22 ديسمبر، 2024 8:28 م

الأوكرانيين وزمهرير السيادة المستباحة

الأوكرانيين وزمهرير السيادة المستباحة

قبل سنوات وأنا اطالع الصحف العالمية جلب انتباهي مانشيت مكتوب بالحروف العرضية سيادة الدول المستباحة. نعم سيادة الدول تكون مستباحة في حالة ضعف حكوماتها من الناحية العسكرية وسيادة الدول تكون مستباحة في حالة ضعف حكوماتها من الناحية الاقتصادية وسيادة الدول تكون مستباحة في حالة ضعف حكوماتها من الناحية السياسية وأحزابها وطاقمها السياسي يدورن في فلك الدول الإقليمية والدولية وليس في فلك شعبها الذين توجهوا إلى صناديق الاقتراع واختاروهم كممثلين شرعيين في برلمانهم المحلي وليس ممثلين للقوى المتغطرسة التي يحملون هويتها وأجندتها الايديولوجية والفكرية المكشوفة والغير المكشوفة. المواثيق الدولية تحرم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى فمادة الثالثة من مشروع لجنة القانون الدولي لسنة 1947 نص على : (يجب الامتاع عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول) ولكن أقولها وللأسف لو ألقينا نظرة بسيطة على الخارطة السياسية لدول الشرق الأوسط نكتشف معها مجموعة كبيرة من الدول سيادتها مستباحة من قبل أمريكا والمملكة المتحدة وغيرهما وهي نفس الدول اليوم تحاول جاهدة تطبيق نفس السياسية في فضاء الاتحاد الروسي عبر كسب دولها في حلفها الأطلسي أو العمل على دعم ثوراتها الملونة أو إنشاء قواعد عسكرية لها لشل حركة الروس في عقر دارهم. الأزمة الاوكرانية بين روسيا وأمريكا وحليفتها الانجلوسكسونية من جهة وبين روسيا والاتحاد الأوروبي الممثلة بألمانيا وفرنسا من جهة أخرى عرت القوى الإمبريالية في نظرتهم إلى مفهوم السيادة. نحن لسنا في صالة محكمة ولا نرتدي جبة المحاماة للدفاع عن روسيا لكوننا على علم وإطلاع مسبق على أفعالها في أوكرانيا عبر ضمها شبة جزيرة القرم عنوة بدون حق إلى الدولة الروسية واعتبار سكانها التتر – الأتراك – غزاة كما جاء على لسان وزير خارجيتهم لافروف ودعمهم الغير المسبوق لبعض الأوكرانيين في الوصول إلى سدة الحكم في أوكرانيا وبالتالي العمل على خدمة المصالح والاجندة الروسية على حساب مصالح والاجندة الأوكرانية.
وبالمقابل أمريكا وحليفتها بريطانيا كررت السيناريو الروسي في أوكرانيا – مع تغير بسيط للأدوار على خشبة المسرح الأوكراني – عبر دعم حلفاءها الأوكرانيين وهم اليوم يدعون بوجود أدلة قطعية على ارتباط عدد من رجالات الدولة الأوكرانية بأجهزة الاستخبارات الروسية التي تسعى إلى تنصيبهم في مراكز قيادية للبلد – كالنائب الأوكراني يفجينب موارييف – وتهديدهم لروسيا بأنها ستواجه عقوبات اقتصادية في حالة دعمها وتنصيبها نظام حكم موال لها في أوكرانيا على غرار الموالين السابقين لها. طرافا الصراع في أوكرانيا يعلبون على ميزان السيادة للدولة الأوكرانية أقولها ميزان السيادة ففي حالة ترجيح كفة ميزان السيادة للغرب وأمريكا لا تكون الحكومة عميلة بينما لو أختل كفة الميزان للطرف الثاني تكون عميلة. والذي أريد التأكيد عليه هنا على روسيا وأمريكا ومنظومتهم العسكرية وقف التدخل في الشؤون الداخلية للدول والعمل على احترام سيادتها الوطنية لكون شعوب البلدان التي سيادتها مستباحة من قبلكم هم الخاسرون بالدرجة الأولى وهم يدفعون الثمن يومياً وليست الحكومات والاحزاب التي تدور في فلككم وفلك تحالفاتكم. والأوكرانيين تنتظرهم زمهرير السيادة المستباحة أن لم يتعلموا من دروس الشرق الأوسط.