10 أبريل، 2024 5:50 ص
Search
Close this search box.

الإخلاص الخالد.. تحرير الموصل

Facebook
Twitter
LinkedIn

ذات مرة، في أرض أقصى العراق، ثلاث محافظات مزقتها أنيابالحرب، لكن تردد صدى نداء في إحدى أزقة النجف، كانت دعوة إلىالعدالة، الوحدة وتحرير المدينة من الظلام، جاءت هذه الدعوة منالمرجع الأعلى السيد علي السيستاني للشعب العراقي،أحملواالسلاح، جهاداً كفائي ضد التنظيم الإرهابي داعش، الذي عانتالمنطقة بسبب حكمه الجائر.

أظهر أبناء الوسط والجنوب الشيعي، إستجابة سريعة لهذه الدعوة،وتفانياً لا يتزعزع لنصرة وطنهم، من بين الذين وقفوا في طليعة خطالصد، شبان شيعة شجعان، عرفوا أن طريق التحرير سيكون محفوفاًبالمخاطر، لكنهم ظلوا حازمين في التزامهم، مؤمنين أن تضحياتهمضرورية للحفاظ على السلام و مستقبل بلدهم الحبيب.

أصبحت معركة تحرير الموصل، المدينة التي عانت من حكم داعشالقمعي، رمزاً للأمل للشعب العراقي، لم تكن معركة تتطلب القوةالجسدية فحسب، بل تطلبت أيضاً روحاً لا تلين من أولئك الذين رفضواالخضوع للإستبداد، حملوا السلاح وساروا بلا خوف نحو الموصل،مستعدين لمواجهة ما ينتظرهم، يحملون عبارة، أما الشهادة أوالنصر..

لكن ولاء العراقيين لم ينبع فقط من دعوة الجهاد، حيث كان يغذيهمشعور عميق بالخسارة والألم، على أخوتهم السنة، رغم مذبحة سبايكرالتي تركت أثراً لا يمحى في قلوبهم، لذلك لم يعد بإمكانهم تحمل رؤيةأخوتهم يقعون ضحية وحشية داعش، هكذا أصبحت معركة نينوى ثأراًمن أجل العدالة و معركة ضد القوى التي مزقت مجتمعاتها.

في هذا الصراع الملحمي، برزت قوة محورية، الحشد الشعبي بكافةوحداته، المكونة من مجموعات مسلحة عراقية مختلفة، جنباً إلى جنبمع الجيش العراقي، أصبحوا بديلاً لا غنى عنه، قوة أيديولوجية ووطنيةيقودها هدف مشترك، تحرير وطنهم من براثن الإرهاب.

كان وجود فصائل الحشد الشعبي شهادة على وحدة الشعب العراقيوصموده، على الرغم من الإختلافات في الخلفيات الدينية، فقد وضعواإنقساماتهم جانباً لقتال عدو مشترك، لقد تخطى التزامهم تجاه العراقومستقبله كل الحدود الطائفية، مما عزز الشعور بالهوية الوطنية الذيكان أقوى من أي وقت مضى.

مع أحتدام المعركة، واجه الحشد العديد من المحن، مقاومة شرسة منداعش المعزز بالسلاح الدولي، في مقابل إفتقار الأول للأسلحةالمتطورة، لكن تفانيهم وتضحياتهم دفعتهم إلى الأمام، كل خطوة يتمإتخاذها، كل حياة تُفقد، وكل نصر يتم تحقيقه، أصبح شهادة علىروحهم السامية.

تحولت الأشهر إلى سنوات.. بعد صراع طويل وشاق، أخيراً حررناالموصل، أبتهج العراقيون، ليس فقط لإستصلاح المدن الثلاثة، لكنللوحدة التي أقامها الحشد الشعبي في مواجهة الشدائد، كانوا دليلاًعلى صمود أمة أصابها الصراع، إن شهدائهم وإيمانهم الراسخبإرساء السلام، وقدرتهم على التوحد رغم الإختلافات، كل ذلك يشكلمصدر إلهام للعالم.

علمتنا معركة الموصل أنه في أحلك الأوقات، يمكن لنور التفانيوالتضحية أن يقودنا نحو مستقبل أكثر إشراقاً، لقد علمتنا أنه عندماتتحد أمة تحت قضية مشتركة، فلا يمكن أن ينتصر أي عدو، لقد أظهرلنا شبان الجنوب، قوة الوحدة والروح التي لا تقهر لشعب مصمم علىالإرتقاء فوق التحديات التي يواجهها.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب