بعد الاستنكارات العراقية المتكررة والنية لتقديم شكوى الى مجلس الامن ضد تركيا بسبب دخولها إلى الأراضي العراقية ..قامت تركيا بنشر خارطة جديدة لعراق مجزأ . .وهي رسالة إليه مفادها ،أنهم سيقومون بتجزئة العراق في حال رفضه للعملية التركية .
لا شك أن استعادة خارطة الدولة العثمانية هي من الأهداف التي باتت معلنة للسيد أوردغان وحزبه . لكن ولتحقيق أي هدف لا بد من ذريعة . .وكثيرا من الذرائع يجري انتظارها عشرات السنين إلا في الوطن العربي حيث خدمة تقديمها تجري بسرعة فائقة وبالمجان . لقد تكفل بتسهيل المهمة العملاء من الإخوان المسلمين ، كما يجري الآن في ليبيا . وشمال غرب سوريا .
أما الحركة القومية الكردية في شمال شرق سوريا وشمال العراق قدمت هذه الذريعة أيضاً .
لماذا لم تقم الحكومات المتعاقبة في العراق بتأمين حدود العراق المخترقة من جميع الجهات ؟
السبب هو الانشغال برعاية الفساد سواء في بغداد أم في اربيل ،وترك مصير البلاد إلى أحكام القدر.
إن بغداد الغارقة بالمشاكل المختلفة غير قادرة ابدا على تحرير المناطق المحتلة بالقوة . .ولا ترغب للآن في اتخاذ إجراءات دبلوماسية واقتصادية ضد تركيا ، وخاصةً ان حجم التبادل التجاري معها يصل إلى 16 مليار دولار(أكبر مما هو عليه مع إيران ) . إذا ما استخدم هذا السلاح سيكون فعالا جداً بوجود الأزمة الاقتصادية الحادة وانخفاض سعر صرف الليرة التركية وتعطل السياحة فيها بسبب جائحة كورونا .
إن إخراج القوات التركية من الأراضي العراقية يمر عبر بسط سلطة الدولة على كل جزء من البلاد ، وبالتأكيد بسطها في كردستان ، وهذا يواجه معارضة قوية من السلطات الكردستانية .كون لا يمكن للقوات العراقية أن تدخل إلى كردستان دون موافقتها و قوات الإقليم(البيشمركة)لم تحرك ساكناً للآن في التصدي للتدخل التركي. هذه السلطة ، التي تستقوي على السلطة الاتحادية فقط ،ولا تقوم بإخراج حزب العمال الكردستاني التركي من الأراضي العراقية .
سلطة الإقليم مشغولة في العودة إلى المناطق المتنازع عليها ، يجب الإسراع بتعديل الخارطة قبل الانفصال ،وهكذا تعاني حكومة الكاظمي لأكثر من سبب للصداع.
إن ورقة الإرهاب ورقة رابحة جداً لدى أمريكا والغرب عموماً ولدى الدول الإقليمية أيضاً .
عادت أمريكا إلى العراق بحجة داعش، الذي اوجدته هي ،واحتلت شمال شرق سوريا واستحوذت على نفطها بذات الحجة .ودخلوا إلى ليبيا بهذه الذريعة كذلك ، والآن تدخل قوات البيشمركة إلى المناطق المتنازع عليها بحجة محاربة داعش -أليست إخراج القوات التركية أولوية ؟
من هذا سيكون الإرهاب “أثمن رأسمال “ولن سيفرط به ابدا . .
إن ترتيب الأوضاع في بغداد يكتسب أهمية مصيريةبالغة الضرورة . ولحين الوصول إلى هذه النتيجة لا يبقى إلا التفاتة القدر بأن يتجاوز العراق هذه المحنة .