الظاهرة السائدة في المواقع الإليكترونية والصحف بصورة عامة , أن ما يُنشر فيها معبّأ بمفردات وعناوين وعبارات ومزاج العنف.
قد يقول قائل إنها تعكس الواقع العنيف الفاعل في الحياة اليومية.
لكنها تساهم في تغذية العنف , وإيقاظ المشاعر العنيفة وتسويغ السلوكيات العدوانية على جميع المستويات , حتى تحول الواقع إلى دائرة مفرغة من التفاعلات الشرسة المتوحشة القاسية , التي تشارك الأقلام في إيقادها وإطلاق جذوتها حتى إذا خمدت.
وفي نظرة سريعة على عناوين المقالات المنشورة , ستكشف سيادة المفردات العنيفة وإزدحامها في محتوى المقالات , وهذا يشير إلى أن الأقلام لها دور في إدامة السلوك العنيف في المجتمع , وتأزيم وتوتر المشاعر والأحاسيس , وتوليد الإنفعالات السلبية المتنامية في الوسط الذي يسعى أصحابها تأسيسه.
قد يتصور الكثيرون إنّ الكاتب من واجبه أن يعكس الحالة القائمة , والبعض يدور في فلك ما يسود مؤججا ومصعّدا وكأنه يصب الزيت على النار , لكن المطلوب هو التحليل والمعالجات ومحاصرة النيران الإنفعالية وإخمادها , وتحويلها إلى دروس ذات قيمة إيجابية تضع الموانع والروادع لكي لا تتكرر ويلاتها.
فالسلوك العنيف ثمرة جهود متفاعلة في المجتمع , وفي زمن التواصل المفتوح يكون للأقلام دورها في إدامة أسباب ودواعي العنف وتطويره , وتكبيد المجتمع الخسائر الفادحة الشديدة , وهذا يستدعي من الأقلام الشعور بالمسؤولية , ووعي خطورة ما تكتبه وتنشره , فللكلمات أثر على الآخرين , وإذا تكاثرت الأقلام التي ترفع رايات العنف والعدوان والكراهية والبغضاء , وغيرها من العواطف والمشاعر السلبية , فأنها تصنع بيئة ثقافة العنف , وتسهم بنشاط في تأجيج جمراته الخامدة , وإقامة مشاريعه السياسية والحزبية والفكرية , مما يدفع لصراعات متواصلة حامية مدمرة.
فالعنف ثقافة وبيئة إجتماعية وتربوية , وعندما يقرأ النشأ الجديد ما تكتبه الأقلام العنيفة , فأنه يبني منهجه ورؤيته وفهمه للواقع الذاتي والموضوعي , وفقا لما يتوافد إلى مداركه من مفردات عنيفة وأفكار وتصورات وتفاعلات.
ولهذا وغيره , فأن الأقلام تساهم بقوة في تأسيس مسوغات العنف , ومعززات تطوره وطوفانه وطغيانه , في سوح الحياة السياسية والفكرية والثقافية والإجتماعية والتربوية والدينية , وغيرها من مفردات وميادين الحياة الأخرى!!
فهل سنتوخى الحذر ونتقي الله فيما نكتبه , ونَختار المفردات الداعية للمحبة والألفة والرحمة والسلام , ونتخاطب بالتي هي أحسن؟!!