18 ديسمبر، 2024 10:19 م

الإستحقاقات التقاعدية للمستقيل

الإستحقاقات التقاعدية للمستقيل

القسم الأول
كثرت الأقاويل ولأسباب سياسية غير مهنية أو بسبب العجالة في بيان الرأي ، عن المستقيل وإستحقاقاته التقاعدية المتمثلة بالراتب التقاعدي ، أو المكافأة التقاعدية البديلة عن الراتب التقاعدي ، أو المبلغ المقطوع الذي يتقاضاه المتقاعد عن خدمة تقاعدية لا تقل عن (10- أقل من 15) سنة . المحددة شروط إستحقاق كل منها في قانون التقاعد الموحد رقم (9) لسنة 2014- المعدل . الذي أخفق في تحديد المقصود بالموظف ، حين النص ولأغراض تطبيقه على أنه ( كل شخص عهدت إليه وظيفة مدنية أو عسكرية أو ضمن قوى الأمن أو مكلف بخدمة عامة ، والذي يتقاضى راتبا أو أجرا أو مكافأة من الدولة وتستقطع منه التوقيفات التقاعدية ) . وكما هو وارد في نص المادة ( 1/ سابعا ) من القانون المذكور ، حيث الدمج والخلط غير المتجانس بين فصائل الخدمة المدنية والعسكرية والأمنية ، وما يتصف به منتسبوها من عناوين الخدمة العامة أو الخاصة المختلف تصنيفها في ملاك كل منها ، ومن ثم ضم من يتم إنتخابهم أو تعيينهم لتولي مسؤوليات السلطات العليا الثلاث في الدولة إليهم ، من خلال عناوين المناصب التي تبعدهم عن وصفهم بالموظفين ، لعدم وجود تلك العناوين في الجداول الثلاثة الملحقة بقانون الملاك رقم (25) لسنة 1960- المعدل ، أو في غيرها من أصناف ملاكات الخاضعين لقواعد الخدمة المتلائمة مع مهام وواجبات كل منها حسب نظام تشكيلاتها الإدارية أو الفنية المختلفة . ومن دون مراعاة التمييز بين أولئك وبين ذوي المناصب من الرؤساء ونوابهم والوزراء وأعضاء مجلس النواب ، ومن بدرجتهم وصنفهم من غيرهم مثل رئيس ديوان الرئاسة ، ورئيس المحكمة الإتحادية العليا ، ومحافظ البنك المركزي العراقي ، الخاضعين لقواعد الخدمة الخاصة المتناسبة والمنسجمة مع متطلبات تنفيذ المهام والواجبات الخاصة الموكلة إلى كل منهم . ولعل فصل الخطاب في هذا مع تأييدنا المطلق لوحدة التشريعات المتماثلة ، أن تكون تفاصيل الإستحقاقات النهائية للخدمة لتلك العناصر ، حسب مهامها وواجباتها في أبواب وفصول وفروع مستقلة بعضها عن البعض الآخر ، ضمانا للحقوق الخاصة بكل منها ، وحماية لها من التأثيرات الجانبية والسلبية الناتجة عن إختلاط الخصائص المختلفة لكل منها . ما دامت الإستحقاقات تدور في إطار فلك ناتج مدة الخدمة التي تحتسب لأغراض التقاعد بموجب أحكام هذا القانون أو أي قانون آخر ، والمستوفى عنها التوقيفات التقاعدية .

إن حركة العاملين في دوائر الدولة وبمختلف المواصفات والعناوين ، تجري مستمرة وبالتداول السلمي غير المحدد أو المتفق عليه مسبقا في روافد وأنهار الخدمة العامة فيها ، مع إختلاف مستوى ونوع الجهد الفكري أو البدني المبذول في سبيل نيل الإستحقاقات أثناء مدة الخدمة وما بعد إنتهائها ، تلك النهاية المختلفة من حيث الأسباب والنتائج والمسميات ومنها الإستقالة ، التي خضعت لمفاهيم وإجتهادات متعددة ومختلفة ، بفعل مؤثرات التوجهات السياسية الحاكمة للبلدان ، التي تفتقر إلى المهنية الخالصة في معظم الأحيان ، محدثة موانع وعقبات وعراقيل متسببة في وجود الخلل الدائم والداعم لعوامل عدم إستقرار قواعد العمل المنظم ، المؤدي إلى عدم وحدة الإجراءات الضامنة لصحة وسلامة التطبيق والتنفيذ اللازمين لمفاهيمها .

فالإستقالة في القانون الإداري بالنسبة للموظف ، هي ( إنهاء خدمته برغبته وإرادته ) سواء كانت بناء على طلبه التحريري ، أو إعتباره مستقيلا من الخدمة لتركه لها وإستمرار إنقطاعه عن الدوام الرسمي بإرادته ، أو بسبب رد الفعل السلبي الناجم عن عدم الموافقة على قبول طلب إستقالته ، وذلك يعني أن الموظف المستقيل فاقد لمركزه الوظيفي برغبته وإرادته ، وهو بذلك المتنازل عن حقوقه بإختياره ، ولأن الإستقالة مظهر من مظاهر إعتزال الخدمة التي لا يترتب بعدها شيء ، إلا إعادة تعيينه إن توفرت شروطها فيه ، ولإعتبار الإستقالة من بعض معايير الموازنة بين الحقوق والواجبات ، من خلال التوفيق بين المصلحة الشخصية المتمثلة في حق الموظف في الإستقالة والإنصراف لتحقيقها بالوسائل والسبل الخاصة ، وبين المصلحة العامة المتعلقة بالحفاظ على دوام سير المرافق العامة بإنتظام وإضطراد كما عرفها القضاء الإداري الفرنسي ، فإن الدفع بإتجاه تحقيق منافع ومكاسب مادية شخصية على حساب المصلحة العامة ، بإستغلال وطأة الظروف الإستثنائية في التشريع والتنفيذ ، يتنافى ومباديء الوظيفة العامة وأسس قواعدها الثابتة . وكل ذلك فيما يخص من هو على الملاك الدائم للحكومة وكان له عنوان وظيفي في الجداول الثلاثة الملحقة بقانون الملاك رقم (25) لسنة 1960- المعدل ، ويخضع لقواعد الخدمة العامة ، وليس ( كل شخص جرى التعاقد معه وتوفرت فيه شروط التوظيف المنصوص عليها في قانون الخدمة المدنية رقم (24) لسنة 1960المعدل ) . لأن الأصل تعيين من توفرت فيه شروط التوظيف على الملاك الدائم ، وليس إستمرار عمله بما جرى عليه التعاقد معه إلى حين إحالته إلى التقاعد ، وإن كان خلاف الأسباب الموجبة لذلك ، المتمثلة في إستثمار كادر الموظفين التنفيذيين في الملاك الإفتراضي للمتقاعدين ، لما يمتلكونه من خزين المؤهلات الإدارية والعلمية والفنية المتخصصة عمليا مهنيا ، القادرة على سد الفراغ والعجز المؤقت في ملاكات العاملين في دوائر الدولة كما ونوعا ، من خلال الأداء العملي المباشر أو تدريب العاملين وتطوير كفاءاتهم ومهاراتهم العملية ، لغرض إستمرار الدولة في ممارسة نشاطاتها وإنجاز أعمالها .