كان الكثيرون يظنون أن الانبار أرض صحراوية ليست فيها معالم لحياة الثروة والتمدن .. وهي الواحة التي كانت قبل مئآت السنين ، جنة غناء ، تغفو على ضفاف نهر الفرات ، يوم كانت تغطيها آلاف الإشجار الوارفة الظلال، وبساتين عامرة ، بكل مالذ وطاب، حين كان تعداد نخيل العراق ما يقارب من الثلاثين مليون نخلة ، على أقل تقدير، وقد أقيمت فيها أهم معلم للحضارة على هذه الأرض، قبل مئآت السنين.
وبإمكان الانبار أن تتحول الى أكبر سلة للغذاء في العالم ، حسب تقديرات خبراء عالميين ، لأن تكون سلة غذاء العالم ، لو أحسن مهندسوها ، إستخدام عقولهم في إستغلال ما وهبه الله لأبناء هذه المحافظة من موراد الطبيعة، من خصوبة الأرض ووفرة المياه، لو تم تحويل الانبار الى سوق كبيرة تضاهي السوق الأوربية المشتركة ، في اهميتها، من حيث القيمة الاقتصادية ، وجرى الاستثمار الواسع في هذه الارض المعطاء ، التي يحسدنا عليها العالم كله من اقصاه الى اقصاه.
لكن بعض رجالات الانبار فضلوا الولوج في عالم السياسة وميداينها المتعبة ، والتي لن تجلب لهم خيرا في يوم من الإيام، وبدلا من أن يهتموا ما بداخل محافظتهم من ثروات، راحوا يمتهنون السياسة ، سبيلا لهم الى نيل الكراسي وبحثا عن زيادة في الجاه والوجاهة ، وبخاصة لمن وجد فيها سبيلا الى الظهور،كونها وسيلة سهلة ولا تكلف صاحبها، الا الدخول في إحدى واجهات السلطة والتقرب من بعض كبار سياسييها، ولم تجن محافظة الانبار من مخلفات السياسة وركوب موجتها ، إلا الخراب والدمار و ( طيحان الحظ )!!
محافظة تعوم على بحيرات للنفط والغاز ، تفوق كل ثروات العالم ، لم تستغل حتى الان، بل لم يتم الدخول في مشاريع استثمارية لاكتشاف مخزونها الهائل من النفط والغاز الذي هو الثروة الكبرى في هذه المحافظة ، إضافة الى ما تحتويه من معادن نفيسة أخرى ، لتشكل عصب الحضارة ومعلما من معالم بناء أكبر سوق يوصلها الى كبريات الدول، وليس الأقليم، التي بإمكانها ان تحصل على اعتراف العالم كله، واهتمامه بها، وكي تحرز مكانة متقدمة لو أحسن خبراءها وتجارها ومستثمروها، استغلال كل تلك الثروة التي وهبها الله لأهل الانبار، لكانت خيراتها تعادل كل محافظات العراق، بل ودول المنطقة قاطبة من حيث القيمة والأثر الاقتصادي والتجاري والرفاه الانساني.
محافظة يختزن الله فيها جبالا من ذهب ، في صحاريها لابد وان تكون معلما للتمدن والحضارة، بدل هذه الصحراء الشاسعة المترامية الأطراف ، والتي حولتها الى أرض خالية من الحياة في أغلب بقاعها، وما هو موجود من معالم تمدن لايشكل واحدا من المليون مما تزخر به في بطونها من ثروات طبيعية ومناجم ذهب ويورانيوم، يمكن ان يكون بمقدور الانبار ان تكون لوحدها ( دولة كبرى ) لو أحسن مثقفوها وأصحاب المليارات فيها استغلال ثروات محافظتهم بدلا الاستثمار في دول الخليج وفي دول اوربية اخرى، وهي التي تحتوي على اكبر مستثمرين في دول العالم من حيث عدد اصحاب رؤوس الاموال الكبيرة الذين يجدون في خارج العراق المتنفس الوحيد للعمل الاستثماري، في حين لو توحد أهل الانبار على كلمة الخير ، واستغلوا ثروة محافظتهم لكانوا قد حولوها الى اهم مقاطعة دولية تعادل كل ثروات الخليج وقد تضاهي دبي وبقية إمارات الخليج ، من حيث القيمة التجارية والمالية، لو كان هناك اهتمام من اهالي الانبار واصحاب رؤوس الاموال بهذه المحافظة.
ومن أهم ما يمتلكه أهالي الانبار هو ثروة عقولها، إذ تختزن هذه المحافظة لوحدها ثلثي عدد كبار المفكرين وأصحاب العلوم والاختصاصات الطبية وبقية الاختصاصات العلمية والأدبية ، وفي احتوائها على أكبر مخزون من الشباب الواعي القوي الجسم والبنية السليمة، الذين بإمكانهم ان يؤسسوا معالم نهضة ، تنتقل بمحافظتهم الى أكبر مكان للحضارة والتقدم في هذه البقعة الشاسعة، لو أحسن كبار أصحاب ألاموال فيها ، تسيير ثرواتهم لصالح محافظتهم وتشجيع الاستثمار في هذه المحافظة بدل البقاء في هذا الجدب الصحراوي القاتل الذي حولهم الى محافظة فقيرة لاحول لها ولا قوة، وراح كل من هب ودب يتحكم بمقدرات أهلها، وقد ركب الكثيرون من وجهائها موجة السياسة، علهم يجدون فيها ضآلتهم، في أن توفر للبعض ما يحلمون به من جاه وسلطة ، في حين تعاني محافظتهم من التهميش والإهمال والتجاهل بل والإلغاء، وبقيت أوضاعها تعيش أسوا أحوالها، لعدم انخراط الميسورين وأصحاب الوجاهة في التركيز على إنتشال محافظتهم مما حل بها، من إهمال وتنكيل وقد تحولت محافظتهم الى صحراء جرداء.. ومركز مدينتهم الى قرية مغمورة ، وكان بإمكان أصحاب الخبرة والمال مع وجود عقول مبدعة ، أن تقيم في هذه المحافظة، ما يشكل علامة بارزة للتقدم والنهوض، تتفوق به على كل محافظات العراق، ولكان بإمكانها أن تنافس كردستان العراق، من حيث القيمة الاقتصادية وحالة العمران، لو أحسن القائمون على هذه المحافظة، السير بمحافظتهم الى ما يتمناها أهل الانبار الطيبين، لهذه المحافظة، ولكانت الانبار قبلة للعالم،في النبوغ العمراني والحضاري والإقتصادي والتجاري ،ما يرفع رؤوس أبنائها الى السماء.