إختراقات الأمن الحادثة في بغداد وغيرها من مدن العراق ، تتصل بطرق إمداد وتمويل وتجهيز ودعم من خارج الوطن ، منذ أحد عشر سنة يتحدث القائمون على المؤسسة الأمنية عن خطط وبرامج وأجهزة ودورات وغيرها ، ولم يتحقق الأمن ، وبعد كل سلسلة جرائم تفجير وتكاثر أعداد الضحايا ، ينعطفون في تصريحاتهم على خطط جديدة مع التشديد الإعلامي على إدانة الإرهاب .
يحدث هذا ونزيف الدماء والأرواح يرتفع منسوبه يوما بعد آخر ، وتنفق المليارات من الدولارات ، تعقد الصفقات الفاسدة والأجهزة العاطلة لكشف المتفجرات لتغطي على موجات الموت الجماعي العاصف صيفا ً وشتاء ً، لاحل يبان في الواقع .
إلتزامنا جانب الخسائر فقط يرتبط بعامل رئيس هو عدم معرفة الأجهزة المعنية على آليات صناعة الأمن الوطني ، وهو ماينعكس على حياة الناس الإجتماعية ومصالح الوطن الإقتصادية ويترك آثار وخيمة في جوانب الحياة كافة .
العقدة الأساس الغائبة عن قادة العراق اليوم ، هي ان الأمن صناعة سياسية إجتماعية إقتصادية ثقافية تربوية إعلامية ، لكن هذا التظافر الوطني مفقود في بلاد تطحنها الخلافات السياسية والطائفية للأحزاب الحاكمة، وهنا صار الجميع يتغافل ثوابت الأمن التي اشرنا لها ويتمسك بالحقيقة الأمنية ،أي قوة الأمن والجهد الإستخباري ، ومايفعله من رعب موجه وترهيب إجتماعي منتظم ، وبهذا فأن مايحسب جهدا ً لتحقيق الأمن يصبح سببا ً إضافيا ً لتفاقم العنف وتزايد مساحات الإرهاب وحواضنه وجاذبياته .
معالجة هذا الواقع الأمني صار يرتبط بطاقة الجهد التفكيري للأجهزة المعلوماتية والتحليلية ، ونقصد هنا دائرة المخابرات الوطنية ،واستشارية الأمن الوطني ، اللتان تشكوان من غياب قادة أكفاء ، بينما يتطلب من هاتين المؤسستين رصد ومراقبة كل الخطوط العاملة مابين الداخل والخارج العراقي ، التي تغذي الإرهاب في واحدة من اخطر مهامه وهي التفخيخ والتفجير الذي ينتج موت جماعي ويسقط ثقة الشعب بالحكومة ومقدراتها الأمنية .
بالمناسبة ذاتها يجدر بالمراقب الموضوعي ان لايترك النسيان يغلف ذاكرة النجاح لبعض القادة الأمنيين ،الذين سبق وان عملوا وانتجوا نجاحات أمنية ، ومنهم الإستاذ الوزير السابق شيروان الوائلي ، الرجل انيطت به مهمة استشارية الأمن الوطني 2006- 2010، واصبحت وزارة في عهده واستطاع في جهد استثنائي يعتمد الرؤية والتحليل والواقعية في قراءة المعطيات ، ان يجعل من هذه المؤسسة دائرة أمنية إستخبارية بإمتياز ، ونحن إذ نجد في إمكانيات شيروان الوائلي الذاتية صلاحية ان تناط به مهمة إدارة المخابرات الوطنية أو الأمن الوطني ، فأن وحدة قياسنا تعتمد نجاحاته في زمن كانت فيه القاعدة متوغلة في أحياء بغداد والعديد من ضواحيها .
[email protected]