لا يمكن لنا في هذه العجالة أنّ نتكلم عن خُلق وعلم أهل بيت النبوة الكرام الذين خصهم الله تعالى في آيات كثيرة نزلت بحقهم وهي تشير إلى رفعة مقامهم الكبير وعظمة منزلتهم عند ربْ العزة والجبروت، ولا بُد لنا أنّ نتحدث ونستعرض مواقفهم العلمية وشجاعتهم وتصديهم لكل جبروت وطاغٍ أرادَ انّ يسيء للإسلام المحمدي الأصيل من خلال توجهاته الانحرافية، وأساليبه القمعية تجاه الإسلام والمسلمين، وفي هذا المقام نُريد تسليط الأضواء حول الأمام الصادق –عليه السلام- وهو يحاور أبو حنيفة النعمان الذي وقف عاجزًا أمام جبل شامخ، وشخصية طالما عُرفت بالإبداع والعلم الزاخر، وهي رسالة لكل المنحرفين عقائديًا ممن انتهج منهج وسلوك اتباع الخط المارق التكفيري وتبين لهم حقيقة أئمتنا الكرام بأنهم أهل علم ومعرفة ودراية وهم أحق من غيرهم بتولي قيادة الأمة ونذكر هنا هذه القصة لتمام الفائدة : عن عبد الله بن شُبْرُمة قال: {{دخلت أنا وأبو حنيفة على جعفر بن محمد – عليه السلام – قال لابن أبي ليلى: مَنْ هذا معك؟ قال: هذا رجل له بَصَرٌ ونفاذٌ في أمر الدين، قال – عليه السلام -: لعلّه يَقيس أمرَ الدين برأيه؟ قال: نعم، قال: فقال جعفر – عليه السلام – لأبي حنيفة: ما اسمك؟ قال: نعمان. قال: يا نعمان، هل قستَ رأسَك بعد؟ قال: كيف أقيس رأسي؟ قال – عليه السلام- :هل علمت ما الملوحة في العينين، والمرارة في الأذنين، والحرارة في المنخرين، والعذوبة في الشفتين؟ قال: لا، قال – عليه السلام – : فهل علمت كلمة أوّلها كفر وآخرها إيمان؟… فقال ابن أبي ليلى: يا بن رسول الله، أخبرنا بهذه الأشياء التي سألته عنها، فقال – عليه السلام – : أخْبَرَني أبي عن جَدّي، أنّ رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – قال: {إنّ الله تعالى – بمنّه وفضله – جعل لابن آدم الملوحة في العينين؛ لأنّهما شحمتان، ولولا ذلك لذابتا، وإنّ الله تعالى- بمنّه وفضله ورحمته على ابن آدم- جعل المرارة في الأذنين حجابًا مِن الدواب، فإن دخلت الرأس دابة والتمست إلى الدماغ، فإذا ذاقت المرارة، التمست الخروج، وإنّ الله تعالى- بمنّه وفضله ورحمته على ابن آدم- جعل الحرارة في المنخرين يستنشق بهما الريح، ولولا ذلك لأنتن الدماغ، وإنّ الله تعالى- بمنّه وكرمه ورحمته لابن آدم- جعل العذوبة في الشفتين يجد بهما استطعام كلّ شيء، ويسمع الناس بها حلاوة منطقه}… ثم أقبل – عليه السلام – على أبي حنيفة فقال: يا نعمان حدَّثَني أبي، عن جدّي، أنّ رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – قال: {أوّل مَن قاس أمر الدين برأيه إبليس، قال الله -تعالى – له: اسجد لآدم، فقال: {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} الأعراف:12/ص:76، فمَن قاس الدين برأيه، قرنه الله – تعالى – يوم القيامة بإبليس، لأنّه اتبعه بالقياس}… اتَّقِ الله، ولا تَقِس الدين برأيك}} شرف أصحاب الحديث: البغدادي// ذم الكلام: إسماعيل الهروي// الحلية: أبو نعيم// أخبار القضاة: وكيع القاضي// العظمة: أبو الشيخ// ابن خلكان: ترجمة جعفر الصادق// ابن القيم: أعلام المُوَقّعين: حجج مانعي القياس// الزبير بن بكار: الأخبار المُوفَّقيّات// الفقه والمتفقه: الخطيب البغدادي// الفوائد: تمام الرازي. مقتبس من المحاضرة { 15 } من بحث: (الدولة .. المارقة .. في عصر الظهور … منذ عهد الرسول – صلى الله عليه وآله وسلّم – ) بحوث : تحليل موضوعي في العقائد والتاريخ الإسلامي للمرجع المحقق
وقد كان ولا زال لعلم أهل النبوة ومنزل الوحي العديد المزايا في الخطابات الدينية والتوجيهية لكل المسلمين بما تحمل كلماتهم من معانٍ يخلدها التاريخ بماء من ذهب .