10 أغسطس، 2025 10:00 ص

الأمة العربية بين مجد الحضارة وأغلال التبعية

الأمة العربية بين مجد الحضارة وأغلال التبعية

الأمة العربية امتلكت عبر التاريخ إرثًا حضاريًا عظيمًا أسهم في صناعة واحدة من أرقى الحضارات الإنسانية التي أضاءت العالم أربعة قرون متواصلة بينما كان الغرب يعيش عصور الظلام والتخلف وفي زمن الإسلام الذهبي كانت بغداد وقرطبة ودمشق والقاهرة منارات للعلم والفكر والفلسفة والطب ومراكز إشعاع حضاري امتد تأثيره إلى أوروبا وآسيا وإفريقيا وقد جاء هذا المجد بفضل رسالة الإسلام التي بعث بها الله مع نبيه محمد ﷺ دين الحق والحرية والعدل الذي حرر الإنسان من عبودية البشر والجهل وأقام ميزان التوازن بين الدنيا والآخرة كما قال تعالى “وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا” فكان هذا المبدأ قاعدة للحضارة الإسلامية التي جمعت بين العبادة والعمل وبين الروح والعقل فازدهرت العلوم وتقدمت الأمم تحت راية الإسلام لكن الغرب الذي أدرك منذ الحروب الصليبية خطورة هذه الحضارة الموحدة لم يتوقف عن السعي لتفكيكها فبدأ بالغزو الفكري والثقافي باحثًا في الإسلام عن ثغرات يمكن استغلالها ثم انتقل إلى الغزو العسكري والسياسي مستخدمًا أدوات داخلية لتدمير الأمة من الداخل وكان من أخطر هذه الأدوات صناعة تيارات متطرفة تحمل اسم الإسلام وتسيء إليه مثل الوهابية التكفيرية التي زرعت الفتن وأشعلت الصراعات الطائفية والمذهبية وأضعفت الوحدة الإسلامية

ومع الحرب العالمية الأولى نفذت بريطانيا وفرنسا مخطط سايكس بيكو لتقسيم العالم العربي إلى كيانات ضعيفة وزرع المشروع الصهيوني في فلسطين بدعم مباشر عبر وعد بلفور عام 1917 معلنين هدفهم الواضح وهو وضع العرب تحت سيادتهم وتدمير حضارتهم التي تهدد وجودهم ولم يكن اختيار فلسطين عبثًا بل جاء جزءًا من رؤية استراتيجية تعود جذورها إلى زمن الغزو الفرنسي لمصر بقيادة نابليون بونابرت عام 1798 حين أدركت القوى الأوروبية أن السيطرة على هذه البقعة الجغرافية تعني التحكم في طرق التجارة والفصل بين جناحي الأمة العربية الشرقي في آسيا والغربي في شمال إفريقيا ومنع أي مشروع وحدوي عربي أو إسلامي من النهوض لذلك كان زرع الكيان الصهيوني في قلب المشرق العربي خطوة لإقامة حاجز جغرافي يفصل الأمة ويقطع تواصلها الطبيعي

ومنذ ذلك الحين تحولت المنطقة إلى ساحة لمشروع الفوضى والتقسيم حيث جرى تعميق الخلافات الطائفية والعرقية ونشر الفساد الأخلاقي والديني ودعم تنظيمات إرهابية بواجهة إسلامية وجوهر يخدم الغرب مثل القاعدة وداعش وفي قلب هذا المشهد بقيت إسرائيل راسخة حتى اليوم بفضل عاملين أساسيين أولهما الدعم الأمريكي غير المحدود الذي جعل من الكيان الصهيوني أداة استراتيجية لحماية المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط حيث قدمت واشنطن له الدعم العسكري والاقتصادي والسياسي الشامل وضمنت تفوقه النوعي وحمته من أي إدانة دولية باستخدام الفيتو في مجلس الأمن وثانيهما الصمت والتخاذل العربي المطلق إذ غابت أي استراتيجية موحدة لمواجهة الاحتلال وانشغلت الدول العربية بصراعاتها الداخلية وحروبها البينية فيما اكتفى الموقف العربي غالبًا بالشجب اللفظي والبيانات الخطابية

وهكذا وبفعل هذه العوامل مجتمعة تم إبعاد العرب عن دورهم الحضاري وتحويلهم إلى كيانات متفرقة تعيش على هامش التاريخ الحديث تحت هيمنة الغرب وضمان استمرار التفوق الإسرائيلي بينما يبقى مشروع النهوض العربي رهين الإرادة المفقودة والوحدة الغائبة وطالما يبقى حالنا كما هو الخنوع والاستسلام يبقى العرب أمة غائبه عن الحضارة والأخطر الان هو على الأمة برمتها ذلك المشروع الخبيث مايسمى بالشرق الأوسط الجديد  نفذ بالمال العربي وعقل العرب الذي لم يغادر البداوة لازال بعض العرب يؤمن بالغزو للبلدان العربيه وتدمير قدراتها وقوتها على أمل ان يكون لهم نصيب في المشروع القادم دون وعي وإدراك وفهم عقليه الغربي الذي يريد الأرض وثرواتها دون إعطاء الآخرين أي شي فعلى كل مثقفين الامة وقيادتهم الوطنية ان تأخذ دورها بالتصدي للمشاريع الصهيونية الرامي لإقامة الامبراطوريه الصهيونية بمنطقه الشرق الأوسط . اليوم غزة تتعرض للإبادة الجماعية وشعبها يباد ويقتل ويشرد من ارضه ويقابله صمت عربي .

وإذ كانت اليوم غزة غدا كل البلدان العربية تكون تحت نيران الصهيونية .

وبعدها الندم لن ينفع أبدا .فعلى العرب ان يتركو خلافاتهم الضيقه والانتباه للخطر الوجودي القادم ..

أحدث المقالات

أحدث المقالات