15 نوفمبر، 2024 1:13 ص
Search
Close this search box.

الأنتظار النحيل… خلايا السرد الموقوتة في رواية ميسلون هادي (العيون السود)

الأنتظار النحيل… خلايا السرد الموقوتة في رواية ميسلون هادي (العيون السود)

(1)
(*)
ثمة مستويات متعددة لرواية (العيون السود) للروائية العراقية ميسلون هادي…لكننا سنتوقف عند إجرائنا النقدي ،المتمثل في التقاط ما أسميناه ب(خلايا السرد الموقوتة) وبراءة أختراع هذا النوع من القراءة تعود لي
شخصيا وهذه الخلايا منضّدة ضمن فرشة المسرود،لايميزها عن السياق اي ضوء سيمولوجي..لكن القراءة الثانية للنص الروائي هي بمثابة ملقط استفزته هذه الوحدات السردية الصغرى.. سأنّضد هذه الوحدات ..ثم اعقد اتصالية بينها وبين سردانية النص الروائي..
(**)
تحتضن ثريا نص الرواية،منظومة من العنوانات الفرعية وتحديدا عشر عنوانات..تستوقف قراءتنا العنونة الفرعية الأولى (تابوت باربي)..سنعود للعنونة بعد هذا الفاصل الذي يحاول تحريك سكونية الصفحة الاولى من الرواية ومن المتعارف عليه ان الصفحة الاولى من كل رواية لها فاعليتها القصوى في الانبثاث السردي..في ص7 يعقد السارد العليم أتصالية مشابهة بين الأداة والكائن المجسّد بشخصية سينمية عربية أشتهرت في النصف الاول من القرن العشرين….
(…مكنسة يدوية ذات عصا طويلة،تشبه القامة الفارعة لحافية القدمين
سامية جمال …) ان هذه الوحدة السردية الصغرى التي اقتطعنا سنلظمها في الخيط الذي يحتوي الوحدة السردية التالية وهنا سنلاحظ كيف يسعى السرد في الاندراج السردي من الوحدة الصغرى الى وحدة سردية أكبر من الاولى…
*(كان الزقاق ملظوما بالنساء اللواتي يقرصن ثيابهن تحت سراويلهن الداخلية،لكي يبعدن أذيالها عن الماء فلا تتبلل وهن يشطفن أبواب البيوت.جعل ذلك المهرجان مرورها في الزقاق أشبه بموكب عرس يحف به صفان من الراقصات الحافيات/ص23)
هذه الوحدة السردية،يمكن إعتبارها وحدة سردية صغرى مألوفة..من خلال وضعية الثياب النسوية،يتداعى في ذهن السارد العليم زي الراقصات الشعبيات في الافلام المصرية،على سبيل المثال …لكن قراءتنا المنتجة رأت في  هذه الوحدة الصغرى خلية موقوتة لها فاعلية  إستباقية  تومض في فطنة المتلقي..ستتشظى بعد مسافة سردية تقارب منتصف الرواية،وفاعل التشظية ليس سببها السارد العليم بل شخص من  شخوص الرواية :(كاظم البغدادي)..ونحن القراء لن نلتقطها من البغدادي،بل من شخصية أخرى هي(يمامة) أي من سارد ثان حول زواج تحسين من هنوة والسارد هنا يتحدث عن زوج هنوة :
(تذكرت قصة رواها ..كاظم البغدادي../125)والبغدادي سوف يسرد فيتبين لنا نحن القراء سبب زواج تحسين من (هنوة)
(إن له أبنة عم كان يحبها جدا ولكن عمه رفض تزويجها له وزوجها لآخر ثري وكبير في السن..وأنه لهذا السبب ترك أهله وأنتقم منهم بأن
 أخرج راقصة من الملهى وتزوجها/125ص)..
وهنا يتبين لنا ان القراء وحدهم لايعرفون هذا التشظي المعلوماتي اما شخوص الرواية فكلهم على علمٍ بالأمر..حتى خالة يمامة  وهي تضيّف (حياة) ابنة هنوة في بيتها وحسب السارد العليم (وجدت الخالة الفرصة ملائمة للتأكد من الشائعات التي أحاطت بهنوة وقت وصولها الى الزقاق، والتي تقول بأن تحسين قد أخرجها من الملهى وتزوجها/129)..وفي ص233نكون أمام وحدة سردية موقوتة،تجيء على لسان خالة يمامة وهي تتحدث عن (حياة) أبنة (هنوة)..
(ان هذه البنت جاءت لا لتستحوذ على بيت أمها عن قصد فقط..
أنها جاءت الى هذا الزقاق مع سبق الاصرار والترصد،لاعن
طريق الصدفة كما تقول/ص233)
 وترى قراءتنا ان هذا التدرج المعلوماتي في السرد له وظيفة القوة الداعمة لسمات الحداثة في السرد وانقاذ النص من الترهل والمحافظة على ميكانيكزم الدهش في الاحداث أيضا…
*في ص29 حين تسأل  يمامة (خالة هنوة.لماذا لايكون لديك أطفال؟) ستكون إجابة هنوة سيمولوجية وحصريا ستكون اللقطة السينمية على بلاغة يديّ هنوة..(تطاير رذاذ بارد من قميص عصرته بقوة فمست برودته وجه يمامة،ولم تفهم مما قالته شيئا)
وسيكون رد فعل الطفلة يمامة،مؤطرا بذات الاتجاه ولكن عبر ممرٍ متخف ..(ضجرت يمامة أكثر وضاقت ذرعاً بخاتمها الذهبي العاطل عن العمل،فتمنت أن يضيع في يدها ولاتعثر عليه أبدا..)
نحن هنا امام خلية سردية موقوتة أخرى..وأختلافها عن الخلية الاولى ان السارد العليم،سيعلن في ذات الوحدة السردية الصغرى عن تأخر تحقق هذه الامنية..
(تلك أمنية راودتها بشدة في طفولتها،ولكنها لم تتحقق إلا قبل سنوات،عندما أيقظتها خالتها بعد ربع قرن من النوم وقالت لها
الست هنوة…تريدك
…………………………
…………………..
قالت هنوة وهي ترفع غطاء السرير
– ضاع خاتم زواجي يايمامة/31)..
وضياع الخاتم..وهو سر بين هنوة ويمامة ..سيضمر ما سوف يعلن في خلية سردية موقوتة…تشير الى زوجها تحسين وابنتها من زواجها السابق..وماهو مألوف ونمطي في الحياة اليومية،لايكون كذلك عبر فضاء المسرود بل تكون له وظيفة ضمن السياق ،وثمة إتصالية سيمولوجية بين الخاتم وبين زوجها تحسين الذي كان (كالخاتم في أصبعي/ص55) حسب قول هنوة..
في ص55يصبح النص المرئي عبر التلفزيون ضمن وحدة سردية موقوتة( رأت يمامة جيمس دين يطل برأسه في الظلام ثم تسلل شيء زاحف من رأسها الى رجليها مثل عظاءة برصاء فرت من ضوء مفاجىء/ص53)..في ص55 ومع انقطاع التيار الكهربائي ويمامه في بيت هنوة وقد عاد زوجها تحسين للتو من دكانه، وماان اعطى زوجته عود الثقاب….هنا ستعود العظاءة ثانية لتفكك خليتها السردية الموقوتة بنفسها..(حطت يده على رجلي يمامة ولاذ بها بسرعة عضاءة برصاء تحت التنورة أرتعبت وأنتفضت واقفة تبعثرت نظراتها في أكثر من مكان..ثم أرتدت الى حيث كانت تقف هنوة في الظلام قبل قليل..صوت مرتعب خرج من فمها كالشهاب ليشعل صمت الغرفة بالشر كله/56)..
-2-
في الرواية ثمة شخصية نسوية،بمثابة الأنا المثالي  للمرأة العراقية الوفية بشكل مطلق..اعني الطبيبة جنان والتي تصفها يمامة( هذه إنسانة أصيلة والله..بعض نساء الأسرى طلقن أزواجهن غيابيا وهم في الاسر،وهي تنتظر أن يعود جمال من الأسر من دون أن ترتبط معه حتى بخاتم/ص81)…هل للوعي الاجتماعي مؤثريته في هذا الوفاء الذي تجسده الطبيبة جنان وهي تنتمي لبيت متهم بزهرة الرمان..وعلى حد قول خالة يمامة(ماذا يتوقع الإنسان من مثل هذا البيت..هناك لغط كبير
 حوله وأنا لاأحب الشيوعيين /ص120)…
تكمن في هذا الانتظار خلية  سردية موقوته تعلن عنها يمامة في قولها..(يخيل لي مادامت هناك إنسانة تنتظره وتريده أن يعود بهذه القوة…فأنه سيعود/ص81)…
وسيعود  الأسير جمال لكن بتصنيع آخر فالأسر يفرمت النظام الفسلجي للمأسور..وينسف شعرية الامكنة التي تصيبنا بمرض (تثبيتات السعادة) الذي شخصه  غاستون باشالار ..وتشخصهُ يمامة هكذا….
(زواجهما يشبه حنينا الى مكان قديم…. بعد زمان طويل ذهبا إليه
 ثانية فلم يجداه نفسه/ص235).. والمكان لم يغب بفاعليته هو بل بسبب مؤثرية المخيال التي لاتضيف مؤثرية الزمن وحصريا عوامل التعري والتآكل التي يستعملها الزمن.. وجمال المناضل اليساري يقوم بأجتراح معجزة  توائم وعيه الماقبل الاسر..وهذا الامر شخصنته سناء في قولها
(ألاتجدين أن جمال يبذل جهدا خارقا لإرضاء جنان..)..
ومايحاوله جمال..  يحاوله بدوافع طوعية حبية خالصة..لتستعيد جنان جمال(ها) في جمال ..أو كما تقول يمامة…
(وهذه هي المشكلة..لم يعد هو نفسه..فراح يبذل المجهود الخارق ليعود كما كان…كما تريده)…
(3)
ثريا النص الروائي( العيون السود) تحتضن عشرة عنوانات فرعية..الثريا تفرعات تنتسب للعنونة الاشتقاقية حسب ماتعلمناه من استاذنا  محمود عبد الوهاب (2)
*تابوت باربي: هو العنوان الفرعي الأول..عنوان صادم..يحيلنا الى الدمية باربي..المشهورة في برامج الاطفال ..لكن مفردة تابوت تحدث تشويشا في أفق التلقي.. هذا التشويش يجعل من هذا النص الأصغر ..أعني تابوت باربي… ونصنّف العنوان الفرعي (تابوت باربي) نصا وفق الجهاز اللساني ..(في بعض الظروف،قد يتألف النص من جملة واحدة/ص22) حسب روجر فاولر (3) وتكمن في العنوانة خلية سردية موقوته من خلال شفرة مفردة تابوت ..حيث ستقوم في الصفحة الثانية بتقشير الشفرة كالتالي
(أزمنت صورهم،الأحياء منهم والأموات على جدران غرفة المعيشة..كلما تأملت إحدى تلك الصور وأمعنت النظر فيها أختفت من فوق الجدار….في البداية أختفت صورة أبيها ثم أختفت صورة جدتها،ثم أختفت صورة أمها،وبعدها صورة أخويها….واليوم هي مرمية في تلك التوابيت الكرتونية،التي وضعت على شكل تل منخفض يتربع في القمة ذلك الصندوق الفواح بعطر الصابون..وتحته مباشرة باكيت كبير زهري اللون ومرسومة عليه في جميع الجهات صورة لباربي وهي تجلس أمام منضدة الزينة./ص8.) ..اذن التابوت ليس تابوت باربي إلا بالاستعارة..وهو يحيل من  خلال الصور الفوتوغرافية الى افراد العائلة  الذين غيبهم الموت او المنفى..
*العيون السود..
هذا العنوان  يحتل وظيفة الثريا،على غلاف المطبوع وتقدم اللوحة المثبتة في الغلاف القراءة التشكيلية للعنونة وهي للرسام (حنّه بارنز/ الولايات المتحدة).. لكن  الثريا تبقى خلية موقوتة توصلنا الى لوحة مسرودة من قبل يمامة في وهو تتذكر  تفكيك شفرة اللوحة ،ومن خلال التوصيف ستذكرني كقارىء بمشيدات النحات جياكوميتي حيث الشخوص النحيلة كالاسلاك…(أبطالها الواقفون كأعواد البخور لايهمون أحدا سوى أنفسهم..وعندما ينظر إليهم بعد عشرات السنين أحد ما سيرى فقط عيونهم السود وهي ترنو مسحورة الى عزيز عائد من الحرب..هذا هو الحدث الذي تحدّث اللوحة به رائيها..فأذا ما حدس الرائي شيئا آخر وسمع أصوات أهل الزقاق تهمهم في أذنيه وكأنها قادمة من كون بعيد..يكون مارآه قد أنسجم مع مايسمعه..وتطابقت الذبذبتان..وأكتملت اللوحة/264)
..اليس اللوحة هنا سارد من نوع خاص؟! ..أنا كقارىء ارى لوحتين ..لوحة بريشة حنّه بارنز ..هي لوحة غلاف الرواية حيث سيادة اللون الاسود في تصوير الفتاة ..وفي الصفحة الاخيرة من الرواية  نقرأ اللوحة الثانية مسرودة من قبل الرسامة التشكيلية (يمامة)..ويمكن ان نرى في لوحة يمامة وجيز الرواية /شفرتها التي تشتغل على مفهوم الانتظار النحيل :
*أبطالها الواقفون كأعواد البخور
*عيونهم السود وهي ترنو مسحورة الى عزيز عائد من الحرب..
*تشغيل الأخيولة بشحنة من حدس الرؤيا :
فأذا حدس الرائي شيئا وسمع أصوات أهل الزقاق تهمهم في أذنية وكأنها قادمة من كون بعيد..يكون مارآه أنسجم مع مايسمعه…وتطابقت الذبذبتان وأكتملت اللوحة
نرى ان اللوحة تشترط علينا المشاركة الاركيولوجيا في تلقي أفق اللوحة لسبر اغوار ما بعد الفاصل الزمني (عشرات السنين..)…وهي لوحة مزدوجة الشرط:
التأمل —————: العين
الإصغاء————-:الإذن
كقارىء منتج  سأرفع هذه الوحدة السردية الصغرى المختومة بها الصفحة الاخيرة من الرواية ..وأجعلها مقدمة روائية للرواية وهي مقدمة موقوته ستتفكك عبر سيرورة اواليات الرواية..

خطاب  العين :
وإذا كانت العين نصا من خلال لوحتيّ غلاف الرواية ولوحة (يمامة) فيحق لقراءتي  أعتبار العين لها فاعلية الخطاب أيضا لتوفر شرط الخطاب الذي يشترط : مخاطِب / بكسر الطاء————- مخاطَب/ بفتح الطاء ويمكن تقديم أحصائية تقريبة لهذا المشيد:
من حوار الصديقتين (يمامة) و(جنان) بعد عودة (جمال )من الأسر نلتقط مايهم قراءتنا  بخصوص مؤثرية العين :
(تخيلي يا يمامة بعد كل سنوات العذاب..عندما حانت لحظة اللقاء شعرت بالخيبة بدلا من الفرح)
قالت يمامه( لأنك عشت زمنا طبيعيا وحياة طبيعية..أما هوفعاش خارج الحياة وخارج الزمن..وأي شيء ستمنحه إياه الحياة سيجده أجمل مما توقعه..أما أنت فما توقعته كان أجمل مما رأيته/ 174).. وطبيعية عيش جنان وحياتها يعني رؤيتها ايضا من خلال عينيها هي..اما  عيني ّ جمال فمنفيتين من الحياة والزمن،الحياة بمفهومها الوجودي والزمن بمفهوم السيرورة..وهنا يتدفق تضاد الرؤية/ الأخيولة لديهما..
جمال : سيراه الافضل مقارنة بمكابداته في الأسر
جنان : ستكون الرؤية نكوصا مقارنة بالتوقع
لكن الاثنين ينتميان لذلك الزمن الجميل زمن السبعينات من القرن الماضي في عراق..عاش سنوات خضر..الرفاه الاقتصادي وبوادر
اشاعة الديمقراطية..قبيل الحرب بسنتين او ثلاث..في تلك السنوات التي تضوعت فيها تلك الاغنية من حنجرة المغنية( وردة الجزائرية)
(أبتسمت لها يمامة بحنان وقالت لها: أنسيت من أي زمان هو جمال؟صمت جنان ولم تجب،فراحت يمامه تترنم:
وأنت عارف ما أنت عارف قد إيه ديره وجميلة..العيون السود في بلادنا..ياحبيبي. ) هنا تكون أغنية وردة الجزائرية ..خلية سردية 
 موقوتة وظيفتها إستعادة ما حذفته السلطة قسرا،وهنا تكتبه سلطة النص الروائي شفرة علاماتية شفيفة الومض..(من رماد الصمت سطعت ابتسامة جنان كقطعة ذهب..ثم ضحكت وقالت : العيون السود؟! ثم سرحت بنظرها بعيدا كأنها تحاول رؤية شيء ما فاتها أن تراه من زمان : ياه .كم نسيتها يا يمامة /175) تقصد أغنية وردة الجزائرية فتجيبها يمامه( ولكنني..لم أنس) اجابة يمامه خلية حوارية موقوتة،سرعان ما تفككها جنان..(نظرت جنان إليها بمرح وقد التمع في بالها سؤال،فقالت : ولكن أين ياترى حط الدهر بحازم؟
هوى قلب يمامه الى القاع..فقالت لها جنان:
أليس هو أيضا من زمان العيون السود) هنا نكون امام خلية موقوتة سيقشرها  خطاب العيون بين الصديقتين (نظرتا الى بعضهما البعض وكأنهما صغرتا عشرين سنة وأنهما تتبادلان أسرار الحب بينهما للمرة  الاولى،فأبتسمت يمامه بأسى وقالت : لاأعرف..يقولون إنه في أمريكا..
– وهل تشتاقين إليه؟
– جدا؟/175)
ومؤثرية خطاب العين يعلن فاعليته مع الصفحة الثانية من الرواية
(كانت يمامه كلما تأملت إحدى تلك الصور وأمعنت النظر فيها أختفت من فوق الجدار..وتركت وراءها فراغا نظيفا أفتح من لون الجدار الذي شابه الاوساخ والأتربة/ص8)..
*مؤثرية عيني يمامه

*عينيّ الشخصية المحورية في الرواية
(عيناها زرقاوان تبرقان كالبلور عندما تنعكس عليهما الشمس..وكلما التقاها أحد لأول مرة أطال التحديق فيهما،وهي تشعر برغبته في أن يلمسهما كي يتأكد أنهما ليست من زجاج../ ص9)
*مؤثرية النظر ضمن الفضاء الروائي..
*العين تعطّل اللسان :
*(أصبح الكلام يزداد صعوبة على يمامة وهي تشعر بنظرات مثنى
 مصوبة نحوها/ص43)
*(ظل ينظر الى الباب وكأنه حدس بوجود أحد ما خلفها ينظرها إليه..وكان من الغريب حقا أن توحي نظرته المصوبة نحو الباب أنه أحس بوجود يمامة وعرف به..وعندما ألتقت نظراتهما عبر الفتحة الضيقة التي لايمكن أن يراها..أو يشعر بوجودها أحد خلفها،جفلت يمامة في مكانها،فغض بصره على الفور وكأنه قد تأكد من وجودها هناك../ ص141)
هذه الوحدة السردية سنعمد الى تنسيقها : ماقبل الرؤية ثم الرؤية ..
ماقبل يتشكل والأصح يتمخض من نسيقين :
(1)المخاض وتجسده الوحدات الصغرى التالية وهي يوم عودة الأسير جمال من الأسر وكيفية أستقباله من أهل المحلة (رأتهم يمامة يخرجون من بيوتهم ويقفون في الأبواب بملابس النوم حفاة لايملكون القدرة على أستيعاب مايحدث أمام عيونهم أو رؤيته بوضوح/165)..
أولا نلاحظ ان الرؤية مبأرة من خلال عينيّ يمامة :
*رأتهم ———– :يمامة
سترصد يمامة ثلاثة أفعال يقتسمها الجميع :
*يخرجون من بيوتهم
*يقفون في الأبواب
بملابس النوم
 حفاة
*لايملكون القدرة على :
*استيعاب ما يحدث أمام عيونهم
*أو رؤيته بوضوح ..
ان رؤية يمامة للمشهد فعالية راصدة لما كان يجري نلاحظ ان الآخرين يكتفون بالتفرج ،لايسهمون بأستقبال الاسير العائد..
(2) (خرج جميع من كان في الزقاق وحدها جنان التي لم تخرج )
نحن هنا أمام  خلية سردية موقوتة..سرعان مايفككها السارد العليم
(أكان يمكن لها أن تقف لتتفرج ،حالها حال الجميع،واقفة أمام الباب على رجل سيهبط من سيارة بعد قليل هو بالنسبة لهم أسير سابق يعود الى بيتهوأهله وأحبابه )..
————————-
*إحالات
(1) ميسلون هادي/ العيون السود/ المؤسسة العربية للنشر/ بيروت/  ط2/2011
(2) محمود عبد الوهاب /ثريا النص/ الموسوعة الصغيرة /1996/ دار الشؤون الثقافية/ بغداد
(3)روجر فاولر/ اللسانيات والرواية/ ترجمة لحسن أحمامة/ دار التكوين/ دمشق/ ط1/2011

أحدث المقالات

أحدث المقالات