26 نوفمبر، 2024 1:39 م
Search
Close this search box.

الألقاب والبحث عن الضوء …

الألقاب والبحث عن الضوء …

-1-
قال المتنبي :
وتركتُ مدحي للوصيّ تَعَمُدّاً
                   إذْ كان نوراً مستطيلاً شامِلاً
واذا استطالَ الشيءُ قام بنفسهِ
                   وصفاتُ ضَوْءِ الشمس تذهب باطلا
كما أنّ الشمس لاتحتاج الى تعريف ، فأشعتُها الباهرة تغمر الكون بهاءا …
فكذلك العظيم ، لايحتاج الى ألقاب …، ويكفي ان تذكر اسمه مجرداً منها ، فتشرأب الاعناق اليه ، وتراه ملء القلوب والعقول والأسماع …
-2-
لقد عبّر الإمام الشهيد السيد محمد باقر الصدر – رضوان الله عليه – بجملة واحدة ، عن نظرية اجتماعية أخلاقية ، تنطق بصدقها الوقائع الحيّة ، وتؤكدها سيرة العظماء عبر التاريخ .
إنّ الذين يُطلقون على أنفسهم الألقاب ، هم الذين لايملكون وجوداً حقيقياً ، وبالتالي فهم يحتاجون الى التزويق والتنميق ، وإضفاء الصفات والنعوت عليهم لاخراجهم الى دائرة الضوء ..!!
والفرق كبير بين مَنْ يبحث عن الضوء ومَنْ يبحثُ الضوءُ عنه .
ان صاحب الوجود الحقيقي لايبحث عن الضوء ، وانما يبحث عنه الضوء .
قبل أيام ، قرأت في بعض الصحف خبراً جاء فيه :
” أُزيح الستار في موسكو، عن تمثال نصفي، لعالِم الدين والفيلسوف العراقي محمد باقر الصدر في حفل أقيم في مكتبة جامعة موسكو الدولية “
وجاء في الخبر :
ان عدداً من الكلمات ألقيت في الحفل، أشادت بما قدّمته هذه الشخصية الفذة، من عطاء فكري غير مسبوق، ساهم في إغناء الارث الاسلامي، في مجال الفقه والعلوم الدينية والفلسفة وعلوم الاجتماع والاقتصاد والمنطق )
-3-
ومن المفيد الاشارة الى ان الدكتور شلبي ملاّط–وهو مسيحي ماروني لبناني – ، نال درجة الدكتوراة من جامعة (سوس) في بريطانيا، باطروحته المتعلقة بالفكر الاقتصادي للامام الشهيد السيد محمد باقر الصدر .
وما هذان المثالان الاّ الدليل العلمي على صحة نظرية الامام الشهيد الصدر – قدّس سرّه-، فقد كان يُصرُّ على ان يكتب اسمه المجرد من كل الألقاب .
إنّ العالَم لم يكتشف حتى الآن، كل أبعاد هذه الشخصية العملاقة، التي جرّدت نفسها من الألقاب ، ولكنها لم تكن خافية على ذوي الألباب …
فالفضلُ لايعرفه الاّ أهله .
-4-
ان أول من لقّب (بحجة الاسلام) عند الامامية، هو المرجع الديني الأعلى في عصره، المرحوم السيد ميرزا محمد حسن الشيرازي (ت1312 هجرية) بينما تلقّب بهذا اللقب قبله بقرون (الغزاّلي) صاحب إحياء علوم الدين ..
-5-
أما اليوم فقد أصبح إطلاق أكبر الألقاب على أشباه الأميين عمليةً سهلة لايتحرج منها باعة الانصاف ..!!
-6-
وتجد أنّ بعضهم وهو – الكسيح علمياً واجتماعياً – تسبق إسمَه سطورٌ من العبارات الضخمة، والألقاب الفخمة التي لاتطلق على أكابر العلماء ومحققيهم ، وهي ليست الاّ من الأكاذيب، ولا حول ولا قوة الاّ بالله العلي العظيم .

[email protected]

أحدث المقالات