قال الأمام علي (ع) ما غزا قوم في عقر دارهم الا ذلوا ولو تأملنا هذا القول لرأينا مصاديقه فلقد قرأت مرة ان احد جنود المغول أثناء احتلال بغداد طارد مجموعة من حاشية الخليفة العباسي وكان هذا الجندي لا يحمل سلاحا ورغم هذا حاصرهم في احد الأزقة وقال لهم انتظروني ولا تتحركوا حتى اجلب سيفي وفعلا ذهب وجلب سيفه وبدا بقتلهم واحد تلوا الأخر … لقد كان بإمكانهم التعاون عليه وقتله ولكن الشلل النفسي هو السائد وهو الغالب والذل والجبن الذي سيطر على نفوسهم … اليوم التاريخ يعيد نفسه من جديد فما ان وطئت أقدام الغزاة الأمريكان ارض العراق حتى أصابنا الوهن والإعياء وتساهلنا في ثوابتنا الوطنية بل حتى الدينية وأول خطوات ذلك تلاعبنا بالألفاظ فوصفنا المحتل محرر والعدو صديق والسارق لثروتنا مستثمر وما بقي اصطلاح في الاقتصاد او الدين الا وشرعنا له مقدمة لصالح المحتل واعتقد ما بقي الا ان نحلل لهم نكاح المسلمة من الكافر وربما حدث هذا بالسر دون الإعلان عنه … نعود الى أصل الموضوع ولنتأمل في معنى الذل ولنعرض اين يكمن الذل فينا فقد كنا نخاف من الامريكين عندما يسيروا في الشارع فطمعوا فينا بأنهم يسيرون على الطريق ونحن نسير على التراب بجانبهم وكم من مرة أمرونا بالتوقف حتى يغادر رتلهم العسكري .
ان الخوف هو العدو الأول للإنسان فإذا ما تملك منه جعله ذليلا خانعا مهانا خاضعا … تصوروا معي
كم عراقي في السجون ومقدار الذل الذي يعانيه السجين عند سجانه ؟
وكم عراقي جائع والجائع ذليل حتى يحصل على طعامه وربما يبذل كرامته من اجله ؟
وكم عراقي لا يملك بيتا يؤويه فيفرش الأرض او يتجاوز على الممتلكات العامة ؟ قدروا الذل والمهانة التي يعيشها مثل هذا الإنسان ؟ أليس هذه الحالات وغيرها مصاديق شاخصة لحالة الذل ولقول أمير المؤمنين .
لقد أدينا ضريبة الذل كاملة للمحتل بما فيها ضريبة الدماء فكم عراقي قتل بدم بارد من قبل الأمريكان ربما لتمتعهم بالقتل والتمثيل ؟ هكذا أصبحنا أسرى ابسط مقومات الحياة فرضينا ان تداس كرامتنا تحت أقدام الغزاة … أننا نسينا او بالأحرى تناسينا ان ضريبة الذل أفدح من ضريبة الكرامة وان تكاليف العبودية أكثر من تكاليف الحرية وان الحرص على الموت يوهب الحياة …صحيح كان هذا الأمر مفروض علينا بالقوة ولكن لعن الله من سهل للغازي ان يطأ أرضنا وينتهك حرمتنا فكان النظام السعودي والقطري والكويتي هم من فتحوا أبوابهم لهذا العدوان ويا ليتهم توقفوا عند هذا الحد بل بدؤوا يتباكون على العراق المحتل ويجمعون الشراثم المجرمة من أفغان وباكستانيين وشيشانين ومن غلاة السلفيين ليستبيحوا دماء العراقيين وأموالهم تحت شافطة مقاومة الأمريكان … وفي نهاية المطاف انعم الله على العراق بان المحتل خرج من أرضه ولكن الإرهاب المتوحش لازال يمص في دماءه كما ان الفساد المالي استشرى في جسده فقد فتحت هذه الصفحة منذ اليوم الأول من احتلال بغداد بعد ان سمحت القوات الأمريكية لقطاع الطرق والسراق وضعفاء النفوس بسرقة المال العام تحت كآمرات الفضائيات ثم جاءت الحلقة الأخرى من بعض السياسيين والمتن فذين الذين يسرقون المال العام بالسر تحت عنوان المسؤولية والمواطنة ولكن الله والشعب والتاريخ لا يرحم هؤلاء ومصيرهم الى زوال واخيرا نحن نتطلع ان ينعم علينا الله من جديد بان يزيل إرهاب سفك الدماء وإرهاب سرقة الأموال العامة من عراقنا الجريح وان نعيش متوحدين في عز وكبرياء ولنسمي باسم الله على أرضنا لكي تتطهر من دنس الأمريكان والارهابين والسراق .