحة السياسية نراهم يعودون بهيأة جديدة اغنى واقوى و بالطبع أكثرفساداً من ذى قبل.
فنراهم يوماً قضاةَ يتحولون بلعبة سحرية أسمها الأنتخابات الى أعضاء برلمانين وبعدها وزراء و مستشارين و رؤساء هيئات مبتدعة من العدم مفصولة على هاماتهم تفصيلاَ، وفى ظل هذا اللغط المسمى إدارة شئون البلاد نرى أحدهم يكون حينا رئيساً للوزراء و حينا نائبا وحيناً وزيراَ للنفط و حينا وزيراً للخارجية والتعليم والأوقاف والسياحة والقائمة تطول وحتى أن بعضهم ينتقد أداء وزارةٍ معينة ناسياً أنه كان وزيراً لها منذ وقتً قليل وهذا من كثر إشغاله للمناصب، وكل ذلك ولا مؤهل تسندهم فأكثرهم لايملكون أى مؤهل علمى أو معرفى أو حتى تجريبى وإن إمتلكوا أي مؤهل فهو مشكوك فى أمره كما تبين فى مراةٍ عديدة.
وبالعودة لأسئلتنا التي سألناها فى البداية إذا كيف أن هؤلاء المحسوبين سياسين تجاوزاً، قادرين على إقناعنا فى كل مرة بالتصويت لهم؟ وما هو سلاحهم السرى والسحري المستخدم الظامن لنجاحهم كل مرة؟ وهم مليئين بكل هذه العيوب و الهفوات ومرتكبين فظائع ترتقى فى كثير من الأحيان الى مرتبة الجرائم، ومع أن المفروض والصحيح أن يحاكموا نراهم يحكمون .
الجواب قد يكون مختلفا من شخص الى أخر فقد يقول البعض أن هذا لسلاح هو سلاح المال السياسى وقد يقول الأخر التزوير بالإنتخابات و قد يقول آخر القوة العسكرية والخ………..و كل هذه الإجابات صحيحة ولا غبار على صحتها إذ إن قوة الأسلحة المذكورة لايستهان بها إطلاقاً ولكن بالاخير السلاح الأساسي والمهم والخطير والممتص لقوة بقية الأسلحة التى لولاه لما تمكن الأسلحة الاخرى من التأثير فعلياً هو سلاح الإستغباء الموجود لدى سياسيينا كما لدى سياسي الدول المتخلفة عموما .
فلو لا وجود هذا السلاح القوى والمؤثر لدى السياسين ووجود الأرضية الخصبة لإستخدامه لما تمكنوا من الصمود، فكلما أحسو أن نجمهم بدأ بالأفول و جرائمهم بدأت تنكشف و الغطاء قد إنزاح عنهم لجأوا الى هذا السلاح القوى والمدمر.
ولكن كيف يستخدم؟. لعل قصةً حقيقة سمعتها من صديق و سارويها بإختصار قد تلخص طريقةً من طرائق أستخدامه وهو(أن رجلاَ سرق سيارة من رجل قريبٍ له فى التسعينات ولم يعرف فى حينها من سرق السيارة ولما إغتنى السارق أراد أن يكفر عن ذنبه فذهب الى قريبه وأخبره بالقصة كاملةَ شارحاً له أنه كان في عوزٍ حينها وسأله أن يغفر لة ذلك. ومن طيبة الرجل صاحب السيارة فعل و بالمقابل أبدى السارق رغبته فى التعويض عن مابدر منه من سوء وأصر على ذلك ورغم ممانعة صاحب السيارة من تقبل أى عوض والإكتفاء بالإعتذار لم ينل من إصرار السارق، ولأن الرجل صاحب السيارة يمتلك قلباَ طيباً وكان فرحاً بتوبة قريبه رضخ للطلب، فأخذ السارق الرجل الى معرضً للسيارات طالبا من الرجل أن يجلب معه وثائقه القانونية لتسجيل السيارة ففعل الرجل وعند وصولهم الى المعرض طلب السارق من الرجل أن يختار سيارة فأختار الرجل سيارة تكسى بسيطة مما أغضب السارق وأصر أن يختار الرجل سيارة ذا قيمة عالية بعد الإلحاح إختار السارق هو بنفسه سيارة من نوع (ليكسيس ) للرجل قريبه وطلب منه تقديم وثائقه لصاحب المعرض والبقاء هناك حينما يجرب هو السيارة للتأكد من متانة السيارة و خلوها من العيوب، وهكذا فعل، وذهب السارق بالسيارة ولم يعد وظل الرجل منتظراً طويلاَ ولأن السارق لم يظهر أدرك الرجل حجم المصيبة التى وقع فيها وأنه قد أستغفل من قبل شخص يعرفه جيداً ويعرف أنه لارجاء فيه ولكن مع ذلك وقع فى شركه هذه المرة أيضاً). وهكذا يعود السياسيون في كل مرة أيضاَ واعدين أنهم سيعوضوننا ماسببوه لنا من مأسي وخراب ويبدون التوبة والندم ويحملون بعضهم البعض مسئولية ما حدث ويحملون لواء الإصلاح والصلاح ويلمعون صورهم المتصدأة ونحن من (طيبتنا) نصدقهم ويسببونا لنا المزيد من الخراب.
وطريقة إستعمال أخرى لهذا السلاح هو خلق أعداء وهميين لنا و إيهمنا إننا في خطرٍ داهم وأن لولاهم لأكلنا الذئب مع أن الأعداء الذين يتكلمون عنهم هم حلفائهم وشركائهم ومتقاسمين معهم الأدوار لأيخافنا والقوة التي يتشدقون بها هي قوتنا ونحن الذى نحميهم وليسوا هم من يحموننا وحتى أنهم يصدروننا لنٌقتل(بضم النون) بدلاً منهم فى الكثير من المرات.
وأخيراً وليس آخراً طريقة عرض المال فهم عند الحاجة الملحة يعرضون المال لشراء ولائنا وأصواتنا من مالٍ هى بالأساس مالنا ومايرموه لنا مهما كان كثيراَ ما هي إلا فتات مانهبوه منا. وهكذا صمدوا ويصمدون مستعملين سلاح الإستغفال و مستغلين (طيبتنا) أو لنكن صريحين غباءنا.