18 ديسمبر، 2024 6:47 م

الأنجرار الى الظلام

الأنجرار الى الظلام

 

1 . تنجر أوضاع بعض الدول / خاصة العربية منها ، الى الأسلمة ، شعبا ونظاما حكما ، وما يتبع ذلك من قوانين وأسلوب مؤسساتي وأعراف وتقاليد .. ، هذا الوضع يحدث ، مثلا : في العراق / أحزاب دينية مع تدين متطرف شعبي ، وفي مصر/ شعبا مع تغلغل أسلامي في الأجهزة الحكومية ، ليبيا / المجتمعات القبلية .. ، اليمن / الحوثيين ، فلسطين / المنظمات والحركات الأسلامية ، حماس .. ، ولبنان / حزب الله الذي هو دولة داخل الدولة عدة وعددا .. العرب الأسلاميين مشبعين حتى الثمالة بالخلافة الأسلامية ، هذا من جهة ، ومن جهة ثانية ، يريدون تحضر وتقدم دولهم ، ولكنهم بذات الوقت ، غارقين في أوحال الأسلام الماضوي المتحجر ! . حكامهم بعيدون عن شعوبهم ، فهم يدعون الفضيلة والعفة ، وهم سارقين لقوت شعوبهم . يتظاهرون بالتقوى والتمسك بالدين والمذهب ، ويجلون مقدسات الأسلام ، ويمجدون محمد والصحابة ، ولكنهم يسرقون المال كله ، خلاف محمد الذي كان يأخذ الخمس ” وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ / 41 سورة الأنفال ” .
2 . ولكن في غمار كل هذا الواقع المرير ، هناك بارقة أمل . فمثلا : السعودية الوهابية / التي كانت ظلامية معتقدا ومذهبا وحكما .. ، أخذت تنسحب من الهوة المدمرة التي كانت تتخبط في متاهاتها لعقود .. فولي العهد / محمد بن سلمان ، قلب الطاولة – بكل معنى الكلمة ، على المؤسسة الدينية ، وعلى رجال الحكم والسلطة الدينية والقضائية والتنفيذية ، وعلى أمراء آل سعود ، دون أستثناء ! . السعودية التي كانت بالأمس ، لا حفلات ولا مهرجانات ولا فعاليات فنية ، وكانت الفعاليات الرياضية للرجال فقط . والمناصب الحكومية معظمها ذكورية .. أصبحت اليوم / بشكل أو بأخر ، على خطى دبي بقيادة حاكمها الشيخ محمد بن راشد . فالشعب تنفس الصعداء ، بعد أن أختنق لعقود .
3 . الشعوب العربية منغمسة بالأسلام الماضوي ، والمؤسسة الدينية تساعد على ذلك ، أكبر مثال على ذلك ، ما يحدث في مصر . فمؤسسة الأزهر لها دور رئيسي ، في تجهيل المجتمع ، بكل مؤسساتها التعليمية وتخلف مناهجها التعليمية ، وبكل فتاويها ، مع حراك الأخوان المسلمين والسلفيون وغيرهم .. الذين أخذوا أينشطون مجتمعيا أكثر من السابق .. ففي مصر أرى ” أن الرئاسة تحكم الدولة المؤسساتية ، تاركين المجتمع تسييره قيادات الأخوان والسلفيين والدعاة ، فالمجتمع بالعموم مهمش فكريا ، من كثر التعبئة الفكرية للأسلام الماضوي ” .
4 . أذا بقينا نحيا على أمل أن يعود الماضي ، تحديدا ” الخلافة الأسلامية ” ، فلا بد لنا أن نقول لهولاء : أن الماضي لم ولن يعود ، والماضي لم يكن ورديا ، لأنه كان عهد دماء وسيوف ، فأتركوا هذه الأحلام المظلمة ، وأتجهوا بأمالكم نحو المستقبل . لأن بناء المستقبل ، هو الذي يحدد ما ستكون عليه الحضارة البشرية – وذلك لأن الأمم لا تبنى بأحلام الماضي .

أضاءة :
الحضارة لا تبنى بمعتقدات وثوابات وأفكار رجال قد قبروا منذ أكثر من 14 قرنا ! ، ومن يتبع الماضي سيبقى بكيانه وأفكاره وكل تطلعاته ماضويا ، أما من يتجدد بأفكاره وعقلياته / وفق مقتضيات الواقع .. هو الذي يضع ولو لبنة في عجلة التقدم – نحو حضارة كونية أفضل ، لخدمة الأنسانية جمعاء .. فحتى الفلاسفة الكبار ليسوا مستعدين للموت في سبيل أفكارهم ، فكيف الحال مع معتقد مضى عليه قرون .
( سُئل برتراند راسل 1872 – 1970 م / الفيلسوف البريطاني ، مرّةً : هل أنت مستعد أن تموت دفاعاً عن أفكارك ! ؟ . فقال : لا .. أنا لست شهيداً ! وأنا غير مستعد للموت في سبيل أفكاري ! لأني ببساطة غير واثق من صحتها “. . يقول النقاد : إذا أردت أن تعرف فلسفة ” راسل ” فعليك أن تحدد السنة التي تتناوله فيها بالبحث ) ! .. أذن الواقع والظروف الزمكانية ، ضرورية لمعرفة مدى توافق المعتقدات والأفكار مع أي مجتمع .