11 أبريل، 2024 10:28 م
Search
Close this search box.

الإجراءات العملية لمحاولة منع إنهيار و إصلاح الإقتصاد العراقي

Facebook
Twitter
LinkedIn

الحكومة العراقية تحتكر إستخراج النفط و تبيعه خارج البلاد بالدولار الأمريكي، و هذا الدولار تحتفظ به الحكومة في خزينة بنكها المركزي، و تقوم الحكومة بعد تحويله إلى الدينار العراقي بصرف بعضه كرواتب للموظفين و المتقاعدين و الرعاية الإجتماعية و تصرف البعض الآخر لإقامة البنى التحتية و الإحتياجات العامة مثل بناء المدارس و المستشفيات و محطات توليد الكهرباء و الصيانة اللازمة لها و البطاقة التموينية و إستيراد الأدوية و الأسلحة و السيارات لتنقلات المسئولين و مخصصات خدمة للمسئولين مثل وقود و صيانة لسياراتهم. و لغرض إستيراد السلع من خارج العراق يقوم البنك المركزي باستلام الدينار العراقي من المستوردين و إعطائهم الدولار الأمريكي بسعر تحويل 1190 دينار لكل دولار.
في الموازنة العامة لصرف إيرادات النفط لعام 2020 إعتمدت الحكومة سعر برميل النفط بمقدار 56 دولار. و لكن بعد أن إنخفض سعر النفط بسبب وباء كورونا و زيادة تصدير النفط من قبل بعض أعضاء أوبك، فإن البنك المركزي سيكون عاجزا ً عن تمويل الإستيراد بالدولار مقابل المخصص صرفه بالدينار في الموازنة. و هذا يعني أن تكون السلع المستوردة الموجودة في السوق قليلة و يكون لدى الناس دنانير كثيرة و هذا سيؤدي إلى إرتفاع أسعار السلع و بالتالي زيادة الفوضى الإقتصادية و الإجتماعية و بالتالي زيادة شيوع شريعة الغاب أكثر مما هي عليه الآن، و مما يزيد في الأمر سوءاً هو أن الموازنة في الأساس تعاني من عجز كبير في الأموال اللازمة لتغطية المصاريف الحكومية و كذلك تعاني من تسديد أصول ديون و فوائدها، و إضافة لذلك فإن حصة العراق لتصدير النفط ضمن منظمة أوبك قد تم تخفيضها بمقدار الربع تقريباً و هذا بالتالي سيؤدي إلى إنخفاض عائدات بيع النفط. و أما لجوء الحكومة إلى حل المشكلة المالية بالإقتراض فإنه سيؤجلها إلى وقت لاحق بتبعات أشد وطأة حيث ستزداد قيمة الديون و فوائدها و هذا سيجعل الحالة الإقتصادية مستقبلاً أسوأ مما هي عليه حالياً. و عليه لمحاولة منع حدوث الإنهيار الإقتصادي المرتقب فيجب تقليل المصروف من الدينار في الموازنة و تنشيط الإقتصاد الأساسي. و هذا إن شاء اللّـــه يمكن تحقيقه باتباع الإجراءات التالية:
* إلغاء كافة المشاريع الحكومية، مثل بناء المدارس و المستشفيات و المجاري و تبليط الطرق و الأرصفة، لأنها إستنزفت أموال النفط بدون نتيجة إيجابية، فهي إما وهمية أو إنجاز جزئي، و تكون بأسعار فاحشة مما يشكل إستنزافاً لقوت الشعب بلا طائل. فمثلاً مشروع رقم” 1 و 2 ” للأبنية المدرسية، هدم و إعادة بناء 1000 مدرسة، قد تبنتها وزارتي الصناعة و المعادن و الاسكان و الاعمار في حينها, و هي المسئولة عن هدم تلك المدارس وعدم إعادة بناءها مرة اخرى منذ عام 2012، مع العلم أن المبالغ سُلمت بالكامل لهاتين الوزارتين، و نتيجة لذلك أصبح دوام المدارس الأخرى ثلاثي بعد أن كان ثنائي مما ساعد على زيادة الجهل في المجتمع. و الآن بعد أن أصبح الشعب مهدداً بنفاذ الأموال اللازمة لإطعامه لم تعد الحالة تحتمل للمزيد من نزيف أموال الفقراء على هكذا مشاريع. أما البديل سيكون بعد أن نجتاز هذه المرحلة و يكون لدينا سيولة مالية و نظام إداري و قضائي لا يخضع للمتنفذين.
* إلغاء المصاريف الإدارية الهامشية لمؤسسات الدولة مثل تجديد الأثاث المكتبي و صبغ الجدران و الإيفادات خارج العراق، فالفقراء و العاطلين عن العمل أولى بالأموال من الأثاث المكتبي و صبغ الجدران و التسكع خارج العراق.
* إلغاء كافة القوانين التي تبيح الحصول على أكثر من راتب واحد من الدولة، حيث أن المادة 53 من قانون الخدمة المدنية رقم ۲٤ لسنة ۱۹٦0 تمنع الموظف أن يتقاضى راتبين عن وظيفتين في وقت واحد، و ما ينطبق على الموظف يجب أن ينطبق على غيره، فليس من العدالة أن يحصل أحدهم على إيرادات متعددة من أموال النفط و آخر لا يحصل على أي شيء، فالنفط ملك كل الشعب حسب المادة 111 من دستور جمهورية العراق “النفط و الغاز هو ملك كل الشعب العراقي في كل الأقاليم والمحافظات”، و يجب أن تحصل كل عائلة عراقية على راتب من إيراد النفط.
* إلغاء كافة القوانين التي تبيح ما يسمى بالرواتب الوظيفية و التقاعدية الخاصة (الفاحشة) بفئة معينة دون الآخرين و إلغاء سلم رواتب الدرجات العليا و شمول المستفيدين بسلم الرواتب العام لموظفي الدولة.
* إلغاء إمتيازات المناصب مثل السيارات و صيانتها و وقودها. و على كل مسئول أن يتحمل هذه المصاريف.
* إلغاء تعدد منح المخصصات للموظف الواحد، و توحيدها لجميع مؤسسات الدولة و تخفيض سقفها بحيث لا تزيد، مثلاً، عن 150% من الراتب الأساسي.
* تحويل صرف أموال البطاقة التموينية كرواتب للعائلات التي لا تستلم راتب من الدولة، لأن أموال البطاقة التموينية بالشكل الحالي تُهدر بدون جدوى.
* تحويل التمويل المالي لمؤسسات الدولة الإنتاجية و الخدمية من المركزي إلى الذاتي، فالمفروض من هكذا مؤسسات أن تحصل على ثمن السلع التي تنتجها و الخدمات التي تقدمها فهذا هو سبب إنشائها و خاصةً أنها أنشأت بأموال بيع النفط، و بالتالي ستكون هذه المؤسسات ممولاً لخزينة الدولة لتمويل رواتب و مصاريف المؤسسات الأخرى غير الإنتاجية، مثل التربية و الصحة و الخارجية و الدفاع، فمثلاً إيراد مطار بغداد الدولي يجب أن يغطي رواتب منتسبي و مصاريف المطار و الباقي يغطي رأس المال الذي صرفته الدولة لإنشائه و شراء الطائرات و المعدات و الأرباح عن تشغيل المطار و الطائرات اللذان يجب أن يسددا إلى خزينة الدولة. و هذا يقال أيضاً عن الشركة العامة لنقل المسافرين والوفود. و إيراد المؤسسات الرياضية من فعاليات و نشاطاتها الرياضية يجب أن يغطي رواتب منتسبي و مصاريف هذه المؤسسات و الباقي يغطي رأس المال الذي صرفته الدولة لإنشاء هذه المؤسسات مع الأرباح عن إستخدامها اللذان يجب أن يسددا إلى خزينة الدولة. و رواتب منتسبي و مصاريف الوقف السني و الشيعي يجب أن يستوفى من إيرادات الأوقاف التابعة لهما. و هذا ينطبق على باقي المؤسسات المشابهة الأخرى مثل المصارف و مصافي النفط و الكهرباء و الماء و معامل إنتاج السمنت و الطابوق، و غيرها الكثير.
* إلغاء إحتكار خدمات شركات القطاع الخاص المتعاقدة مع الدولة التي تقدم خدماتها للشعب مثل شركات الهاتف و الإنترنت التي تستنزف جيوب الناس بدون وجه حق، حيث أن هذه الشركات تبيع خدماتها محددة بالوقت و ليس بكمية الإستخدام، و بذلك فإنها تسحب عملة من السوق أكثر مما تقدمه من خدمات و كذلك من نتائج هذه السياسة حرمان البعض من الإستفادة من هذه الخدمات لضائقتهم المالية، و هذا التصرف يجبر الناس على الإسراف في الإستهلاك و المفروض تشجيع الناس على الإقتصاد. فمثلاً شركات الهاتف تحدد وقت لإستهلاك الرصيد المدفوع مسبقاً و بخلاف ذلك تحجب الخدمة عن المستخدم و من ثم مصادرة خط الإتصال، و هذا يخالف بما جاء في المادة 40 من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 “حرية الاتصالات و المراسلات البريدية و البرقية و الهاتفية و الالكترونية و غيرها مكفولةٌ، و لا يجوز مراقبتها أو التنصت عليها، أو الكشف عنها، إلا لضرورةٍ قانونيةٍ و أمنية، و بقرارٍ قضائي”.
* عرض الأراضي السكنية للبيع بالمزايدة العلنية للأفراد و للشركات لغرض البناء العمودي و الأفقي، مع السماح بتسديد ثمن الأرض بالأقساط، و إلغاء قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم 850 لسنة 1979 الذي يمنع أن تكون مساحة الأرض السكنية أقل من 200 متر مربع، و إلغاء قانون إيجار العقار رقم 87 لسنة 79 الذي يحدد عقد الإيجار 12 سنة و العودة للعمل بالقانون المدني رقم 40 لسنة 1951. لغرض تنشيط قطاع البناء لتشغيل اليد العاملة و توفير السكن و خفض الإيجارات.
* عرض الأراضي الزراعية للإستثمار، بمساحات صغيرة و كبيرة للأفراد و للشركات لتشغيل الأيدي العاملة و لتوفير المنتجات الزراعية و الحيوانية محلياً بدلاً من إستيرادها بالدولار الذي أصبح شحيحاً في خزينة البنك المركزي العراقي.
* إلغاء سياسة الدعم الحكومي المالي للقطاع الخاص لأنه في حقيقته خسارة مالية للمحرومين لصالح المستفيدين، فمثلا ً تشتري الدولة الشعير من المزارعين بسعر 420 ألف دينار للطن و تعرضه للبيع لمربي الثروة الحيوانية ومعامل الأعلاف بسعر 200 ألف دينار للطن، و هذا الفرق في السعر الذي يبلغ مقداره 220 ألف دينار للطن يشكل خسارة في الموازنة تذهبت إلى جيوب البعض المستفيدين على حساب جيوب البعض الآخر المحرومين الذين لا يحصلون على شيء. و بما أن سعر الشعير خارج العراق 120 – 200 دولار للطن (145 ألف – 240 ألف دينار للطن( فإن هنالك إحتمال كبير أن الدولة تشتري من المهربين باعتبارهم مزارعين شعير مهرب من خارج العراق و بذلك تكون الخسارة مضاعفة في الموازنة. و كذلك الحال بالنسبة للحنطة، فإن السعر العالمي للحنطة يساوي تقريباً نصف السعر الذي تشتري به الحكومة الحنطة من المزارعين. و في الحقيقة فإن سياسة الدعم الحكومي المالي لبعض المهن يناقض سياسة فرض الضرائب على المهن الأخرى، و كأن الدولة تأخذ الأموال من جزء من الشعب على شكل ضرائب لتعطيها إلى الجزء الآخر من الشعب على شكل دعم مالي، فهي مثلاً تأخذ الضرائب من سائق التاكسي لتعطيها إلى مزارع الشعير، و في هذا عدم عدالة.
* إلغاء الكمارك و الضرائب لأنهما عبارة عن تدوير للعملة و ليس مصدراً للثروة لأننا دولة إستهلاكية بالكامل و ليس إنتاجية نستورد جميع أنواع السلع الأساسية و الإنتاجية و الكمالية بأموال النفط الذي نبيعه خارج العراق، حيث أن الحكومة تحتكر إستخراج النفط و تبيعه خارج البلاد بالدولار الأمريكي، و هذا الدولار تحتفظ به الحكومة في خزينة بنكها المركزي، و لغرض إستيراد السلع من خارج العراق يقوم البنك المركزي باستلام الدينار العراقي من المستوردين و إعطائهم الدولار الأمريكي. و عند الإستيراد تفرض الحكومة الكمارك على الإستيراد أي تأخذ دنانير إضافية على السلع المستوردة، و لولا إيراد بيع النفط لما كان هنالك إستيراد و بالتالي لما كانت هنالك كمارك، و بهذا تكون الكمارك تدوير للعملة و ليس مصدراً للثروة، و كأن الحكومة تعطي أموال النفط للشعب باليد اليمنى و تأخذها باليد اليسرى. و خلال هذه الفرارة المالية تذهب الكثير من هذه الأموال إلى جيوب المتنفذين على حساب جيوب المستضعفين عن طريق البنك المركزي و دوائر الكمارك، ففي البنك المركزي يمكن تمرير إجازات إستيراد وهمية و كذلك لا يتم متابعة تنفيذ إجازات الإستيراد. و في دوائر الكمارك لا يتم إستيفاء الكمارك على جميع المستوردين المتنفذين و هذا يؤدي بأن المستحصل من الكمارك ضئيل جداً لا يتناسب و المخطط له في الموازنة و هذا يسبب عجزاً و إرباكاً في تنفيذ الموازنة. و مايقال عن الكمارك بأنها تدوير للعملة و عدم شمولها جميع المستوردين يقال أيضاً عن الضرائب. إضافةً لذلك فإن الدولة تستوفي الرسوم عن كل الخدمات و الإلتزامات التي تؤديها للشعب و هذا يعتبر ضريبة على أموال الناس مثل رسوم دوائر التنفيذ و مجلس القضاء الأعلى و التسجيل العقاري و إصدار البطاقة الوطنية و الجوازات و إجازات السوق و التسجيل السنوي للسيارات و غيرها الكثير . و سيكون البديل الأفضل عن إستحصال الكمارك و الضرائب و ما يصاحبها من مشاكل في إستحصالهما هو إستحصال قيمتهما من إيرادات بيع النفط و صرفهما في المجالات المخطط صرف أموال الكمارك و الضرائب فيها.
* قيام البنك المركزي بعرض مدخولاته من بيع النفط و مبيعاته من الدولار و أسماء المشترين و سبب الشراء و صور عن المستندات التي أعتمد عليها في البيع على موقعه الألكتروني ليطلع عليها الشعب العراقي إستناداً للمادة 20 من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 “للمواطنين رجالاً و نساءً، حق المشاركة في الشؤون العامة، و التمتع بالحقوق السياسية، بما فيها حق التصويت و الانتخاب و الترشيح”.
* إنشاء مؤسسة لمطابقة إجازات الإستيراد المقدمة للبنك المركزي مع الإستيراد المتحقق في المنافذ الحدودية لضمان نزاهة بيع الدولار لغرض الإستيراد و منع تهريب الدولار بواسطة إجازات الإستيراد الوهمية، و هذه المؤسسة ستضمن أموال الشعب العراقي إذا أدت مهماتها بدون فساد، و كذلك يجب أن تكون من مهام هذه المؤسسة نشر الإستيرادات المتحققة على موقعها الألكتروني.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب