23 ديسمبر، 2024 12:20 ص

الإرهاب والسيادة والوحدة الوطنية

الإرهاب والسيادة والوحدة الوطنية

بعد الاستنكارات العراقية المتكررة والنية لتقديم شكوى الى مجلس الامن ضد تركيا بسبب دخولها إلى الأراضي العراقية ..قامت تركيا بنشر خارطة جديدة لعراق مجزأ . .وهي رسالة إليه مفادها ،أنهم سيقومون بتجزئة العراق في حال رفضه للعملية التركية .
لا شك أن استعادة خارطة الدولة العثمانية هي من الأهداف التي باتت معلنة للسيد أوردغان وحزبه . لكن ولتحقيق أي هدف لا بد من ذريعة . .وكثيرا من الذرائع يجري انتظارها عشرات السنين إلا في الوطن العربي حيث خدمة تقديمها تجري بسرعة فائقة وبالمجان . لقد تكفل بتسهيل المهمة العملاء من الإخوان المسلمين ، كما يجري الآن في ليبيا . وشمال غرب سوريا .
أما الحركة القومية الكردية في شمال شرق سوريا وشمال العراق قدمت هذه الذريعة أيضاً .
لماذا لم تقم الحكومات المتعاقبة في العراق بتأمين حدود العراق المخترقة من جميع الجهات ؟
السبب هو الانشغال برعاية الفساد سواء في بغداد أم في اربيل ،وترك مصير البلاد إلى أحكام القدر.
إن بغداد الغارقة بالمشاكل المختلفة غير قادرة ابدا على تحرير المناطق المحتلة بالقوة . .ولا ترغب للآن في اتخاذ إجراءات دبلوماسية واقتصادية ضد تركيا ، وخاصةً ان حجم التبادل التجاري معها يصل إلى 16 مليار دولار(أكبر مما هو عليه مع إيران ) . إذا ما استخدم هذا السلاح سيكون فعالا جداً بوجود الأزمة الاقتصادية الحادة وانخفاض سعر صرف الليرة التركية وتعطل السياحة فيها بسبب جائحة كورونا .
إن إخراج القوات التركية من الأراضي العراقية يمر عبر بسط سلطة الدولة على كل جزء من البلاد ، وبالتأكيد بسطها في كردستان ، وهذا يواجه معارضة قوية من السلطات الكردستانية .كون لا يمكن للقوات العراقية أن تدخل إلى كردستان دون موافقتها و قوات الإقليم(البيشمركة)لم تحرك ساكناً للآن في التصدي للتدخل التركي. هذه السلطة ، التي تستقوي على السلطة الاتحادية فقط ،ولا تقوم بإخراج حزب العمال الكردستاني التركي من الأراضي العراقية .
سلطة الإقليم مشغولة في العودة إلى المناطق المتنازع عليها ، يجب الإسراع بتعديل الخارطة قبل الانفصال ،وهكذا تعاني حكومة الكاظمي لأكثر من سبب للصداع.
إن ورقة الإرهاب ورقة رابحة جداً لدى أمريكا والغرب عموماً ولدى الدول الإقليمية أيضاً .
عادت أمريكا إلى العراق بحجة داعش، الذي اوجدته هي ،واحتلت شمال شرق سوريا واستحوذت على نفطها بذات الحجة .ودخلوا إلى ليبيا بهذه الذريعة كذلك ، والآن تدخل قوات البيشمركة إلى المناطق المتنازع عليها بحجة محاربة داعش -أليست إخراج القوات التركية أولوية ؟
من هذا سيكون الإرهاب “أثمن رأسمال “ولن سيفرط به ابدا . .
إن ترتيب الأوضاع في بغداد يكتسب أهمية مصيريةبالغة الضرورة . ولحين الوصول إلى هذه النتيجة لا يبقى إلا التفاتة القدر بأن يتجاوز العراق هذه المحنة .