يا حبذا لو نذهب الى معتقداتنا مؤمنين، نتمسك بها تفاؤلاً، وليس درءاً للإحباط، فقد عادت سنوات التخلف والإهمال العثماني، الى عراق 2003 بمحمولاتها من أدعية وتعاويذ وسحر ودروشة وإدمان على الخمور والمخدرات والحجامة والتكلف المبالغ به.. مراءاة في الدين، حد تكفير الآخر لتبرير إستباحته.
قدر العراقيين الفاقة والجوع وتخمة الطغاة الباطشين، الذي لخصه الشاعر بدر شاكر السياب، بالقول: “ما مر عام والعراق ليس فيه جوع” دول لا تمتلك سوى نفط أقل نوعا وكما وأصعب إستخراجا من نفط العراق، تعيش شعوبها في رفاه مطلق، بينما تتفوق بلاد الرافدين بثروات أخرى.. غاز وزراعة وفوسفات وزجاج وزئبق وحديد و… القائمة تطول، فضلا عن وفرة الأيدي العاملة والعقول الأكاديمية المفكرة، وكلاهما عاطل يبحث عن فرصة عيش في بلد توقفت عنده الحياة “من اليد الى أرصدة المسؤولين” يبيعون نفطا ويستولون على ريعه بقوة ميليشيات همشت الدولة!
واجه العراقيون حصار التسعينيات “العقوبات الدولية” بجملة تحيد الواقع وتحيل الى الغيب: “نزل الدولار.. صعد الدولار.. الله كريم” من باب السخرية، التي يلجأون إليها وهم يعرفون بأنها لن ترد جوعا عن فقير او توفر دواءً لمريض.. جملة للمزاح ليس إلا.. لا تقيهم غائلة الحصار، الذي فرض عقابا للسلطة التي إخترقت الشرعية الدولية بإحتلال الكويت، فوقع على الشعب مربعا.. صاعقة من السماء وزلزالا تحت الارض، إستقوت به الحكومة ووهن الشعب.. لا جدوى!
وما زال الغيب حاضرا، يلملم تشظي العراقيين وقد إنقسموا على ذواتهم “الواحد يحمل في الداخل ضده” لا صلح بين الفرد ونفسه.
فبعد حلول الفساد والارهاب عقب سقوط صدام حسين، أصبنا بخيبة “لم يبق ثقب رجاء كنت ألمحه.. إلا تعرض حتى سده اليأس” مقتدين بحكمة للمصنفة كأقبح إمرأة في العالم، حسب كتاب جينس: “أحاول تطمين إحتياجاتي بنفسي، وما أعجز عنه ألجأ في طلبه الى الآخرين، فإذا أحجموا أتوجه بالدعاء الى الرب”.