15 أبريل، 2024 6:08 ص
Search
Close this search box.

الأيقونة

Facebook
Twitter
LinkedIn

تزدحم وسائل الإعلام ومواقع التواصل الإجتماعي وحتى المكتبات بالعديد من البرامج والكتب التي تتحدث عن (أسرار الجاذبية والكاريزما والحضور) وغيرها من الكتب التي تبيع الوهم للناس وتستخدم الكثير من العبارات الرنانة التي انتشرت بينهم بكثافة خاصةً خلال العقدين الأخيرين عبر الكثير من البرامج الفنية والإجتماعية وأطلقت هوس الشهرة والظهور للعامة، ليصبح الحلم الذي يبحث عنه الجميع من مختلف الفئات والأعمار حتى وإن لم يكن هناك سبب فعلي لتلك (النجومية) حيث بات أيٌ كان يرى نفسه (مؤهلاً) لذلك واضعاً نصب عينيه نماذج بعينها رغم الهوة الهائلة والفرق الشاسع على أرض الواقع بينه وبينها وهو ما لا يراه لكنه يصطدم به أو سيصطدم به بقوة كما اصطدم به أمثاله..

فعندما نتحدث وللحديث شجون عن (الأيقونات) في حياتنا وحياة الشعوب عامةً نجد ببساطة أنهم جميعاً كانوا أشخاصاً يتمتعون بالموهبة (الفطرية) أياً كان مجالهم، كما يتمتعون بالإجتهاد والصدق والشفافية والبساطة واحترام الذات والغير عدا عن حسهم الإنساني متعدد الأبعاد، بحيث يوجه موهبتهم وعملهم الذي يعكس ما بداخلهم فيلمس الناس ويخترق قلوبهم وأرواحهم ليستوطن فيها بعيداً عن التنظير، فالكاريزما والحضور التي تتمتع بها الشخصيات الأيقونية هي منحة ربانية تجعل لأشخاصٍ بعينهم قبولاً ومحبة بين البشر تجعلهم يشعرون بالألفة تجاهم برغم أنهم لا يعرفونهم، وكلما كانت تلك (الهالة) أقوى استطاعوا أن يكونوا أقرب وأقرب من الجميع، كما أن الأيقونات لا تعرف أنها كذلك ولا تسعى إليه لكنها تدرك تلك الحقيقة بعد مرور زمنٍ طويل من العطاء الإنساني والتواصل الذي تصنعه أعمالهم ومواقفهم، لأن الأيقونات (الحقيقية) دوماً تذكرنا بأحلامنا وأحبائنا وبيئتنا فلا نشعر بالفارق بيننا وبينها بل ونتماهى معها وكثيراً ما ينتابنا ذلك الإحساس بأنها أحد أصدقائنا أو أفراد أسرتنا، فيزيل ذكرها مشاعر الغربة ويعطينا جرعةً صادقة من الإلتحام بجذورنا والتصالح معها عندما تعصف الحياة بنا، فتأثيرها ينبع من الأساس المتين الذي بنته على مدار سنوات وجعلها أهلاً للثقة، حيث لم تقدم ما يستخف بالعقول ولم تستغل محبة الناس لها بل دفعها ذلك إلى تحمل مزيدٍ من المسؤولية تجاهم فلم تخذلهم أو تجرحهم أو تتعالى عليهم أو تتجاهل وجعهم وكانت معهم في خندقٍ واحد وعاشت ما يعيشونه تماماً بالوجدان والجوارح وكل ذرةٍ في كيانهم وكان الصوت الذي يحركها هو صوت الضمير..
ولذلك قد نجد الآلاف من المشاهير والأغنياء والذين يعيشون النجاح بمعناه المادي والتجاري لكننا نادراً ما نصادف أو نجد في زمننا الحالي من نستطيع القول بأنه أيقونة حقيقية في زمن بات فيه كل شيء قابلاً للتصنيع والبيع والشراء بإستثناء القلوب التي جبلت على النقاء وفاض ما فيها ليحضن الآخرين ويظل للأجيال جيلاً بعد جيل..

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب