23 ديسمبر، 2024 1:37 م

الإبريج “التواليت..قراطي” المصان ﻷجل الجاه والسلطان !!

الإبريج “التواليت..قراطي” المصان ﻷجل الجاه والسلطان !!

أذكر ولن أنسى أن زميلا عزيزا كان يدرس القانون في إحدى جامعات المغرب وبعد تخرجه عاد الى العراق ليخدم وطنه وهو يدندن ” لبيك ياعلم العروبة كلنا نفدي الحمى ” ولم يكد يتمتع برؤية والديه بعد خمس سنوات من الغربة القاسية حتى سيق الى الخدمة الالزامية ، وفي معسكر تدريب مشاة التاجي صاح به عريف الوحدة بعد أن حلق له شعره نمرة صفر – إزززززحف – فقال له “عفوا ولكنني أحمل شهادة البكالوريوس في القانون من المغرب ” فأستشاط العريف الذي لايجيد القراءة والكتابة غضبا وقال له : ( خريج مريج ، كله في كعب الإبريج !!) ومنذ ذلك الحين أدرك الزميل إياه بأن الشهادة في بلد علم العالم القراءة والكتابة لم تعد معيارا للأحترام وﻻ مدخلا للثروة إلا فيما ندر والدليل أن 90 نائبا في البرلمان العراقي حاليا وبينهم رؤساء كتل يحملون الشهادة الاعدادية برغم كل مايحظون به من ميزات وحصانات ومرتبات وجوازات دبلوماسية وحمايات ، مقابل مئات اﻷلوف من الخريجين بل ومن حملة الشهادات العليا أيضا يلتحقون سنويا بقوافل العاطلين عن العمل بأنتظار التعيينات ولو بعقد ولو بصفة أجور يومية من دون جدوى ، فبلاوساطات وﻻمحسوبيات وﻻمنسوبيات وﻻ حزبيات – ودهن السير – ﻻﻻﻻﻻ تعيين !!
قديما قيل (حرامي ﻻتصير من السلطان لاتخاف ) لتتطور الجدلية عراقيا وعربيا فتصبح (معارض سياسي لاتصير ، من السلطان ﻻتخاف) ومن ثم ( صير حرامي ..تصير سلطان ) ، معادلة هابطة تلخص تداعي المنظومة الفكرية و اﻷخلاقية عبر مراحل وبخط بياني متنازل بدأ بالحفاظ على المال العام وملاحقة السراق والقتلة والسوقة ،شعارها ( العدل أساس الملك ) ليمر بمرحلة ملاحقة طلاب السلطة وعشاق الكراسي بالدرجة اﻷساس ممن يطلقون على أنفسهم – معارضة – وما هي بمعارضة بالمعنى الإصلاحي والإصطلاحي للمفردة وﻻ يحزنون بقدر ماهي شغف لسكنى القصور التي يسكنها الصنم وحاشيته والتنعم بماعندهم من ثروات سبق لهم أن صادروها بإسم الشعب وشعارها ( اللي يوصل عرشنا انكص ايدو ) ومن علاماتها تبييض السجون بقرار – تحشيشي – صادر من اﻷخ الأكبر في اﻷعياد و المناسبات بإستثناء سجناء الفكر والسياسة فهؤلاء من المغضوب عليهم وإطلاق سراحهم بنظر الفرعون جريمة ﻻتغتفر، دونها سب المقدسات وانتهاك الحرمات وهتك التابوهات ، وصولا الى المرحلة اﻷخيرة التي أصبح فيها السارق المقر على نفسه وذنبه عيانا بيانا بوجود الشهود ، مرشحا وربما يرأس حزبا وقد يفوز بأصابع المحرومين البنفسجية وأصواتهم ليتحول الى سلطان مصان ،سائل غير مسؤول وبعض الناس تحب الإمارة ولو على الحجارة !!
بالأمس كنت أتابع برنامجا حواريا كان يقدمه الفنان ،سمير صبري، في سبعينات القرن الماضي وتحديدا عام 1972، وكان ضيف حلقته محافظ بغداد آنذاك خلال رحلته الى القاهرة للتنسيق بين العاصمتين العريقتين وتوأمتهما فقال له الضيف ” أصعب ماكنا نعانيه هو غياب اﻷمن في العاصمة ، إذ كانت هناك جريمة واحدة كل 12 ساعة في بغداد ” فقاطعه – صبري – مذهولا ( جريمة وووواحدة كل 12 سااااااعة ؟!) ، قال نعم ” بمعنى أن هناك جريمتين كل 24 ساعة تتراوح بين القتل والسرقة والإغتصاب ، إلا أننا وبعد أن جهزنا الشرطة بمعدات وأسلحة حديثة تراجعت الجرائم الى واحدة كل 17 يوما !!
لم أتمالك نفسي وضحكت بمرارة الى حد الإعياء ، وشر البلية ما يضحك ،وأنا أقارن بين مآسي اليوم والأمس ، ولعل من أشدها وقعا على نفوس العراقيين في اﻷيام القليلة الماضية تمثلت بإلقاء القبض على عصابة تتاجر بالمخدرات في بغداد مؤلفة من ثلاثة أشخاص يقودهم ضابط مخابرات هو نجل محافظ النجف واسمه ” جواد لؤي جواد حسين الياسري ” وبحوزتهم 28 كيسا من الحشيش و7000الاف حبة مخدرة ، و88حبة مخدرة نوع 01 وكمية كبيرة من المال ، وإختفاء ملف التحقيق بتهريب 100 طن من اﻷدوية الفاسدة ضبطت في مطار بغداد العام الماضي الى حيث لايعلم أحد ، وإلقاء القبض على متهم يرمز ﻷسمه (جـ. ع .ح) 67 عاما في ذي قار وهو لبناني الجنسية يسكن منطقة المنصور بجانب الكرخ بتهمة إنتحال صفة طبيب أسنان بشهادة مزورة منسوبة إلی جامعة مونبلييه الفرنسية، ارسل من قبل وزارة الصحة الى الناصرية للعمل هناك منذ 8 اعوام !!
ومن المفارقات المبكية وفيما الصراع على أشده بين الكتل المتناحرة سياسيا للظفر بالمناصب والمقاعد على وفق قانون سانت ليغو 1.7 الذي سيقضي كليا على أحلام الكتل الصغيرة ويدفعها تجاه الحيتان الكبيرة وإنطلاق حملة التسقيط والتشهير وكسر العظم بوجود الجيوش الالكترونية ، أن اليونيسف، أو منظمة الأمم المتحدة للطفولة ، وزعت 500 هدية ، سألني زميل عن ماهيتها وفائدتها لأطفال العراق وهل هي قرطاسية ، كتب مدرسية ، حقائب ، كراسي متحركة للمعاقين منهم ، عكازات أبطية ، أسرة طبية حديثة ، فرش للتقرحات ، أجهزة قياس الضغط (زئبيقة او الكترونية) ،سماعات خلف اﻷذن لضعاف السمع ،فرش وأغطية ومدافئ للمشردين ، أطراف صناعية للمبتورين ، مواد غذائية للجائعين ، خيام للنازحين ، أدوية للمرضى المحتاجين ، أجهزة للكشف عن الألغام و في عراق الحضارات الغابرة والواقع المغبر 25 مليون لغم ارضي ، تقتل وتعيق سنويا بين 13 – 16 الف مواطن ، أجهزة للكشف عن المناطق الملوثة بالإشعاع ومعظم اﻷمراض السرطانية التي تفتك بالعراقيين فتكا مريعا وباﻷخص اﻷطفال منهم وبكل أنواعها من جرائها ؟
قلت ﻻﻻ اليونيسف وزعت 500 ابريج تواليت أحمر اللون كمواضينا ، في واقع حالك السواد كوقائعنا، بشعارات خضراء اللون كمرابعنا قبل التصحر ، بأكياس نايلون بيضاء اللون كلافتات نعينا التي تملأ الجدران ، وذلك لتشطيف العراقيين – أمميا ويونيسفيا – بعد مسح ذاكرتهم الحبلى وشفط نفطهم وحلب آبارهم وتهريب آثارهم وسرقة ثرواتهم وخصخصة مصانعهم وإستعباد أجيالهم وإستنساخ فاسديهم وشكرا لليونيسف على (الإبريج) التواليت قراطي في زمن الهرج العراقي والمرج العربي والتهريج الدولي ، اذ يبدو ان ماقاله العريف يوما ( خريج مريج ، كله في كعب الابريج ) قد أصبح عرفا في زمن الضياع ﻷجل صعود – نفس الشكولات- المباركة دوليا واقليميا الى السلطة ولو قضى على الشعب العراقي كله بالسكتة أو الجلطة ، ومادام فلافل ودبس رمان فكل شيء يهون ﻷجل الجاه والمنصب و السلطان !! اودعناكم اغاتي