23 ديسمبر، 2024 5:25 ص

الأكراد.. أصدقاء أم أعداء!

الأكراد.. أصدقاء أم أعداء!

يزدان وادي الرافدين منذ أكثر من أربعة آلاف عام بالفئات والقوميات والجنسيات على تعددها، فكانت على مر الدهور سومرية وأكدية وبابلية وآشورية. وعلى الرغم من ترامي أطرافه وتنوع أراضيه بين سهل وجبل وهور وصحراء وهضاب، كذلك على اختلاف لغات ساكنيه، إلا ان العامل المشترك بينهم كان التمسك بأرض الوطن، وتقديم كل مامن شأنه رفد حضارته وديمومتها ومواكبتها حضارات الأمم. ومن هذا المنطلق يكون حريا بنا نحن العراقيين، ان نتعامل مع بعضنا بحسابات المصلحة المشتركة والمصير الواحد، بصرف النظر عن القومية والعرق واللغة والدين والطائفة.
وعلى المدى القريب من الزمن وتحديدا في مثل هذا اليوم من عام 1970 تم التوقيع على اتفاقية الحكم الذاتي للأكراد بينهم وبين الحكومة العراقية آنذاك، وهي خطوة رائعة لو تمسك الاثنان -لاسيما الطرف الكردي- بفحوى قانون الحكم الذاتي الصادر حينها. إذ ورد في بعض بنوده اعتبار منطقة كردستان وحدة ادارية واحدة، لها شخصية معنوية تتمتع بالحكم الذاتي في اطار الوحدة القانونية والسياسية والاقتصادية للجمهورية العراقية، وتجري التقسيمات الادارية فيها وفقا لاحكام قانون المحافظات. كذلك نصت الفقرة (د) من القانون على أن المنطقة جزء لايتجزأ من ارض العراق، وشعبها جزء لايتجزأ من شعب العراق. اما من ناحية الحقوق القومية -والتي لم تعط لاي شعب مجزأ في الدول التي تحتوي في تركيباتها السكانية القومية الكردية.. وهي ايران وتركيا وسوريا- فمن ضمنها ان تكون اللغة الكردية اللغة الرسمية الى جانب اللغة العربية في المنطقة .اما من الناحية المالية في قانون الحكم الذاتي.. فقد اعتبرت المنطقة وحدة مالية مستقلة ضمن وحدة مالية الدولة. وفي المادة السادسة من القانون تكون للمنطقة ميزانية مالية خاصة ضمن الميزانية الموحدة للدولة.
مما تقدم يتبين لأي منظر ماهية ماممنوح للأكراد من حقوق ضمنها هذا القانون، إذ أنه قانون يصب في مصلحة الأكراد بالدرجة الأولى. لكن الغريب هو ماحدث ومازال يحدث بعد عام 2003 وهو مالم يكن يتوقعه العراقيون العرب أن يصدر من ساسة الاقليم ومسؤوليه، وهم جزء من العراق والعراقيين كما نص القانون المستندين عليه. ولن أغور في البعد الزمني لما صدر منهم قبل أكثر من عقد من السنين، في تضييق الخناق على المسافرين الى محافظات الشمال من العراقيين العرب، وفرض مدد على إقامتهم وتحجيم أعمالهم وتجارتهم، بل وحتى تكرار زياراتهم هناك.
أما الماء الذي جعل الله منه كل شيء حي، فلا أظن أحدا منا قد نسي كيف تمادى الجانب الكردي قبل سنوات بالتحكم فيه بشكل ينم عن خطط شيطانية ماكان مفترضا بهم اللجوء اليها، إذ نسوا -على مابدا- أن المحافظات الجنوبية -بالنسبة لمحافظاتهم- هي الرحم الأم للجمهورية التي تحتوي الجميع؛ عربا وأكرادا وأيزيديين وصابئة وشبكا. وقطع الماء عنهم او تقنينه عليهم، معناه كما نقول نكران لـ (الزاد والملح) كما نسوا أيضا كم من العوائل الكردية يقطنون المحافظات جميها (أبا عن جد)!.
اليوم، ما زال الجانب الكردي يشكل عبئا على الحكومة المركزية، وبالتالي هو عبء على العراقيين جميعا، لاسيما وقد ثقلت وطأة استفزازات الحاكمين فيه بشتى التصريحات المغيظة والمريبة، ليس اولها الدعوة الى الانفصال، كما أن آخرها ليس السماح للتدخلات التركية على أرض المحافظات العراقية الشمالية، والحبل على الجرار بما يضمرون لنا فيما تسنح لهم الفرص والثغرات.
[email protected]