23 ديسمبر، 2024 1:22 ص

الإجتثاث بين التطبيق والإستثناءات

الإجتثاث بين التطبيق والإستثناءات

حكم البعثيون العراق ومنذ عام 1963، بعد الإنقلاب العسكري، الذي أطاح بحكومة  عبد الكريم قاسم، و أخيرا إنتهى حكمهم الأسود في عام 2003، بعد زوال نظام صدام إثر غزو قوات التحالف للعراق، كل مفاصل الدولة كانت ومنذ 40 سنة بيد حزب البعث،  المؤسسات المدنية والعسكرية، تعاني من تغلغل البعثيين في داخلها، أيام مريرة عاشها الشعب إبان حكمهم الذي لطالما وصف بالدموي، مستخدمين كل وسائل البطش، الفتك، التهجير القسري والإعدامات .
في ظل العمليات العسكرية، التي إنتهت بزوال النطام البعثي البائد، وبزوغ فجر جديد من الحرية والديموقراطية، بعيدا عن تسلط القائد والحزب الواحد بمقدرات البلد، اقتضت الحاجة لسن قانون، يعمل على إنهاء أو إقصاء البعثيين من مؤسسات الدولة الحيوية، لأنهم كانوا يمثلون مصدر قلق كبير بزلزلة الأوضاع الأمنية والإدارية، فشرع قانون إجتثاث البعث، والذي تغيرت تسميته إلى قانون المسائلة والعدالة، بعد الضغوط التي مورست على البرلمانيين، من أجل تخفيف بعض إجراءاته المشددة .
لكن في الآونة الآخيرة وبالتحديد في الحكومة السابقة، جير قانون المسائلة والعدالة، لصالح البعض من المتنفذين في السلطة، وعلى رأسهم رئيس مجلس الوزراء السابق، الذي عمل على إجتثاث جميع ممن يعارضه في إدارة الحكومة، ويستثني من يتملق إليه من البعثيين المجرمين، مع العلم الكثيرين ممن تلطخت أيديهم بدماء العراقيين أستثنوا، فكان احكام القانون تطبق مزاجيا على وفق أهواء المتسلطين .
الكثيرين من ازلام صدام عادت وبكل قوة إلى السلطة، لتشملهم الإستثناءات الإنتقائية فمنحت لهم المناصب ذات الموقع الحساس، والتي تشكل مصدر تهديد في حال التحضير لإنقلاب يعمل على الإطاحة بالنظام القائم الآن، والغريب إن المستثنين من الإجراءات هم من عمل على قمع الإنتفاصة الشعبانية، والحكم بالإعدام على كثير من العلماء و السياسين والناس البسطاء، وأيضا من جفف الأهوار، وعمليات الأنفال في كوردستان العراق وما إلى ذلك .
اضحى هذا القانون الذي شرع من أجل التخلص من بقايا فلول هذا الحزب العفلقي، مشكلة كبيرة تراود جميع الأحزاب وبعض التكتلات الوطنية، التي افنت عمرها ونضالها السياسي بمقارعة حزب صدام المقبور، فكان لابد من أن توضع خارطة طريق واضحة للعيان، لتطبيق أحكامه بعدالة تامة وبدون أي إنتقائية في التعامل مع بعض أحكامه، المبدأ الأساسي إن جميعهم متساوون أمامه، فالعمل على تهيئة أرض خصبة لتطبيقه وأن يكون القضاء العراقي والمحكمة الإتحادية هما من يبرئان ويجرمان المتهمين .
بعد تشكيل الحكومة الجديدة، والتي باتت تعرف بحكومة الأقوياء، يتطلع جميع المراقبون إلى تطبيق القوانين بعدالة تامه، دون العمل على عرقلة تطبيق الأحكام، فكثير من القوانين التي شرعت داخل مجلس النواب أهمل تطبيقها، بصورة أو بأخرى بسبب الازدواجية والإنتقائية المقيتة في التعامل .