23 ديسمبر، 2024 4:50 م

-1-
ابتُليت أمتنا منذ زمن بعيد ، بالعديد من الفاسدين المفسدين ، الذين لادِينَ لهم ولا ذمّة ، والذين ماتت ضمائرهم، وأصبحوا عبيداً لشهواتهم وملذاتهم، بعيداً عن كل الجراحات الانسانية والقيم الأخلاقية …
في العهد الملكي البائد في العراق، كان بعض الإقطاعيين يُحرقون أوراقاً نقدية من فئة (100) دينار أمام بعض الراقصات، لإشعارهن بأنهم من ذوي الثراء الضخم، وانّ عليهن ان يفهمن هذه الحقيقة، فيتجهّن اليهم إنْ كُنّ يُردن المال ..!!
كانوا يفعلون ذلك، في وقت كان الحصول فيه على دينار واحدٍ ، حُلما كبيراً لقطاع واسع، من الفلاحين الكادحين الرازحين تحت وطأة الفقر الشديد، والحرمان والفاقة والعوز …
انه اللؤم بعينه والسفالة بأعلى صيغها، والتجرد من الاحاسيس الانسانية، فضلاً عن التردي في مستنقعات المروق عن الدين، والفسق والانفلات من الضوابط الروحية والأخلاقية .
وكان الاقطاعيون يحظون بامتيازات خاصة أهمها (قانون العشائر) الذي كان يُبيح لهم حتى انشاء السجون، وادخال من شاؤوا فيها، بعيداً عن محاكم الدولة وقوانينها الجزائية، وظل هذا القانون نافذاً حتى ألغي بعد ثورة 14 تموز المجيدة .
-2-
وقد قرأتُ اليوم خبراً يقول :
( كشفت عارضة الازياء الألمانية الشهيرة كلوديا شيفر ، انها تلقت عرضاً من أمير عربيّلتناول العشاء معه، في مقابل مليون جنيه استرليني اي ما يعادل 1,6 مليون دولار .
الأمير الحقير سأل – على حد قولها – :
( عن إمكان استئجارها لعشاء في مقابل مليون جنيه استرليني )
(ولكنها رفضت )
(وقبلت عارضةُ أزياء أخرى عَرْضه) ..!!
انّ عارضة الأزياء الالمانية الرافضة (كلوديا شيفر) كانت أشرف من هذا الامير الحقير، الذي استعد لدفع مليون جنيه استرليني لمجرد الجلوس معها على طاولة العشاء في مسعى محموم، للتنفيس عما يعانيه من عقد النقص والحقارة …
والسؤال الآن :
لماذا لم يفكرّ هذا الأمير الحقير بان المبلغ المذكور يمكن ان يوظف ايجابياً لانعاش قطاع واسع من الضعفاء والفقراء فيكسب قلوبهم وثناءهم في الدنيا، وجزيل المثوبة والأجر في الآخرة ؟
انه لايتجاوز في همومه حدود ذاته ، ونزواتها المحمومة ، وعلى الأمة وفقرائها السلام .
انه الفصام النكد بَيْنه وبين كلّ المشاريع الانسانية النافعة .
وهكذا ينقلب المال من (نعمة) الى نقمة ،
من عاملٍ فاعل مهم في مضامير الخدمة ، الى مجرد أرقام سائبة ، تتبدد وتتطاير هباء منثوراً ..!!
-3-
وقد يستغرب الكثيرون من هذا المنحى الأحمق ، الذي اتسم به الأمير الحقير، ويعدونَهُ نادرَ الوقوع ..!!
وان على العراقيين ان يتذكروا أنّ لهذا “الأمير الحقير” اخوانا من الرضاعة في العراق،أتقنوا فن الاختلاس،واستحوذوا على اموال الناس، وحولّوها الى حساباتهم الخاصة، وأعدوها لاولادهم وأحفادهم الذين قد يُقدمون على مثل ما أقدم عليه الأمير الحقير من ممارسات …
انها الخيانة العظمى لله وللشعب وللوطن .
وانها أفظع درجات السقوط الأخلاقي والانساني والاجتماعي
-4-
ان هذا المال الحرام لن يبقى في حساباتهم – كما يتوهمون- ولابُدَّ من رجوعه الى أهله ، طال الشوط أو قصر .
(وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون )
[email protected]