11 أبريل، 2024 6:34 م
Search
Close this search box.

الإدارة المالية في الشركات النفطية

Facebook
Twitter
LinkedIn

كثير ما نسمع عن عجز الموازنة الاتحادية للدولة  بالرغم من التخصيصات المالية الضخمة المتأتية أساسا من بيع النفط الخام , والتي تصل إلى ( 113) مليار دولار سنويا , هذا العجز له تأثيرات سلبية على خطط الاستخدام والتوظيف وعلى مجمل الفعاليات الاقتصادية والتنمية الشاملة , مما يضطر الدولة إلى تغطية العجز عن طريق الاقتراض الداخلي أو التمويل من البنوك الأجنبية 0وبما إن الاقتصاد العراقي يعتمد بنسبة 93% من تمويله على إيرادات النفط فلا بد من إعادة صناعة النفط المتهالكة من خلال جلب رؤوس الأموال والخبرات الفنية لشركات النفط العالمية لمعالجة ضيق المؤن الوطنية وتنويع المصدر الجغرافي للدخل , وإيجاد وسائل لتحسين شروط التمويل وزيادة الإيرادات التي سوف تساهم في تطوير الاقتصاد العراقي الناهض نحو الإمام , على الرغم من أن عوائد النفط لا تمثل دخلا بالمعنى المتعارف عليه كونها غير قابلة للتجديد تلقائيا, لذا لا يمكن تخصيصها لتسيير المرافق العامة وإنما تخصص لبناء المصانع والمدارس والمستشفيات وكذلك لبناء الطرق والجسور والموانىء0000الخ , فلا بد من أحلال أصول رأسمالية أخرى محل الموارد النفطية القابلة للنفاذ0
ومع بداية الثورة الصناعية مطلع القرن العشرين والانفتاح التجاري العالمي , اهتم الناس بالحصول على حصص في الشركات النفطية الأمريكية العملاقة وشركات صناعات السيارات كمساهمين من اجل الحصول على الإرباح , من هنا بدء دور – الإدارة المالية – يطرح نفسه على باب التداول والنقاش بسبب التطورات الاقتصادية اللاحقة , فظهرت الأسواق المالية والبنوك الاختصاصية وشركات التمويل ومكاتب تصريف العملة والتحويل الخارجي والداخلي , وأصبح المسئول المالي في الشركات مطلوبا ضمن هذه البيئة المتغيرة ليعطي الحلول المطلوبة من خلال توفير سيولة دائمة وترك جزء منها لحالات الطوارئ تلافيا لتعرض الشركة إلى خسارة متوقعة , بعيدا عن موضوع المحاسبة والتكاليف وفصلها عن ثقافة المحاسبة وربطها بأسواق المال والبورصات والمصارف, وهنا لا بد من تعريف – الإدارة المالية- بمفهومها العام : هي نشاط يهتم بعملية حصول الدولة على الأموال اللازمة لتسيير المرافق العامة وضمان استخدام هذه الأموال بكفاية وفعالية ,إما تعريفها الخاص : هي الإدارة التي تختص بحيازة الأصول والأنشطة وإدارة النقد وتوفير التمويل اللازم لتمكين الشركة من القيام بنشاطها كما يجب , فهي تسعى لتحقيق أهداف اجتماعية تعود على المجتمع بالنفع والخير , وبالتالي زيادة الاستخدام والناتج القومي0وبما إن – الإدارة المالية – تركز في عملها على الإيرادات والمصروفات المالية وتوفير السيولة المطلوبة , فهي في الشركات النفطية مهمة لهذا الغرض , كون إيرادات النفط بحاجة إلى – إدارة مالية -وعقلية اقتصادية وخبرة طويلة في الإدارة , وجميع شركاتنا النفطية هي شركات إنتاجية بما فيها شركات الخدمة الفنية , لذا يكون تمويلها تمويل ذاتي من مواردها  ,يكون فيها رأس المال المتداول يغطي مصروفاتها السنوية مع بقاء فائض مناسب لحالات الصرف والطوارئ دون وجود خلل في خزينتها بحيث لا يتحقق عمل الشركة دون تمويل مالي كبير يحقق تدفقات نقدية قابلة للقبض بعد مراجعة الأنشطة التي ليس لها تدفقات نقدية وحذف العمليات غير الاستثمارية وبالتالي تحقيق الإرباح الواسعة وتوزيعها على العاملين  , ولكن مصادر التمويل تختلف من شركة إلى أخرى , وبما إن شركات النفط الاستخراجيه تنتج النفط الخام ويستخدم جزء منه للاستهلاك المحلي ويصدر الباقي خارج العراق , أذن هناك مصادر تمويل مباشرة من خلال بيعه للمصافي وتحقيق إيرادات داخلية أو بيعه خارج البلد وتحقيق إيرادات خارجية , لكن عمل الشركات تلك اختلف بعد أقرار عقود الخدمة الفنية حيث تحول التمويل من تمويل مباشر إلى تمويل غير مباشر يتمثل بالاستعانة بشركات النفط العالمية كممول للعمليات النفطية, لكن الطرق كلها تؤدي إلى نتيجة واحدة هي زيادة الإنتاج النفطي وبالتالي زيادة المبيعات وتحقيق التدفقات النقدية على مدى فترات زمنية مختلفة, بعد التأكد من إن المبالغ المرصودة للاستثمار كافية بشكل تام لتحقيق الأهداف المطلوبة لزيادة الإنتاج النفطي من خلال وجود استثمارات صيانة واستثمارات توسعية حسب الرقعة الجغرافية للحقل النفطي , فهناك حقول نفطية مرتبطة فيما بينها وتكَون مشروعات متكاملة وتبَني واحد منها يتطلب تبَني الأخر وبالعكس لأنها ترتبط بشبكة أنابيب تصريف واحدة مما يتوجب ضبط مصروفاتها المالية بشكل إجمالي وتقييم المشروع ماليا ليكون دور- الإدارة المالية – هو : مقارنة التدفقات الاستثمارية ( الدفعات المصروفة من قبل الشركات الأجنبية ) مع تدفقات الإيرادات ( مقبوضات بيع النفط ) دون الاعتماد على القواعد المحاسبية بشكل عام كون تلك القواعد تركز على التكاليف فقط , بينما هناك أنشطة ليس لها تدفقات نقدية لأنها داعمة للمشروع الاستثماري الذي يستمر العمل به عشرون عاما , بينما فترة حياته المالية قد تكون أكثر من مائة عام0 وعليه يكون واجب – الإدارة المالية – مراقبة الأموال المستثمرة في الفترة الابتدائية لبدء المشروع متضمنة المصاريف غير الملموسة مثل كلف الدراسات الفنية وتأهيل الإفراد , كذلك متابعة الأموال المصروفة في السنة الأولى للمشروع مثلا , حيث لاحظنا ومن خلال عملنا غير المباشر في متابعة عمل إحدى الشركات الصينية المستثمرة في حقول نفط ميسان , أنها لم تصرف من ميزانية عامي  2011و2012 سوى 17% و 18% من مبلغ التخصيص مما يؤثر سلبا على تنفيذ خطط العمل المرسومة , لان المبالغ المرصودة للاستثمار يجب إن يكون لها تأثير ذو مدلول على مستقبل الشركة وعكس ذلك تعتبر العملية وكأنها عملية تطوير أداري ليس غير , فنكون أمام خيارين أما الاستمرار بالاستثمار كما عليه , أو نقبل بتوقف العمل جزئيا , اذآ كيف تقييم – الإدارة المالية- هذا الحيد في الصرف وتعلل أسباب الإخفاق وتتجنب المطبات التي يمكن إن تترتب عن فسخ العقد وهوما يطلق عليه التدفقات السلبية التي تكون الشركة أكثر تأثرا بها في نهاية فترة الاستثمار0أن الميزانية العمومية المقدرة لتلك الشركات : هي عبارة عن خطة تمويل يجب دراستها والإعداد لها قبل بدء التنفيذ , فالخطة متوازية منذ البداية لأنها تهدف إلى تمويل الصناعة النفطية وتحقيق مساهمات في الأموال الخاصة من خلال امتلاكها مشروعات تطويرية تأخذ شكل مشاركات بسيطة يطلق عليها ( عائد الخدمة) أو ( رسم الأجر) مقابل الإنتاج التصاعدي للنفط الخام المنتج , إي هو عبارة عن عائد مالي لتلك الشركات نتيجة استثمارها أموال داخل العراق لتمويل القطاع النفطي وتطويره على المدى البعيد … بعيدا عن تداخل الصلاحيات الذي يربك عمل تلك الشركات , وان عدم وجود – إدارة مالية- واضحة لها معايير محددة قائمة على تبسيط الإجراءات وتقليص الكلف والوقت بالإضافة إلى متابعة بعض حالات الفساد المرافقة لعمل تلك الشركات الأجنبية والذي ينعكس سلبا على كلف أسعار المواد المشتراة مع طرح أنواع رديئة من المواد الداخلة في أعمال مشاريعها وصعوبة الحصول على شهادات منشأ عالمية لبعض تلك المواد0 من هنا كان لزاما على الشركات النفطية إن يكون لها عمق في فهم – الإدارة المالية –  لان مالية الشركة هي باختصار ضمان بقائها ونموها , بالإضافة إلى واجباتها الأخرى عليها متابعة صرف المال , بحيث يستحق أصحاب الوظائف إن يأخذ كل واحد أجره مقابل عمل فعال يؤديه , وبالتالي تحقيق الربحية المناسبة للشركة , فليس هدفها الرئيسي هو تعظيم الإرباح فقط وإنما متابعة الأنشطة غير المجدية على المدى البعيد مثل تقليل مصاريف الصيانة أو البناء العشوائي غير المبرمج وتقليل المخزون غير الضروري و تحجيم عدد العاملين من خلال وضع الرجل المناسب في المكان المناسب ومحاربة البطالة المقنعة وإجراء عمليات الترشيق للهيكل التنظيمي , مما ينعكس ايجابآ على الأداء الجيد للموظفين العاملين وبالتالي توزيع عائد الأرباح على أعداد اقل منهم 0وفي الوقت الحاضر تجاوز دورها حفظ الاوراق و السجلات وأعداد التقارير والإشراف على النقد وتحضير الرواتب وإنما أصبح يركز في الحصول على الأموال من مختلف مصادر التمويل واستعمالها بمختلف أنواع الأصول لما لها من علاقة وثيقة في مجمل نشاط الشركة مثل : الإنتاج والتسويق والتمويل , فهي تختلف عن المحاسبة كونها تهتم بتحليل البيانات بينما المحاسبة تهتم بجمع البيانات , وفي الشركات الكبيرة الحجم تتوزع المسؤوليات المالية بين عدة أشخاص متخصصين يتولون مراكز إدارية متقدمة كأن يكون في كل شركة نفط ( نائب المدير العام للشؤون المالية) يساعده شخصان ( المدير المالي والمراقب المالي) حيث يلعب دورا كبيرا في السياسة المالية والتخطيط المالي الشامل ويكون عضوا في مجلس أدارة الشركة لكي يقدم المشورة الفنية في الأمور المالية , وبصورة عامة فان شركات النفط الوطنية والحكومة المركزية والحكومات المحلية تتصل ببعضها البعض عن طريق سلسلة من العلاقات المالية , تعتمد فيها عمليات الشركة النفطية ودخل الحكومة المحلية على سلسلة متغيرات منها اتفاقات المشاركة بالأرباح والضرائب المفروضة على الإنتاج البالغة 35% من الربح المتحقق ومشروع البترو- دولار والتي سوف تؤدي إلى تحولات كبيرة في مدخولات وحصص إرباح شركات النفط والحكومات المحلية والحكومة الاتحادية سويةَ 0 وأخيرا أقول وبكل صراحة أن الفكرة السائدة عن الماليين والمحاسبين حتى اليوم , تتلخص بكون المحاسب معقد ويعيش في عالم مغلق ودوره محدود يتلخص بدفع الأموال إلى العاملين فقط أو ما يطلق عليه ( الدور التنفيذي) بحيث انعكس جمود التفكير المالي والمحاسبي وعدم مسايرته التطور الحاصل في الأنظمة الفنية على شكل انحرافات اتخذت أشكال متعددة منها: المركزية الشديدة وتعقد المسئولين الماليين في العمل وشعورهم بالغبن أحيانا وعدم مسايرتهم التطور الحاصل في الأنظمة المالية والاعتماد على حسابات التكاليف في المراقبة وعدم وجود – أدارة مالية- فعالة تركز على المنظور الخارجي للوظيفة المالية وقضايا التمويل الطويل والقصير الأجل ومتابعة المشاريع الصغيرة والكبيرة في الشركة0لان الكثير من المدراء الماليين وبسبب عقليتهم الكلاسيكية في العمل يعتقدون بان ذلك ليس من مسؤولياتهم الوظيفية0ومن المعروف بأن شركة(فوكسفون) الصينية المتخصصة بإنتاج الالكترونيات كأكبر شركة صناعية تعاقدية في العالم حققت إيرادات عالية عام 2012 تقدر ب (134) مليار دولار , توظف (1,4) مليون موظف في الصين في (28) مجمع تابع لها وتضم مصانع ومساكن ومنشات رياضية ومصارف ومتاجر شيدتها الشركة, وقد ابتكرت عدة طرق لتحسين ظروف عامليها, منها تحضير وجبة غداء يومية لهم بمعدل(8) طن من الرز بالاعتماد على جهات خارجية , وقلصت العمل الإضافي فأصبح بإمكان العمال أخذ راحة يوم واحد أسبوعيا بعد أن كانت العطلة يوم واحد شهريا فقط, والسماح للموظفين العيش داخل المجمعات السكنية للشركة أو خارجها.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب