شهدت مدينة السليمانية ليل الخميس على الجمعة(٢١-٢٢ آب/أغسطس ٢٠٢٥) اندلاع اشتباكاتمسلحة بين القوات الأمنية وعناصر مسلحة مواليةلرئيس حزب “جبهة الشعب” لاهور شيخ جنكي،وأدت لمقتل ثلاثة أشخاص على الأقل فيما أُصيبنحو 10 آخرين بجروح حسب وسائل الإعلام.
وتمكنت القوات الأمنية من اعتقال لاهور شيخجنكي وشقيقيه بولاد وآسو، الصادرة بحقهممذكرات اعتقال، وذلك بعد عملية اقتحام فندق “لالهزار” الذي كان يتحصنون به مع قواتهم الموالية.
بالتوازي، شهدت منطقة دباشان هجمات بطائراتمسيرة وإطلاق نار بالقرب من منزل بافل طالباني،رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني، في مشهديعكس حجم التوتر الداخلي بين أجنحة السلطةفي إقليم كردستان.
إن ما يهمنا هو أمان المجتمع وليس صراعاتالبرجوازية الحاكمة القائمة على تقاسم مواردالبلد، وهذه الحادثة أثبتت وبشكل قاطع إنهاء كافةالإدعاءات والتصريحات بأن العراق يسوده الأمنوالأمان، ووضحت أن أمن وأمان المواطن والمجتمعيخضعان لشرط مزاج النخب البرجوازية الحاكمة،وليس أمن طبيعي تحكمه الدولة، لعدم وجود دولةبالمعنى السياسي والاقتصادي والعسكري.
إن الأمان في العراق قائم على نتاج للعلاقاتالاقتصادية في توزيع ثروات البلد على الطبقةالحاكمة، العاملة تحت النفوذ الخارجي في إنتاجأسواق جديدة وتراكم رأس المال. هذا هيكل إنتاجأفراد السلطة حيث السلاح تستخدمه لحمايةمصالحها الاقتصادية وإدامة هيمنتها علىالمجتمع أو من أي تهديد قد يأتي من مجموعة أومن منافسين.
هنا حولت الطبقة الحاكمة الأمان إلى سلعة لأنهسيكون نتاجًا للوفرة الربحية لها، وليس حقًاطبيعيا لعموم المجتمع. لذا ينهار الأمان بلحظةمزاج سياسي ويستقر بملء الجيب، وبين هذهالمهزلة يعيش المجتمع أسوأ حالاته.
إن قاعدة (حماية القانون للجميع) تخرج حينيطالب المجتمع بحقه من خلال إضراب، احتجاج،محاولة تغيير جذرية، يسقط هذا القناع وتتوحدالطبقة الحاكمة وكأن لم يكن بينهم أي صراع، أومتجاوزة الخلافات الدموية التي كانت تفصلهم،ويتم كشف الطبيعة القمعية لهم. كمثال؛ توحدالاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطيالكردستاني بعد كل انتخابات برلمانية علىالمحاصصة مع بغداد, أو كما تتوحد الطبقة الحاكمة في العراق ضد أي احتجاج جماهيري كبير يحدث.
وعليه؛ الأمان في العراق لا وجود له، وهو مشروطباحتياجات سوق الطبقة الحاكمة القائم علىالاستغلال الاقتصادي والصراع البرجوازي. فيحين قاعدتي الاستمرارية، واللامشروطيةالخاصتين في أمان المجتمع لا يمكن إنتاجهما فيهذه العملية السياسية المنتجة للأزمات.
إن الأمن المشروط ليس حكرًا على العراق، بل ينطبقعلى العديد من الدول الهشة أو التي تعاني من“الريعية الاقتصادية“، حيث تكون الولاءات فيهاشخصية وطائفية واقتصادية وليست للدولةومؤسساتها.