1 ــ ( في مديح الاقليات العراقية )
أختفى السبي كظاهرة شرعتها الاديان والحروب منذ آخر سلاطين بني عثمان ، وربما بقي أسير الحرب وما جمعه النازيون في المعتقلات واغلبهم من يهود المانيا وباقي بلدان اوربا ، ثم اختفت تقريبا هذه المفردة من القاموس السياسي بعد الحرب الكونية الثانية .
اليوم تغير شكل العالم في اطار العولمة وصورتها الامبريالية المبطنة وما اتت به احداث منهاتن ونشوء الفكر المتطرف الارهابي الذي حملت لوائه القاعدة ثم انشطرت بعد غزو العراق الى عدة تنظيمات متطرفة آخر موديلاتها هو ( داعش ) الذي أعاد السبي في صورة الشرعنة التي حملها في حروبه ضد الاقليات والمذاهب عير الغير مسلمة والتي لم تذكر في الكتاب الكريم أنهم من أصحاب الجزية واغلبهم من الاخوة الأيزيدين الذين يمتلكون في هذا الوطن تأريخا ازليا وعريقا منذ الاف السنين ، حالهم حال العرب والكرد والمسيحيين والصابئة المندائيين.
ما تعرض له الأيزيدين في محنة احتلال داعش لمدينتهم التاريخية سنجار والقرى المحيطة فيها يمثل الصورة الاكثر تأثيرا لعودة السبي المفاجئ الى الواقع السياسي والاجتماعي والذي في شكله الحضاري والاخلاقي يمثل انحطاطا اخلاقيا في القيم الانسانية والدينية وهذا ما يستهجنه المعتدلين والمتنورين من رجال الدين والمفكرين وكل الشرائح التي ترى في السبي انتهاك لكرامة الانسان وحرمته وحريته ، لكن الأيزيدين تركوا يواجهون واحدة من اصعب مراحلهم التاريخية حيث تعرض شعب كامل يمتد من كردستان العراق وحتى ارمينيا ، تعرض للإبادة والسبي وهذا ما لم يستوعبوه في تقديرهم الحياتي على مدى العصور الحديثة حيث كيفوا حياتهم في التعامل مع حكومات العراق الحديث منذ حكم الملك فيصل الاول والى احتلال داعش لسنجار.
أظهرت مشاهد سبي النساء الايزيديات وبيعهن في اسواق النخاسة التي اسسها التنظيم الارهابي لهذا العرض صورة من صور عجز النظام العالم والوطني عن ردع ومنع هكذا ممارسات وراجت عمليات بيع النساء وشراءهن من قبل مقاتلي التنظيم وغيرهم من اجل المتعة الوحشية والجسدية وهي صورة تعسه من صور الاستهتار بالإنسان الذي عده ماركس قيمة عليا في المجتمع .
وهكذا نال الأيزيدين في سنجار وقراهما ما لم ينله شعب في عالمنا المعاصر من ان تعرض اناثه للبيع كجواري وسبايا .
نسمع هذه الايام بعدة محاولات لشراء اعداد من تلك النساء السبايا من اجل تحريرهن من قيد العبودية السبي والعنف الذي يمارس عليهن واهمها ما قرأناه عن قيام رجل اعمال كندي ونقلا عن موقع “ذا تابلت”، الكاثوليكي البريطاني، أن ستيفن مامان، مؤسس منظمة “تحرير الأطفال المسيحيين واليزيدين في العراق”، استلهم فكرة شراء أولئك الفتيات، اللائي يبيعهن تنظيم “الدولة الإسلامية” في سوق للنخاسة في العراق، من عمل أوسكار شيندلر، خلال الحرب العالمية الثانية. وأنقذ رجل الأعمال الألماني، أوسكار شيندلر، نحو 1200 يهوديا من المحرقة التي نصبها لهم الزعيم النازي أدولف هتلر، من خلال تعيينهم في مصانعه.
عمل في قيمته الانسانية يبدو رائعا . والخطوة الثانية في هذا الاتجاه ما اسره رجل الاعمال العراقي عون حسين الخشلوك من انه تبرع لهذا الغرض بمبلغ 200 الف دولار وسلم المبلغ كاملا الى النائبة الأيزيدية فيان دخيل ولكنه لم تعلن عن ذلك وتفصح عنه ولكنه مدحت في الاعلام ما قام به رجل الاعمال الكندي ، وهذا ما ذكرته قناة البغدادية التي يملكها السيد الخشلوك.
وصول الامر الى مستويات الكتمان والكيل بمكيالين ازاء المتبرعين قد يقوض جهود خيرة وجديدة من اجل انقاذ المزيد من ضحايا هذا السبي الوحشي ولا ندري ان كانت السيدة ( دخيل ) قد حررت نساء من اهلها وملتها بالمبلغ الذي تبرع به السيد الخشلوك أم لا ؟