22 نوفمبر، 2024 7:11 م
Search
Close this search box.

الأمة التي تلد أحزابا فاسدة

الأمة التي تلد أحزابا فاسدة

لا تظلمن إذا ما كنت مقتدرا …. فالظلم ترجع عقباه إلى الندم
تنام عينيك والمظلوم منتبه …. يدعو عليك وعين الله لم تنم
في منتصف سنة 2002 وصلتنا دعوت نحن الشباب المغتربين في دول الاتحاد الأوربي ، من قبل أشخاص يمثلون أحمد الجلبي من أجل الالتحاق إلى معسكر أقيم في بلغاريا برعاية حزب المؤتمر العراقي الذي يملكه الجلبي ويترأسه هو ، ومن باب الفضول الصحفي لا أكثر قررت السفر والإطلاع على ما يجري بحجة المشاركة ، وحينما دخلنا المعسكر المقام في منطقة تبعد عن العاصمة أكثر من خمسون كيلو متراً تم استقبالنا بحفاوة تامة وكان من يشرف على تمشية الأمور انتفاض قنبر مساعد أحمد الجلبي ، وحينما تجمعنا قد تفاجئ الجميع حينما شاهدوا أشخاص يرتدون ( القلنصوة اليهودية ) على رؤوسهم ، وتبين أن هؤلاء خبراء ومستشارين ومشرفين يقومون بتهيئة وتدريب مجاميع ستدخل مع القوات المحتلة إلى بغداد ، وحينما وجهه أحد الأخوة سؤاله لانتفاض قنبر عن حقيقة هؤلاء الأشخاص ، ولماذا يقومون بالاستعانة بالصهاينة وهم يدعون أنهم سيجلبون الحرية والديمقراطية لشعب العراق ، كان رد قنبر أن على الجميع أن لا يتحسس من تلك الأمور الشكلية لأن هؤلاء أمريكان وليس أسرائيلين ولكنهم يهود أمريكان ، وهذا شأنهم فيما يرتدون .

حينما حضرت صدفة في أحدى الحسينيات في منطقة السيدة زينب بدمشق ، لحضور عزاء أحد الأخوة بداية سنة 2003 كان قد حضر العزاء جواد المالكي ألذي تبين فيما بعد أن أسمه الحقيقي نوري المالكي ، وكان شخصاً مغموراً وغير معروف ، ولكن من كان بصحبته ، وأثناء تداول الحديث عن وضع العراق والتهديدات التي كانت موجهة له ، عرفنا الشخص المرافق للمالكي بشخصية المالكي على أنه أحد أعضاء حزب الدعوة ، وقد وجدت الرجل كما هم أعضاء حزب الدعوة غالباً ، كثيرون الكلام وقليلون الفعل ، وكان المالكي في حينها قد ترك عمله بمحل المسابح والخواتم شرق المقام ، وأنتقل إلى منطقة جرمانة ليمارس مهنة دلالية استئجار الشقق مع شخص سوري ، وكانت لدية مشاكل مالية مع بعض الأشخاص من اللذين يدين لهم نتيجة إستلافه المتكرر بسبب العوز وقلة الإمكانيات .

ما جعلني أتطرق لهذين النموذجين من السياسيين العراقيين هو حجم الألم الذي سببوه للشعب العراقي منذ تواجدهم بالساحة السياسية ، بل الأكثر من ذلك أن يسببان الألم للأمة التي يتكلمون باسمها ، وبالمناسبة فهؤلاء لا يتكلمون عن الأمة العربية نهائياً لأنهم يعتبرونها عدوتهم في كل شيء ، ولكنهم يتكلمون بأسم الأمة الإسلامية نتيجة لادعائهم بأنهم سياسيون إسلاميون وهنا الطامة الكبرى ، عند مشاهدتي لمقطع شتائم أحمد الجلبي للشعب العراقي ، حينما كان يعتقد أن المايكرفون القريب منه مغلق أثناء استضافة اللجنة المالية بالبرلمان قبل أيام التي يرأسها حينما كرر عبارة ( ألعن أبو الناس ) وكان يرد على من كان بجانبه ، والناس هم نحن الشعب العراقي

بجميع مكوناته ، وحينما استمعنا في وقت سابق لما قاله المالكي علناً وأمام الملاْ بعبارة ( ما ننطيها ) وكأن العراق قد أصبح غنيمة تحت رجليه .

ولو قارنا أفعال هاذين الشخصين على مدار أكثر من عشرة سنوات مضت ، فلا نجد سوى سرقة المال العام ، والاستيلاء على أراضي ومنشئات ومباني تابعة للدولة ، ناهيك عن سرقة الأموال ، واستخدام العصابات المنظمة في القتل والاغتيال وغيرها .

فالجلبي وهو لص دولي معروف ، وعميل لجهاز المخابرات الأمريكية ، وبعد محاولاته المتكررة طيلة السنين الماضية أن يحصل على قدر كافي من الأصوات في جميع الانتخابات البرلمانية التي مرت فلم يتمكن من ذلك ، وحاول جاهداً أن يجد له موضع قدم بأي حقيبة وزارية فلم يفلح ، وبقي يتحرك ضمن سقف محدد من الأعمال الجانبية ، ومنها محاولته لإنشاء ما يسمى بالبيت الشيعي كي يخطف الأنظار ، ويجد له نافذة يتصرف من خلالها ، وكذلك الأمر لم يصمد وقد تبخر بوقت أسرع مما كان يعتقد ، ولكن حينما زج بنفسه مع كتلة المواطن التابعة لتنظيم عمار الحكيم ، حصل على مقعد برلماني ( تعويضي ) فوجد ضالته ، وأول ما سعى أليه هو اللجنة المالية البرلمانية ، التي يتمكن من خلالها العودة لنشاطه المالي القديم ، في التعامل مع الميزانيات والحسابات والأرقام لأنها تفتح شهيته كثيراً ، وبذلك حقق السلطة التي كان يبحث عنها تحت غطاء المجلس الأعلى لأنهم وجدوا فيه ما كانوا يبحثون عنه من أجل تغطية وتشريع وحماية مصادر التمويل المشبوهة .

أما المالكي فلم يصدق ما وصل أليه من منصب وجاه وسلطة ، فأول عمل قام به هو احتلال حزب الدعوة ، وتصفية رموزه ووضع يديه من خلال أصهاره والخانعين له تماماً كي يقدم صورة بائسة عن حزب كان جميع أعضائه يهللون ويصرخون ليل نهار أنه أمل الأمة ومبتغاها ، ولكن كانت تنقصه الوسائل ، وفي مقدمتها ، وسيلة استلام الحكم وتمشية أمور العباد ، على العدل والأنصاف ، ولذلك قام بتسمية كتلته بدولة القانون ، والتي لم تحترم القانون ولم تعمل به نهائياً ، ولكنها استخدمت القانون حسب مزاجها ومصالحها .

ولو مررنا سريعاً على أغلب اللذين تكلموا بأسم الدين وتحت راية الأمة الإسلامية من مختلف الأحزاب والجماعات أو الحكومات ، فتجد أفعالهم وممارساتهم لا تمت للدين بصلة ، وتلك العائلة السعودية الفاسدة فعلمها يحمل أسم لفظ الجلالة ، وقانونها الشريعة والقرآن ، ولكنها دأبت ومنذ نشأتها على أمر وحيد ، هي صورة العميل المنبطح للأوامر الاستعمارية والصهيونية من دون خجل ، ولم تترد في استخدام الأموال الضخمة التي تجنيها من كميات البترول إلا لقتل المسلمين وتشريدهم في أصقاع الأرض وخدمة المشاريع الأمريكية والصهيونية بكل وقاحة من خلال تفريخ المجموعات الإجرامية مثل القاعدة وأخراها ودوا عشها نتيجة للفكر الوهابي الذي يلتحف بالإسلام وأمته .

فهل لم تلد لنا تلك الأمة إلا هؤلاء ؟ أم أن الأمة هي ضحية حقيقية ومجني عليها ، وجميعنا نتفرج غير مبالين وننتظر الفرج !

أحدث المقالات