18 ديسمبر، 2024 8:40 م

الإخوة- الأعداء هل يخافهم عدنان الزرفي ؟

الإخوة- الأعداء هل يخافهم عدنان الزرفي ؟

يبدو مثيراً ما يفعله « رؤساء الكتل السياسية سائرون والقوئ السنية و الأكراد »، فهم يكرِّسوا حضورهم مرجعية سياسية واقعيا بعد رفض تكليف محمد توفيق علاوي . ويرى البعض أنّ هذه المرجعية ستكون موازية لرئاسة الوزراء ، بل إنّها أشبه بـ»رئاسة حكومة الظلّ»، وسترفع شعار «إنقاذ»من صلاحيات الرئيس المكلف عدنان الزرفي … سواء برضاه أو رغماً عنه! ولذلك الزرفي مصاب بالإرباك: هل يحتمي بأركان هذا النادي لمواجهة الشريكين القانون والفتح أم يحتمي منهم، باعتبارهم «أعداء كار» وينتظرونه «على كوع» مجلس الوزراء ليدخلوها؟
قبل أسابيع تماماً، في تموز 202‪0، كانت عملية تأليف الحكومة قد بلغت ذروة التعثّر. ، لكن الشريكين الكردي والسني كانا يضغطان بقوة لدفعه إلى التأليف وفق معايير لا يوافق عليها… وإلّا فليعتذر.

ومن باب الضغط، طرح البعض أن يوجّه الرئيس الوزراء المكلف عدنان الزرفي رسالة إلى رئيس الجمهورية طلب سحب التكليف الذي حصل عليه ، وإعادة الاستشارات الملزمة لتسمية شخصية أخرى. و عموماً.

عموماًأن عدنان الزرفي في حاجة إلى تركيب مظلة سياسية واقيةٍ تخفِّف عنه الضغوط. فجاء مَن يعرض عليه فكرة الاستعانة برؤساء الكتل الداعم له ، علماً أنّ اثنين منهم هما من «الاكراد» ومن بيئة «الشيعة »، وهما الرئيسان برهم صالح والسيد مقتدى الصدر .

يومذاك، جرى لقاء مع سري وخرج بعده السيد مقتدى الصدر ليعلن دعم عدنان الزرفي بصورة غير واضحة بتغريدةويحذّر من «نيّة واضحة للانقلاب عليه والتوازنات التي أرساها، ولاسيما في قضية تشكيل الحكومة ودور الرئيس المكلّف».

ومنذ ذلك الحين، بدأ «نادي رؤساء الكتل الداعمة له » يتصرفوا كمرجعيةسياسية قائمة واقعياً. وثمة مَن يقول إنّ قوى داخلية وخارجية تشجع ذلك وتسعى إلى تحقيق تنوُّع وتوازن داخل البيت الشيعي ، ما دام عدنان الزرفي عاجزاً عن الخروج من صفقة مابعد 200‪3وانعكاساتها على صلاحيات رئاسة الحكومة.

ويدرك عدنان الزرفي نفسه أنّه يحتاج إلى أصوات أخرى، من داخل البيت الشيعي ، أو حتى من داخل تحالف الفتح » أو بيئته السياسية، لأنّ ذلك يمنحه هامش المناورة أمام الشريكين الفتح والقانون . ولذلك، هو يرتاح إلى صدور المواقف المعترضة من داخل «البيت الفتح »، . ولكن، هناك حدود لا يرغب في أن يتجاوزها أحد من داخل البيت الشيعي .

لا يخاف عدنان الزرفي إطلاقاً أن تنقلب المعادلات في الوقت الحاضر وأن يفقد موقعه في رئاسة الوزراء لمصلحة أشخاص جديدا. وهو يدرك تماماً أنّ التسوية القائمة على ثلاثة أطراف طائفية – سياسية ليست معرَّضة للسقوط طوال الحكومة الحالي على الأقل، لأنّ الأقوياء فيها – «تحالف سائرون » تحديداً – لا مصلحة لهم في ذلك.

وهذا الأمر يدركه أيضاً أركان «ثلاثي» الحكومات السابقون، ولاسيما الأكراد الذي يعرف هو أيضاً حدود اللعبة، ويدرك أن الزرفي هو ركن التسوية في المرحلة الحاضرة. وإلى أن تتبدّل المعادلات سيكون لكل حادث حديث. ويعرف عدنان موقف منافسه القانون والفتح وهو غير مرتاح إليه.

لكن تحالف الفتح يحاذر أن يفقد المبادرة أكثر فأكثر في موقعه في الحكومة ، بحيث يصبح موقف السياسية الداعم له، عبئاً عليه. وفيما هو يتعرَّض للضغوط التي يمارسها فريق دول إقليمية ،و يُصبح أيضاً عرضةً لضغوط يمارسها «نادي رؤساء الكتل السياسية »، في المقابل.

وعملياً، تصعب الإجابة عن السؤال: عندما يدافع رؤساء الفتح بهجوم على رئيس الجمهورية ، هل يستهدفون عدنان الزرفي بضغوطهم لثنِْيه عن تقديم التنازلات أم يستهدفون الشريكين الأكراد وألسنة ؟

في أي حال، يخشى عدنان الزرفي أن يتكوَّن انطباع لدى شريكيه في العملية السياسية بأنه يستعين بقوى أخرى من خارجها. فالخط الأحمر لدى الزرفي هو هذه التسوية.

ومن هنا حساسيته على كل ما يمكن أن يفسَّر اعتراضاً عليها. وهذا ما دفعه إلى تأجيل اللقاء بأسلافه الثلاثة أياماً عدة، .

وثمة مَن يعتقد أنّ الزرفي ، وعلى رغم كل شيء، يفضّل أن «يقلِّع شوكه بيديه» وحلّ الأزمات بينه وبين فريق تحالف الفتح بالتراضي ومن دون تدخلات، معتبراً أنّ ذلك أفضل بكثير من «تكبير المشاكل».

وقد نجح الزرفي في إقناع المعترضين عليه ، داخل الطائفة السنّية، بأنّ لا مصلحة في الخروج من تكليفه ، وأنّ الخسائر المحتمل أن تصيب صلاحيات الكتلة الشيعية أو رصيده خلال حكومة عادل عبد المهدي ، تبقى مقبولة إذا ما قورنت بالخسائر التي ستقع إذا سقط وخرج من التكليف رئاسة الحكومة.

وهذا الاقتناع ينسحب أيضاً على القوى الخارجية الأساسية التي لا تريد زعزعة الاستقرار العراقي القائم على توازنات 200‪3. ولذلك، لا ترغب أي منها في تشجيع تمرير كابينة عدنان وحكومته في المدى المنظور.

وهكذا، على الأرجح، سيتعايش الزرفي و»الإخوة- الأعداء» تحت سقف التسوية القائمة، وضمن معادلة المصلحة المشتركة وموقع الطائفة، فـ»لا يموت الذيب ولا يفنى الغنم».