23 ديسمبر، 2024 11:16 ص

الأمريكان في المتنبي !!

الأمريكان في المتنبي !!

كأنّ ذلك مشهدٌ لم يشهده مشهد دراميّ من قبل وخصوصاً في الظرف الآني – الحالي . كما وكأنّ لذلك المشهد تمهيدات غير ملحوظة او لا تثير الإنتباه .!

في ضحى امس الجمعة 4\ 1 جرى منع ايقاف العجلات والمركبات في ساحة الشهداء كما هو معتاد منذ < قال وبلا .! > والطلب من اصحابها إيقاف سياراتهم في بعض المرائب القريبة و المحيطة بالساحة , وكفضولٍ صحفيّ إستفسرتُ عن سبب المنع , فقيل لي أنّ مدير المرور في طريقه للوصول هنا , ولم أعر الموضوع اهتماماً , وشرعتُ مع زوجتي لأجتياز جسر الشهداء وسوق السراي وسطَ ازدحامٍ مكثّف في هذا السوق الذي يجري التضييق عليه من اصحاب المحال على كلا جانبيه .

في وسط او منتصف شارع المتنبي رأيتُ مجموعةً من رجال الشرطة يزيحون عربات الباعة المتوقفة في وسط الشارع وبحماسٍ عالٍ , وافترضتُ مسبقاً أنّ أحد الساسة المسؤولين سيمرّ من هنا , إنّما بعدَ نحوِ دقيقةٍ ونيف فوجئتُ بمجموعةٍ من القادة العسكريين والضباط الأمريكان , ويحيطهم ” من كلّ الجهات ” عدد من ضباط الأركان والرتب العالية من كبار القادة العراقيين , بالإضافة الى ضباطٍ آخرين من شرطة النجدة وشرطة المرور , وكلهم يسيرون في منتصف شارع المتنبي < وكان الشعور الآني الذي انتابني والآخرين , كأنّ ابو الطيّب المتنبي قد هرعَ قافزاً من قبره ! > .. ومرّتْ تلك الكوكبة من أمامي على بُعدِ سنتمترات او اكثرَ قليلاً , وبقيتُ متوقّفاً في مكاني ونظراتي تترقب وتتأمل المشهد بتركيزٍ نوعيًّ مكثّف .. لاحظتُ ” اوّلَ ما لاحظته ” أنّ الضباط الأمريكان لم يلتفتوا الى يمين ولا الى يسار الشارع نحو الكتب المفروشة والمعروضة وعمّا اذا كان فيها كتبٌ باللغة الأنكليزية او سواها , بل لم يكونوا مكترثين لأية معروضاتٍ او منشوراتٍ او مؤلّفاتْ .! , نظرتي او ملاحظتي الثانية , فلفتَ نظري أنّ طريقة مشي او سير ” الكوكبة ” الأمريكية – العراقية لم تكن تلقائية ولا طبيعية كالآلاف من السائرين العراقيين , فقد كان اسلوب تحرّكهم او سيرهم اقرب الى حركةٍ او سيرٍ رسميٍّ غير بطيء ولا متسارع ! وبدا لي أنّ الهدف من ورائها ” ومن أمامها ” هو المرور واجتياز هذا الشارع وفي يوم الجمعة تحديداً , حيث يكتظّ بالمواطنين وسيّما المثقفين من اكاديميين وأدباء ورجال إعلام وسواهم من الموظفين وطلبة الجامعات وغيرهم ايضاً .

في تلكم الدقائقِ القلائل اللواتي كانت اقدامي وكأنها ملتصقة ومتجذّرة بالأرض ولا تتحرّك , حتى إبتعدوا الأمريكان عنّي لمسافةٍ طويلةٍ , وأعيني مسلّطة عليهم من كلّ الزوايا وكأنها ” بروجكتورات مرفقة بكاميرات مراقبة متطورة ” , فأنّ استنتاجاتي الأولية والإفتراضية لهذا التحرّك الأمريكي في هذا الشارع تحديداً , فكانت تومئ وتوحي أنّ هذا التصرّف الأمريكي المدروس و ” المحسوس ” لبعض الرأي الرأي العام وسيّما لرجال الإعلام ” , فكأنّه ردٌّ ” غير مباشر ” وإستباقيٍّ على بعض التنظيمات والفصائل المسلحة اللائي هدّدت وأنذرت القوات الأمريكية بقصفها وقصف قواعدها وثكناتها اذا ما رفضت الأنسحاب ومغادرة الأراضي العراقية < وتستثنى منها اربيل ” اوّلاً ” وعموم شمال العراق , او كردستان كي لا تزعل البيشمركة وتقلب المعادلة السياسية للعملية السياسية – الأنتخابية > وهي المقلوبة اصلاً .! , وبذلك ” إذا ما صحّ ” فالأمريكان يستبقون الفعل بالقول : – < ها نحنُ هنا في وسطِ شوارع العاصمة , وليس في في القواعدِ والثكناتِ فحسب .! وعدا تحكّمنا المطلق بالأجواء العراقية وما يقلع وما يحطّ فيها ممّا لا تخاله قادة احزاب الإسلام السياسي , حتى في مخيّلاتهم المفقودة والمحدودة .!

والى ذلك وسواهُ كذلك , فتقتضيني الأمانة الصحفية وغير الصحفية ايضاً , فأنَّ كلَّ التصوّرات الإفتراضية , والإفتراضات المتصوّرة جرّاء ذلك المشهد بمرور كبار القادة العسكريين الأمريكيين من أمامي ” وعن كثب ” وما افرزه ذلك منْ تفاعلاتٍ سيكولوجيةٍ , فأعترفُ ضمناً او ضمنيّاً بأن كل ما ذكرناه في اعلاه , او ما تعرّضنا اليه ي محاولاتٍ تحليليةٍ او تفكيكيّة ! , فقد يغدو بعيداً عن الدقّة حتى ولو بمسافةٍ قصيرة .! , إنّما ولكنّما ما جردتهَ واستعرضته من عموم وسائل الإعلام والسوشيال ميديا < وكذلك من تواجد عددٍ من الإعلاميين والأدباء في نهاية شارع النتنبي – وأمام مقهى الشابندر التاريخي – التراثي , والذي ساروا الأمريكان من أمامهم , فأنّ أيّاً منهم لم يتعرّض لهذا الحدث وكأنّ شيئاً لم يكن .! , وهذا ما يحزّ في النفس ويحرق احشاءها المعنوية , وقد يجهض تطلّعاتٍ وطموحاتٍ قبل موعد ولادتها .!!