6 أبريل، 2024 11:58 م
Search
Close this search box.

الأقليات في إيران 

Facebook
Twitter
LinkedIn

على الرغم من أن إيران تحاول دائما طرح نفسها على أنها القوة العظمى التي لا تقهر ،والتي لا يمكن أن تهزم أو يتم اضعافها إلا أن الأمن القومي الإيراني يعاني من عدد من المشكلات التي لو استثمرها أعداء إيران لأكتشفنا أكذوبة إيران التي لا تقهر.
ولعل أهم هذه المشكلات هي مشكلة الأقليات في إيران ،وهذه المشكلة تهديدا قد تشكل في المستقبل خطرا شديدا على الدولة الإيرانية وعلى وحدتها
إن إيران تعاني من تنوع اثني شديد ،فهناك تنوع عرقي يتمثل في وجود ما يقارب من تسعة جماعات اثنية هم الفرس وهم الأغلبية ،،والآذاريون ،والأكراد ،والعرب ،واللور ،والبلوش والأتراك وغيرهم من الجماعات العرقية المختلفة ،أما على صعيد التنوع الديني فالشعب الإيراني هم شعب في أغلبيته من المسلمين ويوجد بالإضافة لهم أقليات دينية مسيحية ويهودية وزرداشتية ،أما على مستوى التنوع اللغوي فهناك تنوع شديد يتمثل في وجود عدد من اللغات وأهمها اللغة الفارسية ،واللغة التركية،واللغة الكردية واللغة اللورية ،واللغة العربية واللغة البلوشية ،واللغة الأرمنية ،أما على مستوى التنوع المذهبي فغالبية الشعب الإيراني هم من الشيعة الإثنى عشرية والبقية  من السنة .
إن هذا التنوع الشديد يحمل في طياته عدد من المشاكل الهامة التي يمكن أن تشكل تهديدا خطيرا للأمن القومي الإيراني وأهم هذه المشاكل هي :-
1-التركز الإقليمي وهذا يعني أن هذه الأقليات تتركز في أماكن معينة ومحددة ولا تنتشر داخل الجمهورية الإيرانية ،وتزداد المشكلة خطورة إن عرفنا أن بعض هذه الأقليات تعيش في أماكن جغرافية شديدة الوعورة كالجبال وتتواجد على الحدود الإيرانية مع غيرها من الدول المجاورة مثل البلوش ،والأذاريين والعرب مما يجعلها قادرة وقتما تريد على التمرد مستغلة أن الجبال تمنح سكانها حماية تمكنهم من شن حروب عصابات منهكة لاي جيش نظامي ،ومستنزفة لأي اقتصاد قومي خاصة وأن كان يعاني كما هو الحال مع الإقتصاد الإيراني الذي تركت سنوات الحصار آثارها التي لا يمكن تجاهلها بأي حال من الأحوال .
2-من المشاكل الهامة المرتبطة بوجود هذه الأقليات في أماكن جغرافية بعيدة وشديدة الوعورة أن سكان هذه الجماعات سيشعرون بالعزلة والغربة عن المجتمع الإيراني ،وستعمل هذه الجماعات على الحفاظ على تميزها الثقافي واللغوي مهما كلفها الأمر وبالتالي سيصبح من الصعب خلق حالة من التكامل القومي الإيراني ،أو الحديث عن هوية إيرانية موحدة وهو الأمر الذي سيشكل خطورة على المدى البعيد على تماسك المجتمع الإيراني وقدرته على الوقوف أمام التحديات الخارجية بشكل موحد .
3-أيضا من المشاكل الهامة المتعلقة بوجود هذه الجماعات الإثنية في مناطق جغرافية محددة وبعيدة أنها تقع في مناطق بعيدة عن العاصمة المركزية وفي أطراف الدولة مما يجعل من سيطرة الدولة عليها محدودة ،كما أنها في حالة قيام هذه الجماعات بالتمرد ومحاولة الخروج عن الدولة الإيرانية فلن تستطيع الدولة مجابهة التمرد بسهولة خاصة في ظل أنها لن تستعين بقوات من سكان هذه المناطق وبالتالي سيكون للجماعات الإثنية نقطة تفوق إن قررت التمرد من حيث أنها تحارب في أرض يجهل عدوها جغرافيتها جيدا ولا يوجد لديه ظهير سكاني موالي له
4-بعض هذه الجماعات الإثنية كالعرب مثلا تقع في مناطق جغرافية تتمتع بثروات اقتصادية هامة مثل النفط ومع ذلك تعاني من ضعف التنمية في هذه المناطق وعدم توافر الخدمات الأساسية فيها وهو ما يشكل سببا للغضب والذي إن تصاعد قد يهدد الدولة الإيرانية سياسيا وعسكريا .
5-تعاني الكثير من مناطق الأقليات من الإهمال وعدم توافر الخدمات فيها  خاصة في المناطق الحدودية كالمناطق التي يعيش فيها البلوش وهو ما دفعهم إلى العمل في بعض الأعمال الغير شرعية كتهريب المخدرات والسلاح على سبيل المثال ،وتعد مشكلة عدم توافر الخدمات وضعف تنمية المناطق من أهم الأسباب التي تؤدي إلى الثورات ومحاولة تغيير الوضع القائم في أي دولة من الدول .
6-بعض هذه الجماعات والتي تعيش في مناطق حدودية لديها تجارب سابقة في الإستقلال الذاتي كالبلوش والأكراد ،كما أن بعضها يرغب في الإنفصال عن الدولة الإيرانية والإنضمام إلى دول أخرى أو تكوين دولتهم الخاصة كالجماعة الآذرية والتي ترغب في الإنضمام إلى دولة أذربيجان والأكراد الذين يطمعون في انشاء دولتهم الخاصة بهم والذين يتابعون عن كثب نجاح الأكراد في العراق في مسعاهم للاستقلال الذاتي ،وهذه الجماعات يمتلك بعضها (كالأكراد مثلا)جماعات مسلحة تسعى لتحقيق ماتهدف إليه من استقلال ذاتي .
7-يتميز المجتمع الإيراني بأنه مجتمع شديد التعصب للعرق الفارسي واللغة الفارسية والمذهب الشيعي الإثني عشري وهو ما لا يمكنه من استيعاب الأقليات الأخرى أو استيعاب هوياتها ويزيد التباعد بين مكونات المجتمع الإيراني ،كما أن هذا التعصب هو ما يدفع النظام الإيراني للتعامل بعنف مع مطالب هذه الأقليات والتي يرد بعضها بعنف مقابل وهو الأمر الذي يهدد إيران على المدى البعيد بتفجر موجة من العنف قد لا يستطيع النظام دائما قمعها أو اخمادها بالقوة خاصة وإن تفجرت في أكثر من اقليم وفي وقت واحد .
8-تشعر بعض هذه الجماعات الإثنية بالظلم وبأن الدولة تتبع ضدها سياسات تميزية وتتعمد اضعافها وتهميشها خاصة الجماعات السنية والعربية والتي تمنع في بعض المناطق كطهران مثلا من اقامة شعائرها الدينية برغم وجود الكثير من اماكن العبادة لجماعات دينية أخرى ،كما يرى البعض أنهم محرمون من التعلم بلغاتهم أو وفقا لمذاهبهم والكثير من مظاهر التمييز وهو الأمر الذي دفع بعض الجماعات إلى محاولة أخذ هذه الحقوق بالقوة المسلحة والتي وإن كان لازال تأثيرها محدودا ولكنه قد يتضاعف مع الأيام خاصة وأن العالم اصبح قرية صغيرة ونجاح أي جماعة اثنية في تحقيق مطالبها يدفع غيرها من الجماعات إلى اللجوء لذات الطرق والتعلم من خبرات الجماعات الأخرى من أجل تحقيق مطالبهم .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب