18 ديسمبر، 2024 11:55 م

تفاءل العراقيون وهم يشاهدون عبر اخبار الفضائيات، وصول الوجبة الأولى من أجهزة (سونار) كشف المتفجرات المحمولة على عجلات اعدت خصيصا لهذا الغرض ، ويرجو البعض أن تمحو الأيام المقبلة صور الضحايا والتفجيرات الدموية ومشهد الحرائق والدخان الذي يلوث احياء بغداد بالمزيد من سخام الأحزان .

اصبح الأمن الوطني وسلامة المجتمع تتقدم الرغبات والأماني والأحلام عند غالبية العراقيين ، بعد ان أصبح الموت يداهمهم دون موعد مسبق ، ويورث مآسي ليس لها موقع في أرشيف المصايب العراقية المتنوعة منذ قيام الساعة .

فقدان الأمن المجتمعي والوطني والقومي في بلادنا لايرتبط بمرحلة مابعد 2003 وزمن الدمج والتخريف والهلوسة السياسية والإستنقاع بالفساد والأمية ، إنما يعود الى قرن من الزمن الحديث ونشوء الدولة العراقية، فقد اهتمت الحكومات المتعاقبة ، خصوصا مابعد العهد الملكي ، بأمنها الخاص وسيجت محال سكناها ومقارحكومتها باسباب المنعة والأمان ، وتركت الشعب نهبا لسجونها وقراراتها الإستبدادية أو للعصابات وعناصر الجريمة والفوضى، واخيرا وضعته تحت تصرف مطرقة الإرهاب ومفخخاته وعبواته واحزمته الناسفة ، وسندان الميليشيات والمسدس الكاتم والخطف والإبتزاز والمساحات المحجوزة للجثث المجهولة قرب مكبات النفايات .

اهالي الكرادة في منطقة (الزوية) مازالوا يتذكرون تفاصيل ذلك الصباح الذي هربت فيه افواج حماية صدام حسين من القصر الجمهوري ، عابرين النهر بذعريشبه هروب صغار السمك من شبكة الصياد ، حدث ذلك امام تقدم دبابة امريكية واحدة نحو القصر الرئاسي المرعب،فأسقطت اسطورة الأمن (الفولاذي) الصدامي الذي كان يعممه هؤلاء الوحوش على الناس العزل في مدينة بغداد ، واكتشف الجميع ان هذا الأمن الجبار ماهو إلا ضرب من الوهم والغطرسة ، وكاد الأمر يتكرر (للأسف) مع رئيس الوزراء نوري المالكي حين رفع راية العصيان ونشر قواته الأمنية في توجه لعدم تسليم السلطة …!؟

المواطن العراقي صار يعتمد على الله في حماية نفسه ، وبعضهم فضّل الهجرة وطلب اللجوء وقسم آخر اعتزل الحياة واغلق باب داره وقعد بإنتظار الفرج ، كل تلك الخسائر الباهضة، تتحمل مسؤوليته الحكومة لأن حماية المواطن أهم شرط لوجودها وواجباتها.
ظهور صور سيارات كشف المتفجرات بألوانها البيضاء تبعث بعض الأمل وتجدد الحلم عند الكثيرين بطرد الخوف من شوارع بغداد ، وانسياب الأمان على الأرصفة والمقاهي والمطاعم ، عودة الحياة البغدادية اللذيذة بتفاصيلها الممتدة من عبق المطاعم وروائحها الشهية الى شربت حجي زبالة ، ومن اسواق الأعظمية الى محلات الكرادة ، والتزاحم المسائي في شوارع المنصور وزيونة الى ابي نؤاس والمسكوف ..،هذا الإرسترسال بالرغبة والعودة للحياة الوديعة الآمنة ، يبحث عن تنفيذ سريع وفوري لعمل هذه الأجهزة المانحة للأمن، بعد أوعدونا بها منذ عشرة آلاف شهيد سقطوا بجرائم الإرهاب .

*[email protected]