23 ديسمبر، 2024 12:12 م

الإرهاب الفكري الوجه الآخر للاحتلال ..

الإرهاب الفكري الوجه الآخر للاحتلال ..

اعتاد الناس على معنى واحد للاحتلال وهو استعمار دولة بقوة السلاح لأراضي بلد آخر ووضعه تحت النفوذ والسيطرة العسكرية للدولة المستعمِرة .ولكن يبقى هذا الاحتلال يقف عند حدود الارض وما فوقها من موارد ، أما جوهر الانسان وما يفكر به وما ينتابه من مشاعر واحاسيس فهي خط احمر لا يتسلل اليها الاحتلال ..
وهنا جاء ما هو اخطر من الاحتلال ..ألا وهو الارهاب الفكري .
الارهاب الفكري ، يعني تجميد العقل وقتل الحريات وتكميم الأفواه ومصادرة كل حقوق الانسان في الابداع والتفكير واتخاذ القرار وحق الاختيار .. ليتحول الانسان الى (روبوت) ينفذ ما يؤمر به دون اي اعتراض او رفض ويجعله مملوكا” مستسلم الارادة لا حول ولا قوة له فيما يحدث حوله .
هو اخطر انواع الارهاب ، فهو يدمر الانسان من الداخل ويتمدد عموديا وافقيا” ليشمل المجتمع كله ، حتى يتقزم المجتمع وتصبح الفوبيا جزءا” من شخصيته المعنوية ، وتتحول الافكار المفروضة على العقل ، قانونا” ملزما” للتنفيذ بالقوة والاكراه والتخويف والابتزاز ، مما يجبر الناس على تزوير افكارهم وانفسهم فيسقطوا في قاع الخنوع والذل والهوان والعبودية .. حتى تتلاشى شخصيتهم المعنوية ليصبحوا مرغمين على تقبل كل ما يملى عليهم طائعين خاضعين تحت قوة الاكراه والتهديد والوعيد .
والمعنى اللغوي للارهاب : هو الخوف مع الحذر والاضطراب . وهو يجعل الانسان لا يرى لا يسمع ولا يتكلم ، فهو اغلاق باب العقل والتفكير والخنوع والاستسلام للآخر حتى لو تطلب الأمر القبول بالخطأ وقلب الحقائق ونكرانها ولجم الضمير والسكوت عن الباطل والاقرار بالظلم وغض البصر عن الغلط مهما كان نوعه وحجمه وتأثيره ..
اذن الارهاب الفكري يؤدي الى تدمير الدين والاخلاق ونسف الفضيلة وبالتالي فهو يدمر الانسان ويحول المجتمع من الحضارة والمدنية الى قانون شريعة الغاب .
والارهاب الفكري ليس من الضروري ان يمارسه المستعمِر ، بل الأنظمة الدكتاتورية هي الأكثر ميولا” لاستخدام هذا النوع من السيطرة على عقل وفكر الانسان..
وفي العراق اليوم ، نرى ونسمع عن مداهمات واعتقالات وملفات جاهزة لوضع أي عراقي تحت طائلة المادة 4 ارهاب .. والغاية من ذلك هي تكميم الافواه ومصادرة الاصوات المناهضة لفكر المالكي ودكتاتوريته الجديدة …
وهذا الاسلوب الذي يتبعه المالكي ، هو مؤشر واضح على فشله وافتقاره لمقومات العمل السياسي الصائب ، وهو دليل على خيانته للوطن مما يجعله يلوح بالعصا لكل من يعترضه ويستخدم ورقة الارهاب لكل من لا يقف جانبه ، وهو بذلك يطبق مقولة بوش الابن : ” كل من ليس معنا فهو ضدنا ”
ودور المثقف في هذه المرحلة الخطيرة ، ان يعزز ثقة الجماهير بحقوقها الانسانية ، ويكشف ويفضح اساليب المالكي الدنيئة ويرسخ من ثقافة المواطن وتمسكه بالوطن فالحاكم يفنى والوطن يبقى … والمجتمع مطالب بتحمل مسؤولياته في كشف الظلم والوقوف صفا” واحدا” لرفض الارهاب ومواجهته وصده بكل الاساليب المتاحة حتى يرعوي النظام او يتقهقر تحت ارادة الشعب المجاهد ..