تُطلق كلمة (ستلايت Satellite) على كل تابع فضائي ، وقد استخدمت هذه الكلمة قديما للدلالة على القمر ، التابع الأرضي الوحيد ولا تزال ، كونه متأثرا بجاذبيتها ويدور في فلكها ، وقد لاحظ الأنسان قديما ، أن الجرم صاحب الكتلة الأكبر يكون ساكنا (نسبيا) ، والتابع ذو الكتلة الأقل هو الذي يدور ، فبسبب أستمرار قوة الجذب ، يجب على التابع الدوران حول الجرم الأكبر لتوليد قوة طرد مركزي تكافئ قوة جذب الجرم الأكبر له ، وهو نمط كوني موحّد ينطبق على الذرة بنواتها الثقيلة بالنسبة للألكترون الدوار ، انتهاءا بالمجرات ، وحسب قانون (نيوتن) في الجاذبية الذي ينص على (يتجاذب أي جسمين في الكون بقوة تتناسب طرديا مع حاصل ضرب كتلتيهما ، وعكسيا مع مربع المسافة بينهما) .
حاول الأنسان تقليد حركة الأجرام ، بأطلاق الأقمار الصناعية (Artificial Satellite ) ، ونجح عندما أطلق الروس أول قمر صناعي اسمه (سبوتنيك 1) عام 1957 ، وكان ذلك إيذانا ببدء عصر الأقمار الصناعية ، لم يكن هذا القمر سوى كرة معدنية ، نُصبت عليها أربعة هوائيات ، تبث موجة قصيرة معدلة بأصوات تشبه الصفير المتقطع ، استلمتها كل محطات الأرض ، وقد توقف عن العمل بعد بضعة أيام بسبب نفاذ بطاريته ، وتحوّل إلى نفاية فضائية ثم إحترق في جو الأرض .
من قانون نيوتن في الجاذبية نلاحظ ، أن القمر الصناعي كلما كان قريبا من الأرض ، كانت الجاذبية عليه عالية ، وبالتالي وجب عليه الدوران اسرع ، وكلما كان بعيدا عنها ، كان الدوران أبطأ وهكذا ، مع اهمال كتلة القمر الصناعي ، لكونها لا تُقارن بكتلة الأرض .
يُطلق القمر الصناعي بواسطة الصواريخ ، ويوضع القمر عادة في مقدمة (رأس) الصاروخ ، ومحاط بكبسولة يُثبّت غلافها بواسطة براغي بحشوات متفجرة ، وعند وصول القمر إلى الأرتفاع المطلوب ، تنفجر براغي حاويته ، فيتحرر القمر الصناعي منها ، بعد أن يكتسب سرعة إبتدائية من الصاروخ الحامل له ، وستبقى هذه السرعة ثابثة في الفضاء رغم غياب المؤثر ، بسبب إنعدام اي مقاومة تقوم بإبطاءه وهي الهواء ، لهذا تدور دوما خارج الغلاف الغازي للأرض الذي لا يتجاوز ارتفاعه 100 كم ، مع العلم أن نصف قطرالأرض بحدود 6300 كم ، اي لو كانت لديك (كرة سلة) ، وغمستها في دلو ماء ، وأخرجتها ، فإن سمك طبقة الماء الى حجم الكرة ، كالنسبة بين سمك الغلاف الغازي الى حجم الأرض ، ويضم القمر الصناعي أجهزة إلكترونية ذات معايير عالية تقوم بإلتقاط الإشارات الأرضية ، وتصفيتها وتضخيمها ثم إعادة بثها إلى الأرض بواسطة هوائيات القطع المكافي (Parabolic Antenna) ، وعلى هذه الأجهزة مواجهة تحديات إنعدام الوزن ، ودرجة الحرارة المنخفضة (حوالي سالب 200 مئوية( التي تهشم التركيب البلوري لأشباه الموصلات (Semiconductors) للإلكترونيات ، والفراغ الذي يسبب ضغطا منخفضا للغاية ، كذلك الأشعة الكونية خصوصا أشعة غاما التي تدمّر الأجهزة الإلكترونية وتشوشها ، لذلك توضع هذه الأجهزة داخل صناديق معزولة حراريا ، ومغلفة بصفائح رقيقة من الذهب كدرع للحماية من الأشعة الكونية ، يضم الصندوق مدفأة كهربائية للحفاظ على درجة حرارة الأجهزة بحدود 20 مئوية .
للقمر الصناعي حجرة للوقود ، وهي لا تتعدى خزانات فولاذية كروية (لأن الضغط المنخفض يشوّه الخزانات المكعبة) تحتوي على هواء مضغوط ومُسال ، تتفرّع منها ثلاثة أنابيب معدنية تنتهي بثلاث محركات رفس (Kick Motor) ، وهي عبارة عن نفاثات (نوزلات) تحول الهواء المسال إلى غاز بضغط عال عندما يغادر هذه النفّاثات إلى حيث الفضاء ، وهو كاف لإحداث رد فعل على جسم القمر الصناعي ، لأن حسابات الفضاء تختلف عما هي للأرض ، تُستخدم هذه النفاثات للحفاظ على دقة تصويب هوائياته للأرض وموازنته وتتم عادة السيطرة عليها من محطات التحكم الأرضي (Mission Control) ، وربما يحتاج القمر إلى نفثة كل بضعة شهور ، المحركات الثلاثة تقوم بتحريك القمر حول محاوره الفراغية الثلاث المسماة (Roll , Pitch ,Yaw) ، ويحتوي على محرك رابع لدفع القمر ككل ، للحفاظ على سرعته في المدار ، لأن سرعته وإتزانه قد تتغير بسبب تعرضه لجاذبية كويكب ، أو من القمر أو المذنبات .
هنالك جزء يمثل وحدة الطاقة التي تكون شمسية عادة ، تُفرد في الفضاء ، وعند وقوع القمر الصناعي في ظل الأرض ، يستخدم بطاريته النووية التي يتجاوز عمرها 25 سنة .
أنواع الأقمار الصناعية حسب مداراتها ..
1. أقمار الإرتفاعات الواطئة (Low Altitude Satellite)
وهي الإرتفاعات الأقل من 36 ألف كم ، يبلغ أوطأ إرتفاع للقمر الصناعي 300 كم ، لهذا عليه الدوران بسرعة خطية تبلغ 30 ألف كم/ساعة ، ومحطة الفضاء الدولية (International Space Station ,ISS)، بإرتفاع 500 كم ، تدور بسرعة 28 الف كم/ساعة ، وبذلك تكمل دورة كاملة حول الأرض كل 90 دقيقة ، وهكذا تقل السرعة كلما زاد البُعد عن الأرض ، وعلى هذه الإرتفاعات تستخدم الأقمار الصناعية العسكرية لتوجيه الصواريخ ، وللتجسس ، وللدراسة البيئية ، والأنواء الجوية ، ولأقمار التموضع العالمي (GPS) حيث يوجد منها 24 قمرا للخدمة في هذه اللحظة وعلى إرتفاع 20 ألف كم ، وتكمل دورتين حول الأرض كل يوم .
2.الأقمار الثابتة جغرافيا على إرتفاع 36 ألف كم .
عند هذا الأرتفاع ، ستكون سرعة القمر بحدود 11 الف كم/ ساعة ، ليكمل القمر الصناعي في هذه الحالة دورة واحدة حول الأرض كل 24 ساعة ، اي أنه يدور بالضبط نفس سرعة دوران الأرض حول محورها كل يوم ، لذلك يبدو القمر الصناعي وكأنه ثابت بالنسبة للشخص الراصد على سطح الأرض ، تسمى الأقمار الصناعية على هذا الأرتفاع بالقمار الصناعية الثابتة جغرافيا (Geostationary Satellites ,GSS) ، وتفيد في صنع محطات أرضية ذات هوائيات ثابتة ، وأبسط مثال ، اطباق إلتقاط أجهزة البث التلفزيوني في منازلنا ، وتسمى الأقمار الصناعية ذات البث التلفزيوني المباشر (Direct Broadcast Satellite , DBS) ، كذلك في الإتصالات الهاتفية وخدمة الإنترنيت .
3.مسابر الفضاء (Space Probes) .
وتكون إرتفاعاتها متغيرة ، أي إنها تُطلق من الأرض وتدور حولها عدة دورات حلزونية لتفلت من جاذبيتها تدريجيا حتى الهروب منها لتدخل أعماق الكون ، وتستخدم لفحص ودراسة الكواكب والمذنبات الأخرى ، وتبقى على إتصال مع المحطات الأرضية أثناء سفرها لتزويدها بالصور والمعلومات ، منها (مارينر 2Mariner) ، مسبارا (فويجر Voyager) ، (كاسيني) ، (أوبورتيونيتي) ، (سبيرت) ، (غاليليو) ، الخ .
يقدر عمر القمر الصناعي 25 سنة ، يتحول بعدها إلى نفاية فضائية ، عندها إما أن يقع فريسة جاذبية الأرض ، فيدخل غلافها الغازي بسرعة عشرات الكيلومترات في الثانية ! ، لهذا يحترق كليا ويتحول إلى غاز مثل أي نيزك ، أو أن يهيم في الفضاء ، أو أن يتم إصطياده بواسطة المكوك الفضائي (Space shuttle) وإعادته للأرض ، يوجد الآن ما يزيد عن 500 ألف قطعة هائمة على شكل نفايات فضائية تدور حول الأرض ! .