رفض اللجنة الأولى للجمعية العامة للأمم المتحدة مشروع القرار والذي طرحته روسيا على تصويت الجمعية العامة بدعم من الصين وبيلاروس وفنزويلا ونيكاراغوا ، بعد ان حظي مشروع القرار بتأييد 30 دولة، فيما رفضته 65 دولة وامتناع 77 دولة عن التصويت ، حول تحديث آلية الأمين العام للأمم المتحدة للتحقيق في حالات الاستخدام المحتمل للأسلحة الكيميائية والبيولوجية ، والتي لم يتم تحديثها منذ عام 1990 ، يجعلنا اما مسئولية أخلاقية ، لكشف معايير الأمم المتحدة ، وفضح حقيقة التآمر الذي يجري في أروقة هذه المنظمة الدولية ، التي وقعت بشكل كامل تحت سيطرة الولايات المتحدة ، تلك الدولة التي تريد ” تفصيل ” قرارات المنظمة الدولية على مقاساتها فقط والتي طالما ما اشرنا اليه في كتابات عديدة .
ان مشروع القرار الروسي يهدف إلى “ضمان فاعلية آلية التحقيق” باعتباره الأداة لدعم الأمن الكيميائي والبيولوجي الدولي ، وأكدت موسكو أن العديد من التحديات والأخطار الجديدة والتي ظهرت خلال الـ 30 سنة الأخيرة، بما فيها مخاطر الإرهاب الكيميائي والبيولوجي، وهناك أيضا تقنيات ووسائل وأساليب جديدة من شأنها أن تساهم في زيادة فاعلية آلية الأمم المتحدة للتحقيق.
ومجلس الأمن الدولي هو الآخر عارض على تبني مشروع قرار روسي بشأن إنشاء لجنة للتحقيق في الأنشطة العسكرية البيولوجية في أوكرانيا ، وتقديم تقرير مع توصيات إلى مجلس الأمن بحلول 30 نوفمبر 2022 ، بالإضافة إلى ذلك، وبحسب متن القرار، كان من الضروري إبلاغ الدول المشاركة في اتفاقية الأسلحة البيولوجية والسميّة بنتائج التحقيق في مؤتمر المراجعة من 28 نوفمبر حتى 16 ديسمبر في جنيف ، ولكن لم تحصل الوثيقة الروسية على الأصوات التسع المطلوبة من أصل 15 ، حيث صوتت روسيا والصين لصالح القرار، بينما صوتت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا ضده ، في حين امتنعت بقية الدول عن التصويت .
ورفعت روسيا شكوى إلى الأمم المتحدة حول المختبرات البيولوجية الأمريكية في أوكرانيا، تشمل أدلة دامغة على هذه النشاطات جمعها الجانب الروسي في أوكرانيا ، وجاء في رسالتين وجههما مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا، إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن الدولي، أنه “تحت المادة السادسة من اتفاقية حظر الأسلحة البيولوجية والسمية، توجه روسيا إلى مجلس الأمن الدولي شكوى رسمية، تتضمن كافة الأدلة الممكنة التي تبرر هذه الشكوى” ، وأضافت الرسالة أن روسيا “تطلب مجددا عقد جلسة لمجلس الأمن الدولي في 27 أكتوبر 2022، لدراسة مشروع القرار المقترح”.
ويهدف مشروع القرار إلى تشكيل لجنة للتحقيق في الاتهامات التي يوجهها الجانب الروسي لواشنطن وكييف بإطلاق المختبرات البيولوجية في أوكرانيا ، وكانت موسكو تتوقع من اللجنة أن تتمكن من الكشف عن كافة التفاصيل الخاصة بالتزام واشنطن وكييف باتفاقية حظر الأسلحة البيولوجية والسمية ، وأعلنت روسيا أن عددا من دول الجمعية بقيادة روسيا والصين يدعو إلى تفعيل المادة 6 من اتفاقية الأسلحة البيولوجية بسبب أنشطة أمريكية ، ووفقا لممثل الوفد الروسي بالجمعية العامة كونستانتين فورونتسوف فإنه من أجل حل الوضع الحالي، فإن بيلاروس وفنزويلا وزيمبابوي والصين وكوبا ونيكاراغوا وسوريا وروسيا تدعو لاستخدام كل الاحتمالات المتاحة في إطار اتفاقية الأسلحة البيولوجية والتكسينية، بما في ذلك آلية المادة 6 من الاتفاقية.
وفي اجتماع اللجنة الأولى للجمعية العامة للأمم المتحدة، تؤكد روسيا أن الأسئلة المتعلقة بالأنشطة البيولوجية العسكرية للولايات المتحدة في سياق عمل المختبرات البيولوجية على الأراضي الأوكرانية لا تزال قائمة ، ولم يحصل المجتمع الدولي على إجابات شاملة من شأنها أن تبدد الشكوك في نهاية المطاف فيما يتعلق بهذا النشاط وبالتالي حل الوضع.
وتنص المادة 6 من اتفاقية الأسلحة البيولوجية والتكسينية، على أن أي دولة طرف.. في الاتفاقية تجد أن أي دولة طرف آخر تصرف بشكل ينتهك الالتزامات الناشئة عن أحكام الاتفاقية يجوز لها تقديم شكوى إلى مجلس الأمن الدولي ، وتؤكد موسكو إن كل شيء يضمن استمرار البرنامج البيولوجي العسكري الأمريكي ، تمت إزالته من أوكرانيا بعد بدء العملية العسكرية الروسية الخاصة ، وأعلنت إيرينا ياروفايا، المسؤولة في اللجنة البرلمانية الروسية لأنشطة المختبرات البيولوجية بأوكرانيا، أن واشنطن بأفعالها تحاول صرف الانتباه عن عمل مختبراتها البيولوجية في الخارج ، وقالت خلال جلسة الخبراء الثانية للجنة البرلمانية للتحقيق في الظروف المرتبطة بالمختبرات البيولوجية الأمريكية في الأراضي الأوكرانية ، يتضح الأمر بالنسبة لروسي ، أكثر فأكثر – في إطار تحقيقها البرلماني – أن كل تأثيرات الضوضاء التي تخلقها الولايات المتحدة في العالم، تهدف إلى صرف الانتباه عن أخطر برنامج بيولوجي عسكري تنفذه الولايات المتحدة في العالم، والتي قامت بتنشيطه في الآونة الأخيرة ، والإشارة إلى أنه عندما يتركز اهتمام البلدان كلها والمجتمع على الأجندة “العدوانية التي تمارسها الولايات المتحدة ضد روسيا، فإنها تقوم بهذه الصورة لصرف الانتباه عن مشروعها البيولوجي العسكري الهادف إلى إنشاء أخطر أسلحة للدمار الشامل، أي الأسلحة البيولوجية”.
مرة أخرى يعمل العالم الغربي على ” تخريب ” مفاوضات مشروع القرار الروسي حول المختبرات البيولوجية الأمريكية في أوكرانيا ، واعادوا نفس الطروحات القديمة حول الدعاية الروسية ، وجاهدوا في الترويج على ان ” المزاعم على أن الأدلة التي قدمناها غير مقنعة بشكل كاف” ، وردا على تلك الطروحات ، طالبت موسكو الأمين العام للمنظمة الدولية ، أنطونيو غوتيريش، بإجراء استبيان لآراء ومقترحات الدول الأعضاء حول هذه القضية، وتقديمها بصيغة تقرير ضمن جدول أعمال الجلسة الـ 87 للجمعية العامة ، وأكدت أن هيئة شؤون مراقبة التسلح في الأمم المتحدة، طرحت مقترحات مشابهة، خلال مؤتمر صحفي عقدته على هامش جدول أعمال الجلسة الأولى.
وهنا وامام ” الصلف الغربي ” للتنكر لجرائمه ” البيولوجية ” ، فان أمام المنظمات المسؤولة عن تنفيذ معاهدة جنيف لحظر الأسلحة البيولوجية، مهام البحث عن مسألة عدم امتثال الولايات المتحدة وأوكرانيا للمعاهدة الدولية المذكورة والمجتمع الدولي ، والانتباه إلى عدد من التهديدات البيولوجية، أهمها ما يحدث على مقربة من حدود روسيا، حيث يوجد أكثر من 50 مختبرا جرى تحديثه من قبل الولايات المتحدة ويقع تحت إشراف وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) ، ووفقا لوزارة الخارجية الصينية، تشرف وزارة الدفاع الأمريكية على 336 مختبرا بيولوجيا في 30 دولة في العالم ، وان أنشطة هذه المختبرات رافقها تدهور في الوضع الوبائي، بالإضافة إلى ظهور أمراض معدية غير نمطية في منطقة معينة ، وأنه ومنذ عام 2010 ، سجلت روسيا في المناطق المتاخمة للحدود الأوكرانية زيادة في الإصابة بداء “البروسيلات”، و”حمى كونغو القرم” ، و”حمى غرب النيل”، و”حمى الخنازير الإفريقية”.
كما ان البرلمانات الدولية ، تجد نفسها اليوم امام مهمة التصدي للإصرار الغربي على ” طمس الحقائق ” التي قدمتها روسيا ، والتي تثبت ” تورط ” الولايات المتحدة ، في البرامج البيولوجية في أوكرانيا، والعمل على تعزيز نظام اتفاقية حظر تطوير وإنتاج وتخزين المواد البكتريولوجية والأسلحة السامة وتدميرها ، والانضمام إلى روسيا والانضمام إلى تحقيقاتها المستمرة في الأنشطة البيولوجية العسكرية غير المشروعة للولايات المتحدة الأمريكية في أوكرانيا، من أجل ليس فقط دراسة الوضع بدقة، وإنما كذلك لاتخاذ خطوات على جميع الاتجاهات والمستويات ذات الصلة بالترتيب لمنع التهديدات المرتبطة بهذا النشاط، ومخاطر تقويض نظام اتفاقية حظر الأسلحة البيولوجية و”السمية”.