23 ديسمبر، 2024 6:19 ص

الإستراتيجية المطلوبة في العمل السياسي التركماني !

الإستراتيجية المطلوبة في العمل السياسي التركماني !

قبل الولوج إلى هذا الموضوع لابد لي أن أقدم اعتذاري للقيادات والأحزاب والمؤسسات  السياسية التركمانية  لأنه قد يكون طرح الموضوع ليس في أوانه لكن للضرورة أحكام   ولأجل وضع أسس صحيحة للإستراتيجية  التركمانية  . وفي ومضة الحقيقة لابد أن نؤكد بان التخطيط الاستراتيجي هو الذي يؤكد دائما ضرورة وجوده في كافة مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والسياسية ومن هنا تأتي أهمية وجوده في العمل السياسي كونه قادرا على توقع ما يمكن حدوثه ومواجهة المخاطر والمفاجآت . إن الهدف من أي قراءة إبداعية هو الاحتفاء بموضوع المقالة لأهميته واستنطاق محتواها ضمن مستويات الفهم والتحليل ثم الوصول إلى رؤية حقيقية وهي خلاصة الفهم الشامل للقراءة الدقيقة في نواحي الدلالة والقصد والغاية من كتابتها في هذا الوقت بالذات . وللتخطيط الاستراتيجي أفقا زمنيا ولكن ليس في قصير النظرة إي في ضيق الأفق الزمني وربما العقلي في العمل السياسي وإنما طول المدى أو اتساع الفترة الزمنية يمكن استشراف صور المستقبل والقضاء على ما يحمله من مخاطر . بهذا الصدد فلابد أن نعرج قليلا للقضية التركمانية والتخطيط الاستراتيجي المطلوب في نشاطه السياسي ، فالإستراتيجية المستخدمة وهي تمثل الخط العام لأي كيان الذي يسير عليه ويحتاج هذا الكيان أو ذاك إلى مراجعة منهاجه وبرنامجه السياسي ومن ثم يقرر ما إذا كانت بحاجة إلى تعديل أم لا ؟ ثم يقرر رؤيته باتجاه  المستقبل . لان مراجعة أوراقه وبرامجه الماضية والسعي للتعديل من أولويات التفكير الاستراتيجي . وفي حقيقة الأمر إن التجربة التركمانية في العملية السياسية العراقية للعشر سنوات الماضية أثبتت بشكل واضح وجلي إنها فاقدة للرؤية السياسية في الخارطة السياسية العراقية والإقليمية معا بسبب قلة التجربة وضعف في نضوجها السياسي وعدم وضوح في مناهجها السياسية والفكرية وقدرتها على إعادة تنظيم تشكيلاتها وتنظيماتها الإدارية والحزبية وحشدها باتجاه الفعل الايجابي المطلوب لانجاز ما لم يتحقق انجازها ، وان عدم نجاح الأحزاب والمؤسسات السياسية التركمانية في أداء مهامها القومي والسياسي  يعود  إلى عدم وجود الإستراتيجية الواضحة للسياسة التركمانية لان نظرة القيادات السياسية التركمانية للعملية السياسية  نظرة آنية وقصيرة النظر المتأتية من قلة الخبرة الحزبية والتجربة السياسية ثم الاعتماد على الإرادة السياسية لبعض الأطراف التي تبحث مصالحها الخاصة فقط  دون مصلحة شعبنا التركماني ودون اهتمام للمستقبل السياسي التركماني أهمية كبيرة بالإضافة إلى ذلك عدم توفر الإرادة السياسية المطلقة لدى المجتمع التركماني ولهذه الأسباب لم تحقق النخب السياسية التركمانية نجاحا باهرا في عملها السياسي ، ولابد أن نؤكد بان غياب الإرادة السياسية من غياب الرشد والاستشارة والمشورة في التخطيط والعمل . فالقيادات السياسية التركمانية بحاجة إلى صنع الأمل للجماهير والاعتماد على القدرات الذاتية في التفكير والتخطيط وعليه أن تطلق أقصى طاقاتها وتفعيل آلياتها ، والأمل يحتاج إلى العناصر والأركان الأساسية  اللازمة لصناعته ويتطلب أيضا الحفاظ على سلامة الوعاء القومي والتمسك بثوابتها الوطنية والقومية بالإخلاص والصدق والمحبة والتفاني والتعاضد والتعقل بمعطياتها الحاضرة  ولكن هذا لا يكفي وإنما على أحزابنا وجميع مؤسساتنا الحزبية ومنظمات المجتمع المدني أن تلد رموزها ومثقفيها ومفكريها القادرين على استيعاب مرحلتها لاستثمارها أحسن استثمار في مشاريع العمل السياسي بالأمل  بما يتلاءم حجمنا وثقلنا السياسي والاجتماعي في العراق فالحياة السياسية لأي مجتمع أو كيان أو حزب تستدعي طاقات قيادية متفائلة وقادرة للوصول إلى الأهداف المركزية المرسومة وفق التخطيط الاستراتيجي المخطط لها . إذن فالحياة أمل فلابد أن تصنع قيادة سياسية ذات طاقات أمل مطلقة واثقة ومتدفقة بالتفاؤل والرجاء من الشخصيات السياسية والمثقفين والمفكرين أصحاب الفكر والعقيدة وأصحاب التجربة النضالية  رغم إنها خطوة متأخرة ،  لكن يجب وليس كما ينبغي أن نؤكد إننا ليس عيبا أن نراجع أنفسنا أولا لإيجاد الحلول وإعادة ترتيب أوراقنا ثانيا ، والعمل على وضع الرجل المناسب في المكان المناسب وفق هذه القاعدة المعمولة بها عالميا نحن بحاجة ماسة إلى إيجاد إستراتيجية قومية شاملة وصولا إلى هذا المفهوم  . إن أساسيات القيادة لابد أن تستند إلى الأركان المهمة ومنها الكوادر البشرية والاقتصاد المتين والعقل السياسي الناضج ووحدة الخطاب السياسي عند ذلك تكون رؤيتنا واضحة وناجحة لمستقبل شعبنا في مواجهة المخاطر والتحديات التي تعترض مسيرتنا . نخلص ما تقدم بان تكوين أو وضع أسس إستراتيجية قومية هو في الأصل علم وفق استخدام وتطوير العمل السياسي لتحقيق الأهداف أو الوصول إليها وعلى أن تطبق هذه الإستراتيجية في حالتي السلم وفي الأزمات ولاسيما الإستراتيجية الأمنية هي إحدى أهم الركائز القيادة الناجحة .
وما دفعني كتابة عن هذا الموضوع الحساس والملح مجددا وضوح التراجع السياسي والإداري والأمني لمستوى الأحزاب والمؤسسات السياسية التركمانية وبقائها  معزولا عن الشارع التركماني نوعا ما   أدى إلى حدوث فجوة بين القاعدة الجماهيرية والقمة السياسية للمرحلة الحاضرة دون تحقيق نتائج ايجابية تريح النفس وتعطي أملا للجماهير المتعطشة لمثل هذه النتائج ، و نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة خير شاهد على ذلك وعدم قدرة القيادة التركمانية في اتخاذ القرارات المصيرية تجاه الأوضاع الراهنة في العراق دون إعلان موقفها الفعلي الحازم على ما يقع على شعبنا التركماني من الظلم والتهميش والتهجير والتدمير والترحيل ألقسري . وفي سياق متصل إن ما يحدث اليوم في الشارع السياسي التركماني من تناحرات ومناكفات والتناطح الإعلامي  بين مختلف الشخصيات السياسية التركمانية التي تنشر في بعض المواقع والفيس بوك  بين فترة وأخرى ليس خافيا للشارع الإعلامي وجعلنا في حيرة من أمرهم وكيف لنا أن نصفهم وهم بالأمس كانوا يمثلون نفس القيادة التركمانية  ، إن مثل هذه الحالات أفقدت ثقة المواطن التركماني بقيادته مع أنهم شركاء في المسؤولية . أيها السياسيون التركمان نوابا كنتم أم رؤساء أحزاب أو وزراء شيعية أم سنية الولاء إنكم مسئولون أمام الله وأمام الشعب عن راحة الطفل التركماني المسفوح دمه المدمر منزله والمهجر أهله كل هذه المواقف شاهد على ما أقول  ، لم يعد باستطاعة الشعب التركماني أن يعطي المزيد من نذور الدم التركماني . كم نحن بحاجة إلى العقلية القيادية الجماعية بمواصفات زعماء خلدوا التاريخ بمواقفهم الوطنية والقومية تركوا بصماتهم يذكرها القاصي والداني  . واليوم نحن نتألم على ما ألت إليه أوضاعنا المأساوية بكافة أوجهها المزرية وما مر بنا من أزمات وويلات ونكبات وما رافقها من هموم وأحزان وآلام نبكي على أهلنا في جغرافيتنا الذين هجروا وتركوا ديارهم ودمرت منازلهم وقراهم عن بكرة أبيها وهم يعيشون في العراء حفاة عراة بصفة مهجرين مزقتهم وشردتهم رصاصات الإرهاب وغارات الظلم وقنابل الطائفية ونحن اليوم بحاجة إلى عقد مؤتمرات واجتماعات على مستوى  الأحزاب والمؤسسات ومنظمات المجتمع المدني وأصحاب الفكر والثقافة والباحثين وأهل الاختصاص من القانونيين والشخصيات المرموقة من الشارع التركماني لدراسة الوضع  التركماني السياسي بعمق وبتفاصيلها الكاملة لننقذ أنفسنا من وحل التفرقة والانقسامات والطائفية والعنصرية والمذهبية المقيتة المنتشرة في العراق وتقرير مصيرنا في الخارطة السياسية العراقية ، ولا يخفى عليكم  بان الأطراف الخارجية والإقليمية المسؤولة من منظمات دولية ومنظمة الأمم المتحدة والاتحاد الأوربي ومجلس الأمن الدولي والولايات المتحدة الأمريكية صاحبة الكلمة في الشأن السياسي العراقي وخاصة ممثل العراق الدائم لدى الأمم المتحدة الذي بدا يمارس الانتقائية حسب توجهاتهم السياسية في ذكر ما يتعرض لها  الشعب التركماني من جرائم القتل والتهجير وقد أهملت مساعدتنا بكل جوانبها . وكل هذه الأسباب أجبرتني  اطرح هذا الموضوع أمام الرأي العام التركماني لمعالجة الأمر وإيجاد الحلول اللازمة لها منتظرا منهم الإجابة  والمشورة ومستوى الطرح من حيث الزمن والظرف السياسي العراقي عامة .