تنشغل الكتل الكبيرة منها والصغيرة، بوضع لمساتها على قانون الانتخابات، والاستقتال على حماية نفوذها في المفوضية ومجلسها الذي ستنتهي ولايته في أيلول المقبل.
ما يهمّ الكتل والقوى السياسية هو التمهيد لحضور مريح في مجلس النواب القادم، ومن خلاله، في الحكومة المقبلة. ولذلك فهذه الاطراف مضطرة للدخول في سوق المساومات والمفاوضات الماراثونية التي عادة ما تستهلك آخر سنة من عمر البرلمان.
يحدث هذا الآن، في وقت تعاني البلاد من ازمات عديدة لا تقل خطراً وتأثيرا على مستقبلنا من تهديد داعش والفساد الذي ينهش أقواتنا. لذا، اصبح الحديث عن المفوضية وقانون الانتخابات الشغل الشاغل لجميع القوى والزعماء، إلا ان احداً منهم لا يفتح فمه، ولايكلف نفسه للنظر بمشروعين خطيرين تسير فيهما الحكومة بخطى حثيثة من دون حسيب ولا رقيب.
فمنذ اشهر تحاول وزارة الكهرباء تسويق مشروعها لخصخصة التيار بـ”العيني والاغاتي”. لكن الوزارة فشلت في محاولاتها، الامر الذي اضطر رئيس الوزراء التصدي للموضوع بنفسه واعلان تأييده للمشروع رغما عن اعتراضات الحكومات المحلية.
في هذه الاثناء، تلتزم الكتل الصمت المطبق حيال منهج الفرض الذي تتبناه الحكومة في خصخصة الكهرباء من دون ضمانات واضحة، عبر صفقات مشبوهة وغير شفافة.
إذ بدلا من زيادة الانتاج، او ادخال شركات متخصصة لسوق الطاقة، تلجأ الحكومة للضغط على المواطن لتقليل استهلاكه، في صيف قاسٍ سيتمر لاكثر من 8 أشهر. وبينما تعجز الحكومة عن تنظيم قطاع المولدات، التي تتواطأ مع وزارة الكهرباء منذ ربع قرن، لكنها تهرول للتعاقد مع شركات مجهولة لمنحها حق الجباية، مقابل عمولة قدرها 15% من الفاتورة.
لا تكلف لجنة الطاقة النيابية ولا زعماء الكتل أنفسهم لمساءلة الوزير ورئيسه عن هذا المشروع، الذي لم يكتب له النجاح إلا في مناطق راقية من بغداد كاليرموك وزيونة.
ترفع الحكومة تسعيرة وحدات الكهرباء اربعة اضعاف، بحسب البنك الدولي، وتأتي لاحقا لتمنّ على المواطن بانها تقدم له خدمة مدعومة بـ90%.
تمضي الحكومة ووزاراتها، ومن ورائهما صيادو الكومشنات، حثيثا باتجاه إرغام المحافظات والمواطنين على قبول مشروع الخصخصة، مستعينة بسكوت حلفائها وخصومها، وانشغال قوى الاحتجاج بقضايا ثانوية.
تتحجج الحكومة بخصخصة الكهرباء، والإيغال بسياسة الاقتراض الاجنبي، ببند غامض في الموازنة تم تمريره عبر خداع البرلمان والكتل.
في موازاة ذلك، يتكشف يوماً بعد آخر مشروع آخر للخصخصة تعمل عليه الحكومة منذ أشهر، وهو منح الطريق الدولي بين بغداد وطريبيل لشركة امن اميركية.
واذا كان للمشروع الاول ما يبرره، فإن المشروع الثاني يجب ان يشهر امامه ألف ضوء احمر، نظرا لمساسه المباشر بالسيادة والامن القومي، اللذين لا ينبغي التعامل معهما كأي مقاولة من المقاولات.
فالأمن يرتبط بسلطة الدولة على اقليمها، وعندما تتخلى عن دورها وصلاحياتها لشركات اجنبية مجهولة، فإنها لا تستحق ان تصبح دولة.
وبعيدا عن المحاذير التي تواجه امننا القومي لجهة سيطرة شركات امنية اجنبية على عقدة مهمة في شبكة طرقنا التي تقع على الحدود مع 3 بلدان عربية، فإن فضيحة الشركة الاميركية التي تحمي قاعدة بلد، وتورطها بقضايا تهريب واتجار بالبشر، تمنعنا من قبول هكذا مشاريع كما تريد الحكومة.
تنشغل الكتل بالبقاء في دائرة السلطة، ويواصل البرلمان غفلته، بينما تواصل الحكومة المضي بمشروع الخصخصة على عينك يا تاجر!
نقلا عن المدى