وطن بلا مواطن لا قيمة له، ومواطن بلا إنتماء يعني وطن هشّ، معادلة لا تقبل النقاش أو الخلاف، فالإنتمائية صفة تتعلق بالمواطن، ولكن تعميق هذا الشعور بما ينتج عنه، يقع على عاتق الدولة المتمثلة بالحكومة، والمتصدرين للمشهد السياسي، ليترجمه الفرد في مجتمعه، وينعكس إيجاباً على تطوره وتقدمه، وموافقة الناس في أقوالهم وأفعالهم، يتطلب إحساسهم بالأمن، والأمان، والمواطنة.
العراقيون عاشوا منذ عقد ونيف، فصولاً من العنف، والإرهاب، والفساد، لكن الحكومات السابقة لم تفكر في الأقليات التي تعيش في العراق، منذ الآف السنين جنباً الى جنبنا، إنهم سكان العراق الأصليين، متناسين أن نجاح الدولة لا يمكن أن يتم، بنجاح المكونات الثلاثة الرئيسية فقط،(الشيعة السنة والكرد) دون النظر الى الأقليات، فمراجعة شاملة لما قُدم لهذه المكونات تكاد لا تذكر لكنها إن إمتزجت معنا، ستكون فسيفساء جميلة لعراقنا الجديد.
سؤال هل العراق لهذه المكونات الثلاثة فقط؟ لا أكيد، فالعراق بلد التنوع، وبدون البقية من المسيح، والتركمان، والشبك، والأيزيديه، والصابئة المندائية، يعتبر بلداً غير متكامل، لأنهم جزء من هذا الشعب الأصيل.
إن هذه المكونات العرقية والدينية، تعرضت للإبادة والظلم والتهجير، لذا فان إطفاء الحرب الطائفية والمذهبية، لن تنجح دون مراعاة حقوق الأقليات، وهذا يحتاج الى حكمة ودراية، فهذه الأقليات تعد مفخرة إجتماعية، ومكمل للنسيج العراقي، وذلك لأنها تحمل أرثاً حضارياً وجهادياً ثرياً، حالها حال بقية المكونات، لذا نحن بحاجة الى رجل جامع للكلمة، موحد للرؤية، يكون قطب الرحى في عراقنا ما بعد داعش.
القائد الناجح، هو مَنْ يستثمر علاقاته لهداية الناس، وإصلاح المجتمع، وليس إهمال حقوقهم، فالسياسات العليلة المتلكئة؛ سببها السياسي العليل المريض طائفياً، وسياسياً، ووطنياً، ولا يشعر بصفة المواطنة، ولا يحس بجمال بلده، لذا يرغب في بقاء الوضع على ما هو عليه، ومثل هذا النموذج السياسي، أصبحوا بلاءً على المواطن، وهو مرض مستشرٍ في جسد البلد، ولا يمكن الشفاء منه، إلا باستئصاله نهائياً.
ختاماً: كرامة إخواننا من الأقليات الدينية، والمذهبية، والعرقية، هو الطريق لكرامة الإنسان العراقي كيفما تكن هويته، فالتلاقح الفكري، والحضاري، والاجتماعي لهذه الأقليات باقٍ مع باقي المجتمع، وهذا يعني أنهم جزء لا يتجزأ من العراق، كما أن اصدق تعابير الوطنية، هي أن تخدم وطنك بصدق، بعيداً عن العصبية، والعنصرية، والمذهبية أيها السياسي الحاذق.