18 ديسمبر، 2024 7:56 م

الأنتخابات ….. أستحالة أجراءها

الأنتخابات ….. أستحالة أجراءها

الانتخابات حالة صحية لأي بلد ديمقراطي مبنية على وعي الشعب وثقافته كأساس لنجاحها و نتاج فكري نظيف يفرز نخبة من المشرعين والمراقبين لفترة زمنية يحددها الدستور والقانون مؤمنة بالتداول السلمي للسلطة , في بلدنا بعد عام 2003هذا التعريف غير ملائم ولايناسب توجهاتها في محاصصة حزبية , كتلوية , عرقية , توافقية ,أفقدت الديمقراطية زينتها وأطفأت بريقها , سنوات القهر الماضية أفرزت الحراك الجماهيري الاخير في تشرين الماضي أو كما أطلق عليها ( الثورة التشرينية ) أحدثت صدمه قوية رجت ادمغت ساسة البلد ونبهت نومة الغافين وأيقظت المتربعين على كراسي السلطة وأطاحت بحكومة عبد المهدي وجاءت بحكومة الكاظمي بعد مخاض عسير ومعاناة يعيشها البلد من خلال:-

01أزمة اقتصادية خانقة .

02حراك جماهيري واسع .

03 ضبابية المشهد السياسي .

04أرادات دولية وإقليمية ضاغطه .

05وضع أمني غير مستقر .

06جيوش من العاطلين .

07فساد مستشري .

08أدارة ضعيفة ومتهالكة تعمل ببيروقراطية عالية تنقصها الخبرة والتجربة .

هذا التكليف مشروط بإنجاز قانون انتخابات عادل وضمان أجراءها وانتخاب مفوضية عليا للانتخابات علُه يساهم بتغيير الوجوه المتصدية للمسؤولية , بإشراف دولي وقانوني يضمن الاستقلالية والنزاهة بعيدا عن الحزبية والكتلوية والمحاصصة الحزبية والتوافقات السياسية . الكثير من الباحثين والقانونيين كتب عنها وأبدع في بيان وجهة نظره تراوحت بين مؤيد ورافض . أكثر التحليلات السياسية التي تناولها المختصين بهذا الشأن وخبراء استراتيجيين

استحالة أجراءها في هذا الظرف الذي يمر به البلد لأسباب :-

01قانون الانتخابات لم يقر بعد لوجود اختلافات كثيره بين الفرقاء .

02الأستقرار الأمني امام تحديات داعش وحرب استنزافه المستمرة في بعض المناطق الواهنة يبرز قلقا لمستقبل غير مضمون .

03أزمة اقتصادية خانقه وديون كبيره بأعناق البلد .

04عدم انتخاب مفوضية اخرى لتنظيم العملية الانتخابية القادمة .

05المحكمة الاتحادية وقانونها الذي لم يقر .

06 غياب الإرادة الدولية بإجرائها .

7غياب الرغبة عند أكثر سياسي البلد بإجرائها والمماطلة المبكرة التي لا تريد إقامتها إلا بعد استكمال مدة الدورة الانتخابية الحالية البالغة 4 سنوات والتي هي نتاج التزوير الذي بات معروفاً لدى جميع العراقيين والتي توزعت بين ثلاث أراء :-

آ- ترفضها لكنها لا تعلن عن ذلك، ولعل هذا الموقف الرافض يجمع الكثير من القوى السياسية الشيعية والسنية والكردية التي تدعم وتشارك بقوة في حكومة الكاظمي.

ب – تعتبرها فرصة لتأكيد قدرتها على تحشيد جمهورها الانتخابي وقد تكون فرصة لزيادة مقاعدها النيابية .

ج – تعتقد أن الانتخابات المبكرة لن تغير في واقع الأوزان السياسية شيء .

08غياب الثقة بين الناخب والمنتخب وهذا عامل مؤثر في نسبة نجاحها نتيجة عدم ضمان مشاركة كبيرة في أحداث التغيير نحو حلول وطنية حقيقية , واستمرار المحاصصة السياسية التي يتخندق من خلالها الفاسدون لتدوير وجودهم بالمال السياسي وشراء الأصوات مستغلين عوز الناس والفاقة التي تعيشها البلاد وحاجة الناس للوظائف مع ازدياد عدد العاطلين .

09 السلاح المنفلت خارج سيطرة الدولة الذي قد يتدخل في تزويرها .

010 البلاد غير مهيأة للانتخابات من حيث عدم إجراء تعداد سكاني.

012 بطاقات الناخبين الإلكترونية المفقودة والتي يقدر عددها بمئات الآلاف والصادرة عن المفوضية العليا للانتخابات ممكن ان تستغل في عملية التزوير .

أن البناء ليس سهلا يحتاج الى خارطة طريق واجتراح سبل من شأنها ان تكون مساعدا في عمليات الإصلاح والبناء وهذا لا يتحقق إلا بتظافر جهود الجميع بمسؤولية وطنية خالصة وارادة مستقلة وعزم لا يلين . مسألة مهمة لابد من تشخيصها ووضع الاصبع على مكامن ضررها فالمشكلة لا تكمن بقانون أو مفوضية أو محكمة اتحادية وبطاقات ناخب وتحديث سجلات , انها بالكتل السياسية التي تمانع سرا بإجرائها خشية خسارة الامتيازات التي تتمتع بها حاليا . حكومة الكاظمي فرصة لتقويض نفوذ الأحزاب والقوى السياسية التي توظف المال والسلاح في الانتخابات، لكن هذا الموضوع يحتاج إلى شجاعة في الموقف والقرار والتعامل مع الأحداث والتطورات السياسية بمواقف رجل الدولة وليس السياسي الذي تسكنه رغبة البقاء في السلطة. الانتخابات القادمة سواء أكانت مبكرة أو في موعدها المقرر في 2022، ستكون نقطة فاصلة في تطور الحياة السياسية في العراق بعد سبعة عشر عاما من التغيير. لكن لو تم إجرائها قبل موعدها المقرر سيكون تأثيرها الأقوى ليس في ما تفرزه من نتائج وإنما في مزيتها التي يمكن أن نعتبرها الهدف الثالث الذي سجلته حركة الاحتجاجات في مرمى الطبقة السياسية بعد تسجيل الهدف الأول باستقالة حكومة عبد المهدي، والهدف الثاني بمنح الثقة لحكومة الكاظمي التي كسرت الاحتكار السياسي للعناوين السياسية التقليدية. وستكون محطة اختبار حقيقي ولكن هذه المرة ليست للطبقة السياسية، وإنما لقدرة الشخصيات والنخب الفاعلة في التظاهرات في تنظيم صفوفها للانتقال من ساحات الاحتجاجات إلى المشاركة في النظام السياسي من خلال العمل في البرلمان حتى وإن كان بعنوان المعارضة السياسية. فالأهم هو تصحيح مسار النظام السياسي عن طريق المشاركة الفاعلة والمؤثرة في صنع السياسات العامة. ولذلك لن تتحقق بهذه السهولة والامنيات لأنها تشكل تحدي كبير بين الحراك الجماهيري الواسع والراغب بالتغيير وبين واقع مفروض تحكمه قوة واراده ليس من السهولة ان تنحني ويجرفها التيار كما جرف غيرها الكثير , ان دراسة الواقع بشكل مستفيض يغني عن أي وجهة نظر متفائلة على الاقل في الوقت القريب انما هي ثورة جائحة تكتسح الكثير, تحتاج الى تضحيات ودماء حتى نرى بصيص النور البعيد ونخرج من عنق زجاجة النسيان .