23 ديسمبر، 2024 5:32 ص

الإرهاب الفكري يولد الإرهاب الدموي

الإرهاب الفكري يولد الإرهاب الدموي

الجميع يتحدث عن أن الإرهاب يشكل الخطر الأكبر الذي يهدد الشعوب، ويرفع شعار محاربته، وأن الإرهاب الفكري والتطرف هو الشريان الذي يغذي كل أنواع الإرهاب، وعندما يحدث عمل إرهابي تنطلق خطابات الشجب والاستنكار، وتُعقد الجلسات الطارئة لبحث آليات جديدة بعد فشل سابقاتها لمحاربة الإرهاب، ومن المؤكد أن من بين أولئك المستنكرين والمتباكين والمجتمعين مَن هو داعم للإرهاب وحاضن له سواء أكان بصورة مباشرة أو غير مباشرة، فهو كالقاتل الذي يقتل القتيل ويمشي في جنازته،
نعم فالتطرف الديني أو المذهبي هو السبب في تفشي الإرهاب، الذي صار يُلصق بالإسلام بسبب المتطرفين والطائفيين والتكفيريين، فهؤلاء هم أدوات القوى الإستكبارية والإمبراطورية، عملت على ضرب الإسلام باسم الإسلام، أو اتخذت من الإسلام والمذهب مطية لتنفيذ مشاريعها ومخططاتها الخبيثة، من خلال دعمها واحتضانها وتسليطها لقادة ودعاة التطرف( الديني والمذهبي) ومنظريه ومروجيه،
لكن هذا لا يعني أن المجتمعات العربية والإسلامية بكل مستوياتها أفرادا وزعامات دينية أو سياسية أو غيرها، ومفكرين ومثقفين وإعلاميين وغيرهم، لا يعني أنهم خارج دائرة تحمل المسؤولية في نشوء الإرهاب وانتشاره عمدا أو غفلة، لأن أدوات الطائفية والتكفير، إنما نشأت في مجتمعاتهم وبلدانهم، وقد لاقت دعما وتأييدا، أو على اقل تقدير سكوتا، بل نجد في بعض الحالات أنها صارت هي من تتحكم في مصير الشعوب والأوطان كما هو الحاصل في العراق، الذي صار ساحة الصراع وتصفية الحسابات،والشعب هو الضحية.
 في مقابل ذلك قمع أو إقصاء أو تهميش كل صوت حقيقي صادق يدعو بالقول والعمل إلى الاعتدال والوسطية والسلام والتعايش السلمي التي تنطلق من عقيدة أن الدين رحمة للعالمين وتعايش واحترام حرية الرأي والمعتقد…، وليس قمع وقتل وإقصاء وتهميش وتمييز…، وفي طليعة تلك الأصوات هو صوت المرجع العراقي الصرخي الذي تشهد له مواقفه العملية وخطابات وبياناته الكاشفة بوضوح عن رفضه ووقوفه بوجه التطرف والطائفية والتكفير وتحذيره منها منذ اليوم الأول للاحتلال، فكان مما صدر منه هو ما جاء في خطابه الذي وجهه للشعوب العربية والإسلامية في حواره مع صحيفة «الشرق»، حيث قال: ((- لأبنائي وأعزائي الشعوب العربية أقول: احذروا الفتن احذروا الفتن احذروا قوى التكفير المتلبسة باسم الدين والمذهب والطائفة كذباً وزوراً، احذروا منهج التكفير القاتل مدعي التسنن، واحذروا منهج التكفير الفاسد مدعي التشيع، احذروا الإمبراطوريات وقوى الاحتلال التي تؤسس وتؤجج تلك الفتن، وعلى الجميع الوقوف بوجه هذه الأمواج الفكرية المنحرفة الدخيلة على الإسلام والمشوّهة لصورة الإسلام ومبادئه وأخلاقياته.)).
وعلى ضوء ما تقدم يتضح أن الشعوب العربية والإسلامية بكل مستوياتها تقع علي عاتقها مسؤولية التصدي للإرهاب وقطع جذوره واذرعه من خلال رفض الفكر الطائفي والتكفيري المنتحل للتشيع وذاك المنتحل للتسنن والتسنن والتشيع منهما براء، ودعم أصوت الاعتدال والوسطية، فالتشيع والتسنن لا يخلوان من تلك الأصوات المعتدلة، وبهذا نقطع الطريق أمام قوى الاستكبار والإمبراطوريات الهالكة وعلى رأسها إيران الشر، ومن يرتبط بهما، من أن تتلاعب بمصيرنا وأرواحنا ومقدساتنا.