23 ديسمبر، 2024 7:35 م

الأنانية الحزبية وجشع المسؤولين والإرهاب

الأنانية الحزبية وجشع المسؤولين والإرهاب

هذا الثلاثي الذي حطم العراق وشعبه وجعل الأوضاع في أسوء حالاتها ، فالعنصرين الأولين هيئأ الأوضاع  والأرضية لظهور العنصر الثالث وهو الإرهاب ، فإذا كانت التنظيمات الحزبية منذ الدقيقة الأولى للتغير عام 2003 قد قدمت المصلحة العليا للعراق هي الأولوية وهي الهدف لما دخلنا في هذه المتاهات التي في كثير من الأحيان كادت أن تدفع الأمور الى الهاوية لولا المرجعية الحكيمة والعقلاء من السياسين وصبر وتعقل الشعب العراقي الآبي ، فالمتتبع للعملية السياسية منذ ولادتها الى هذه الأيام العصيبة التي يعيشها شعبنا العظيم يلاحظ المحرك الأساسي للمواقف الحزبية هي المصلحة والأنانية للتنظيم إن كان في إقرار القوانين أو التصدي للمفسدين أو المواقف من الإرهاب وفي كل تحرك يتحركه التنظيم في العراق ، لهذا نلاحظ جميع القوانين المهمة التي يعتمد عليها الإقتصاد العراقي غير مشرّعة كقانون الأستثمار والنفط وغيره حتى الحياة السياسية غير مستقرة نتيجة عدم إقرار قانون الأحزاب وحتى تسليح الجيش العراقي واقع تحت تأثير الأنانية الحزبية بالدرجة الأولى (والطائفية والعنصرية المقيتة)، لهذا نلاحظ العراق أضعف ما يمكن نتيجة أقتصاده الضعيف وكذلك جيشه الذي لا يمتلك أسلحة تمتلكها حتى الميليشيات ، وهذا نتيجة الأنانية الحزبية التي تقدمها تنظيماتنا من أجل فقط ضرب التنظيم الأخر وإثبات الوجود على الساحة العراقية ، لهذا نلاحظ توقف العراق في جميع الأصعدة وكأنه كائن جامد سوف يتكسر في أي عاصفة قادمة أو ضربة قوية قد تلطمه من جهة ما ، عسى قائل يقول هناك بعض التغيرات أو التطورات التي حدثت بعد التغير الكبير نقول هذا تحصيل حاصل وليس فعل أوعمل المسؤولين بل هو أثارجانبية للتصرفات الأنانية الحزبية التي أنتجت التغيرات التي تريد من خلالها كسب الشارع العراقي ، لأن أغلب التغيرات التي حدثت لم تولد عن طريق دراسة أو مشروع بل  في أغلبها أرتجالية يطرحها قادة التنظيم ويدافع عنها أعضاء التنظيم بكل ما أوتية لهم من قوة وأمكانيات ليس لكونها تفيد أو تدعم تطور العراق ولكن فقط لأن قيادات تنظيمهم قد تبنوها أو طرحوها ، نحن لا نقول ليس هناك شخصيات وطنية حقة وطرحت أفكار مهمة في الساحة العراقية ولكن لعظمة وكبر الأنانية التنظيمة فأنها غطت على أغلب الأصوات الوطنية التي تريد دفع عجلة التطور على كل الأصعدة في العراق ، وحتى التنظيمات فيها قيادات وطنية بأمتياز ولكن علو صوت المصلحة الحزبية فوق أصواتهم فأنهم قد ضاعوا في دوامت الأنانية الحزبية التي أبتلعت كل شيء على الساحة العراقية اليوم .
ويرافق بل المتبني الحقيقي للأنانية الحزبية هو جشع وحرص المسؤول على أمتلاك أكبر قدر ممكن من المكاسب المادية إن كان مناصب أو منافع مالية (مال أو مشاريع أو ممتلكات) ، وقد ظهر هذا جلياً من الإجتماع الأول لمجلس الحكم ضم خمس وعشرون قيادي من قيادات المعارضة العراقية الوطنية والذي تشكل في 12 تموز عام 2003 ، فيذكر بريمر في كتابه (عام قضيته في العراق “النضال لبناء غد مرجو”) كان الأجتماع الأول لهذه القيادة لمناقشة رواتبهم الشهرية وقد نتج عن الإجتماع بأن يكون راتب كل عضو من أعضاء هذا المجلس خمسون ألف دولار، ورواتب هذا المجلس تعادل رواتب منتسبي وزارة الصحة (التربية) في عموم العراق في تلك الفترة ؟؟؟؟؟؟؟ ، وهذه هي الأنطلاقة الحقيقية لجشع المسؤول بعد التغير بل كانت النواة التي أسست الرشاوي والمحسوبية والفساد الإداري ، وهكذا أصبح أستلام المناصب وتبني المشاريع وإجراء المعاملات في جميع الأصعدة لا يتم إلا بالدفع أولاً ، وهذا كله تحت أنظار القانون ومنفذيه من المسؤولين والمتصدين لأنهم قد تبللوا بماءه الآسنة أيضاً ، حتى أصبح المسؤول العراقي من التخمة المالية بأن ينافس أقرانه من أغنياء العالم على الرغم من الفترة القصيرة التي أستلم بها المسؤولية ؟؟؟؟؟؟؟؟.
فبلد تنظيمه الحزبي يركض وراء تحقيق مكاسب حزبية ومسؤوله لا يتحرك إلا من خلال الدافع المادي بل هذا الدافع يجعله في كثير من الأحيان يخالف ضميره بل حتى يخون وطنيته وشعبه ، فهذه الأنانية الحزبية والجشع الكبير لدى المسؤولين هيئا الأرضية الصالحة للإرهاب بل أصبحا أكبر داعمين له ، نعم إن الأعداء ومخططاتهم الإجرامية تحيط بالعراق والعراقيين والتمويل المادي على كل الأصعدة وكثرت الأماكن الحاضنة وتوفر الغطاء السياسي كل هذه العوامل ساعدت في نشر الإرهاب ، ولكن ليس بخطورة الأنانية الحزبية وجشع المسؤولين ، فإذا كان العمل من أجل مصلحة العراق متواجدة في تفكير وعمل كل التنظيمات المتصدية ، فهل تبقى القوانين المهمة غير مشرّعة وهل يبقى الجيش العراقي من غير تسليح والقوات الأمنية مخترقة بهذا الشكل ، فإذا كان المسؤول العراقي نزيه ويرفض الفساد الإداري بشكل واقعي فهل المحسوبية والرشاوي تصل الى هذا المستوى الذي نتج عنه في كثير من الأحيان هروب الإرهابيين من السجون وتنقلهم ما بين المناطق بحرية بالإضافة الى الإطلاع على تحركات أجهزة الدولة من خلال الحصول على المعلومة من مصادرها الأمنية ، فكل هذه الدماء التي تسيل في شوارع وأزقة مدن العراقي المسؤول الأول عنها هو القيادات السياسية بسبب أنانيتهم الحزبية بالإضافة الى جشعهم في الحصول على المكاسب المادية ، وسيبقى الإرهاب يفتك بالإنسان العراقي ما دامت هذه الأنانية تعيش في فكر القيادي الحزبي العراقي وما دام جشعه مسيطراً على تحركاته ومواقفه .