منطقة الشرق الأوسط التي أصبحت غريبة عن القرن الحادي والعشرين , بمنطلقاتها وسياساتها وتوجهاتها , مما يجعلها هدفا كبيرا تسعى إليه القوى الباحثة عن مصادر الطاقة وينابيع الثروات .
فالصراعات بين دولها لا تخدمها , وإنما تحولها إلى ساحة لتفاعلات مصالح عالمية , وميادين حروب غير مباشرة بين القوى المقتدرة.
ولكي تتشافى من جراحها وتضع حدا لويلاتها وتداعياتها , لا خيار أمام جميع دولها بكل ألوانها وأطيافها ومعتقداتها ولغاتها وأعراقها , إلا أن تكون كتلة واحدة لتحقق التواصل والبقاء والتفاعل الإيجابي مع عصرها وتُبعِد المخاطر والحروب عنها.
فلا يمكنها أن تبقى مفتتة متصارعة , لأن هذا السلوك يساهم في تفريغها من القدرات والطاقات , ويجعلها هدفا سهلا وضحية وقربانا , وكأنها تتطوع بكافة دولها لتحقيق غايات الآخرين.
فعليها أن تتعلم الدروس , وتتحرك وفق منظار صحيح يحافظ على ديمومتها ودورها .
فلكي تنجح وتنتصر على واقعها , عليها أن تسعى نحو الإتحاد والعمل سوية من أجل شرق أوسط مزدهر متقدم آمن سعيد.
ولا بد لدول المنطقة أن تستوعب التجربة الأوربية , وتستخلص منها المناهج والآليات اللازمة للإنطلاق بإتحاد شرق أوسطي معاصر.
فما جرى في القارة الأوربية من صراعات وتداعيات وحروب على مر القرون , يتفوق كثيرا جدا على ما جرى ويجري في منطقة الشرق الأوسط , وبرغم ذلك تمكنت أوربا بقياداتها المعاصرة الواعية المدركة لمصالحها , أن تتجاوز أصعب العقبات , وتنطلق في مشروع الإتحاد الأوربي الذي تتنعم به القارة , وتتفاعل إقتصاديا وثقافيا وسياسيا , مع الحفاظ على خصوصياتها التأريخية والحضارية ولغاتها المعروفة.
فالإتحاد الأوربي خليط من جميع الأجناس البشرية واللغات الأرضية والأوربية , لكنه أثبت قوته وقدرته على الحياة الأفضل والعطاء الأكبر.
ولا خيار أمام المنطقة إلا أن ينهض قادتها أجمعين , بالسعي الجاد الصادق لإقامة الإتحاد الشرق أوسطي , الذي عليه أن يكون مشروع جميع دولها في القرن الحادي والعشرين , وعليها أن تعد العدة والمستلزمات والدراسات والتحضيرات , الكفيلة بصناعة وصياغة دستوره وآليات عمله , لكي يتنعم أبناء المنطقة بالحرية والكرامة والعدالة الإجتماعية , ويتحرروا من ويلات الصراعات المتوالية.
فهل ستدرك المنطقة خطورة ما تقوم به , وكيف عليها أن تكون ذات غاية واحدة؟!!
وهل من جرأة ونكران ذات ورؤية حضارية واعية , وقيادة قادرة على إنجاز هذا المشروع الذي لابد منه لكي تستقر المنطقة؟!!