19 ديسمبر، 2024 12:46 ص

الأقاليم (الفدرالية أو اللامركزية السياسية) بين شدٍ  وجذب …وبين مؤيد ومعارض؟

الأقاليم (الفدرالية أو اللامركزية السياسية) بين شدٍ  وجذب …وبين مؤيد ومعارض؟

أثار تصريح رئيس البرلمان العراقي أسامة النجيفي بشأن إنشاء إقليم للسُنّة موجه عاصفة من الآراء مابين شد وجذب وبين مؤيد ومعارض ولتسليط الضوء على أراء الشارع الموصلي آثرت استطلاع الكثير من الآراء واستعراضها بلا رتوش أو تنميق للعبارات بغية الوصول الى القول الفصل في أمر مصيري كهذا .
المقدمة :
الفدرالية في الدستور العراقي نصت عليها المادة (117) :
ثانياً :ـ يقر هذا الدستور، الأقاليم الجديدة التي تؤسس وفقاً لإحكامه.
المادة (118):
يسن مجلس النواب في مدةٍ لا تتجاوز ستة أشهر من تاريخ أول جلسةٍ له، قانوناً يحدد الإجراءات التنفيذية الخاصة بتكوين الأقاليم، بالأغلبية البسيطة للأعضاء الحاضرين.
وبالرغم مما في الدستور من خلل متعدد الجوانب إلا أن فيه العديد من الفقرات يمكن استثمارها لرفع الحيف عن مجتمعنا وخدمته بصورة أفضل سيما وان الدستور ملزم قانونا ومعترف به دوليا ويعتبر المرجع الرسمي للمؤسسة الحاكمة . ولا نحتاج الى أكثر من توفر الإرادة الواعية لتفعيل هذه الفقرات خدمة لمناطقنا وتحويلها الى مناطق آمنة نسبيا حيث سيقوم أهلها بواجب الحفاظ على أمنها دون تدخل من خارجها والتخفيف من الظلم الواقع على أبنائها وذلك ضمن العراق الواحد . فالفدرالية تقسيم إداري لا جغرافي … وتقاسم سلطة وثروة … لا تقسيم دولة إنها تنظيم لا تقسيم
الرأي الأول :
قبل البدء بأمر خطير كهذا لابد من تسليط الضوء على جملة أمور أوصلت الحال الى ما أدلى به النجيفي :
1 . سعي الحكومة المركزية الحثيث على تقسيم محافظة نينوى الى ثلاث محافظات ( نينوى , سهل نينوى , الجزيرة ) وتقسيم صلاح الدين الى محافظتي ( صلاح الدين , سامراء ) وتقسيم الأنبار الى محافظتي ( الأنبار , الجزيرة ) وهناك مساعٍ حثيثة لضم النخيب إلى محافظة كربلاء بعد إقتطاعها من الأنبار ثم إلحاق وضم أجزاء من محافظات ديالى وكركوك بالسليمانية وتغيير الخارطة الطبوغرافية .
2 . تجريد المحافظات المنوه عنها من الأسلحة التي تمكنها من الدفاع عن نفسها ومما زاد الطين بله انعدام وجود قطعات عسكرية من ( جيش وشرطة وأجهزة أمنية ) من أبناء المحافظات المشار إليها وان وجد فهو لا يُعّد أن يُذكر والأدهى من كل ذلك ابتعاد الأجهزة الأمنية عن المهنية العسكرية واتسامها بالطائفية المقيتة .
3 . محاولة المشروع الصفوي استيعاب المنطقة جغرافيا ثم عقائديا .
4 . التهميش والإقصاء الذي تعاني منه المحافظات سالفة الذكر والتصفيات التي طالة الكفاءات والخبرات والعقول وعلى كافة الأصعدة العلمية والثقافية والعسكرية .
5 . الاستهداف والحرمان الذي تعاني منه محافظاتنا بكل ما تعنيه الكلمة من مدلولات وابسطها فرص العمل والتعيينات أضف الى ذلك الركود الاقتصادي الذي انعكس سلبا على البنى التحتية علما أن المرحلة القادمة ستشهد إنتاج 6 مليون برميل نفط فماذا ستجني محافظتنا من ذلك .
6 . إقصاء أصحاب العقول وحملة الشهادات والدرجات العلمية فواقع الحال يشهد الآن أن حملة شهادات البكالوريوس هم عمال تنظيف إن حالفهم الحظ وحملة الماجستير حالياً فهم شرطة وكل ذلك بسبب عدم تكافؤ فرص التوضيف والعمل وانعدام العدالة في التعيينات .
7 . الهاجس المروع لدى عوائل ضباط الجيش العراقي السابق مع تناهي أنباء بتصفيات الضباط من رتبة عقيد فما فوق ممن شارك بالحرب العراقية الإيرانية والذين عادوا الى الخدمة ممن هم برتبة رائد فما دون فمن شروط العقد عدم المطالبة بالترقية لاحقا واستمراره بالعمل بالإمرة وهذا الأمر لا يسري على المكون الآخر علما أن دورة الكلية العسكرية الحالية تعدادها 1800 طالب كلهم من طائفة واحدة عدا 6 طلاب فقط 4 من نينوى و 2 من الأنبار .
8 . كان الجميع في السابق يطمح برؤية وطن للعرب موحد وبعملة واحدة وجواز سفر موحد ثم تدنى مستوى الطموح الى رؤية عراق موحد من زاخو الى الفاو وختاما تلاشى كل ذلك فأصبح الطموح برؤية نينوى موحدة وكذا الأمر بالنسبة للأنبار وصلاح الدين .
9 . خلاصة الرأي الأول أن الحكومة المركزية تجبرنا على اتخاذ إجراءات قسرية وقاسية وتصريح النجيفي لم يأتي عن فراغ كونه على رأس الهرم التشريعي للعراق فقد ثبت له بالدليل العملي أن الصلاحيات محصورة بأدوات إيران في الحكومة المركزية . وإذا استمر في مجارات الأمر فسيكون سببا في خذلان قاعدته الجماهيرية التي أوصلته الى موقعه الحالي مع مراعاة أن يكون الإقليم سياسياً جغرافياً لا انفصالياً ضمن عراق موحد .
الرأي الثاني :
إن طائفية الحكومة المركزية أمر مجزوم به . ونحن مع هموم المكون السني ومعاناته خاصةً وقد طال التهميش كافة أطياف الشعب العراقي ولم يقتصر الأمر على السنة فحسب ولكننا ضد توجهات النجيفي للأسباب التالية :
1 . إن الحيف والإقصاء والتهميش طال كل مكونات الشعب العراقي والمستفيد الوحيد من المعادلة هم الطبقة المرتبطة بأحد دول الجوار .
2 . لازال الأمل يحدونا للملمة الشمل وتوحيد الكلمة وبناء وطن واحد موحد من المحيط الى الخليج فكيف لنا أن نكون دعاة للانفصال وهكذا ( تقسيم المقسم وتجزئة للمجزأ ) .
3 . في حالة إعلان الأقاليم أو إقليم السنة فان ذلك سينعكس سلبا على المتربصين والمتصيدين في المياه العكرة إذ سيتم استهداف المكون السني في محافظات وسط وجنوب العراق ومحاولات للتهجير القسري وهذا يعود بنا الى المربع الأول ( الطائفية المقيتة ) .
4 . نرى في طرح السيد أسامة تناغم مع المشروع الأمريكي الذي يروج له جو بايدن وهذا مشروع لطالما روج له المحتل منذ اللحظات الأولى التي وطئت إقدامهم ارض بلاد الرافدين .
ابرز التساؤلات وعلامات الاستفهام :
1 . قبل الإدلاء بأي رأي لابد لانا من استعراض خارطة التحرك الجغرافي للسيد النجيفي فكانت البداية من بغداد ثم نينوى فتركيا وختاما الى أمريكا .
2 . لربط هذا التحرك الجغرافي مع التاريخ يجب الأخذ بنظر الاعتبار أن نهاية الدولة الصفوية كانت على يد العثمانيين الأتراك وكذا كان دور السلاجقة الأتراك في إنهاء النفوذ البويهي الفارسي الى أن وصل الأمر الى ( نور الدين زنكي باني منارة الحدباء والجامع الكبير في نينوى ) والذي سَلّم الأمر الى صلاح الدين الأيوبي فاتح بيت المقدس .
3 . تركيا اليوم حي من تحتضن منظمة المؤتمر الإسلامي العالمي وهي الند الفاعل للمشروع الصفوي وتركيا اليوم هي السباقة للنهوض بالعالم الإسلامي وإعادة أمجاد العثمانيين وبرز هذا الدور من خلال محاولة كسر حصار غزة ودعمها للانتفاضة الحاصلة في سوريا وانفتاحها و ….. فهل كان طرح النجيفي اجتهادا شخصيا انبثق من خلال ما لمسه من تهميش وإقصاء وتصفيات طالت علماء ومثقفي السنة و …. أم بعد دراسة ومشاورات جرت في تركيا أم بضغط أمريكي .
4 . لماذا كان التصريح من أمريكا وبعد الجولة المكوكية المشار إليها آنفا .
5 . لماذا حصلت بعض التصدعات ضمن القائمة العراقية اثر تصريح السيد أسامة ؟؟؟
خلاصة القول في كلا الرأيين :
1 . هناك إرادة وهيمنة ظالمة وتهميش وإقصاء بشكل مطلق عن ميدان صنع القرار والسلطة التنفيذية وصنع القرار في العراق مرتبط بالإرادة الإيرانية وأدواتها من الأحزاب الطائفية .
2 . نؤمن إيمانا مطلقا بوحدة العراق أرضا وشعبا ومصيرا ولا نؤيد التقسيم والتجزئة وعدم التلاعب بجغرافية المحافظات لحين استقرار الأوضاع السياسية والاقتصادية والعسكرية و … في البلد .
3 . إعادة النظر في التوازن السياسي والاجتماعي والإداري والعسكري وكل مفردات الدولة مع مراعاة وجوب إعادة النظر في فقرات الدستور كونه دستور مشوه ومشبوه وقد فرض فرضا قسريا في ضرف استثنائي أسهم الحزب الإسلامي السُنّي بتمريره والذي يقود حالياً إئتلاف متحدون للإصلاح بزعامة النجيفي مع مراعاة أن يتم التغير في فقراته بما يتلائم مع مصلحة الشعب العراقي ووحدته .
4 . إعادة النظر وبإلحاح في هيكلية الأجهزة العسكرية والأمنية وإقامتها على أسس وطنية عراقية ومهنية وليست طائفية .
5 . ضرورة تحقيق التوازن بين الطوائف والشرائح في جميع مؤسسات الدولة إحقاقا للعدالة .
6 . استنكار وشجب هيمنة الحزب الواحد ( الطائفي ) على مقدرات المجتمع العراقي من خلال المؤسسات كافة .
7 . الأطماع الإدارية للساسة في المناصب والمكاسب في مؤسسات الدولة أفقدت شرائح المجتمع المظلومة الكثير من حقوقها وأنست المسؤولين معاناة المعتقلين والمهجرين العاطلين عن العمل .
8 . على الساسة ورموز القائمة العراقية احترام التزاماتهم اتجاه ناخبيهم والسمو عن التشاحن فيما بينهم والابتعاد عن التجريح حفاظا على وحدة القائمة العراقية وإلزامها بما عاهدت عليه جمهورها فقوة القائمة في تراص قياداتها ولكن للأسف لم يُعد الشارع يثق بكل الساسة وخاصة من يدّعي تمثيل السُنّة فلطالما اعتاد المواطن مواقف الخذلان والإنبطاح ممن يدعي تمثيل الشارع السُنّي .
9 . ما حيلة المضطر إلا ركوب الموجة والمخاطر لإنصاف الشرائح المظلومة في محافظات العراق وتخلصا من هيمنة وظلم الحكومة المركزية ويمكن في حالة الضرورة اللجوء الى الفدرالية السياسية تحت راية العراق الواحد .
الخطوات العملية لإعلان الإقليم :
نصت المادة (119) من الدستور:
يحق لكل محافظةٍ أو أكثر، تكوين إقليم بناءاً على طلبٍ بالاستفتاء عليه، يقدم بإحدى طريقتين:
أولا :ـ طلبٍ من ثلث الأعضاء في كل مجلسٍ من مجالس المحافظات التي تروم تكوين الإقليم.
ثانياً :ـ طلبٍ من عُشر الناخبين في كل محافظةٍ من المحافظات التي تروم تكوين الإقليم.
جدير بالذكر أن نستعرض المادة (120) التي تنص :
يقوم الإقليم بوضع دستورٍ له، يحدد هيكل سلطات الإقليم، وصلاحياته، وآليات ممارسة تلك الصلاحيات، على أن لا يتعارض مع هذا الدستور.
لمسنا أن هناك تخوف عن كيفية تمكن الأقاليم من مواكبة الحياة خاصة وأن بعض المحافظات تعاني من شحة أو ندرة في حقول النفط والثروات الطبيعية نقول أن المادة (111) تنص :
النفط والغاز هو ملك كل الشعب العراقي في كل الأقاليم والمحافظات.
، ثم جاءت الفقرة ثالثاً من المادة ( 121) من الدستور و حسمت الأمر كما سيتضح معنا من المادة أعلاه :
أولا :ـ لسلطات الأقاليم، الحق في ممارسة السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، وفقاً لإحكام هذا الدستور، باستثناء ما ورد فيه من اختصاصاتٍ حصرية للسلطات الاتحادية.
ثانياً :ـ يحق لسلطة الإقليم، تعديل تطبيق القانون الاتحادي في الإقليم، في حالة وجود تناقض أو تعارض بين القانون الاتحادي وقانون الإقليم، بخصوص مسألةٍ لا تدخل في الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية.
ثالثاً :ـ تخصص للأقاليم والمحافظات حصةٌ عادلة من الإيرادات المحصلة اتحادياً، تكفي للقيام بأعبائها ومسؤولياتها، مع الأخذ بعين الاعتبار مواردها وحاجاتها، ونسبة السكان فيها.
رابعاً :ـ تؤسس مكاتبٌ للأقاليم والمحافظات في السفارات والبعثات الدبلوماسية، لمتابعة الشؤون الثقافية والاجتماعية والإنمائية.
خامسا:ـ تختص حكومة الإقليم بكل ما تتطلبه إدارة الإقليم، وبوجهٍ خاص إنشاء وتنظيم قوى الأمن الداخلي للإقليم، كالشرطة والأمن وحرس الإقليم.
أما ما يتعلق بالعاصمة بغداد وتوجس الكثير من ضياعها أو إنغلاقها على مكون بعينه  فقد نصت المادة ( 124) من الدستور :
 أولا :ـ بغداد بحدودها البلدية، عاصمة جمهورية العراق، وتمثل بحدودها الإدارية محافظة بغداد.
 ثانياً :ـ ينظم وضع العاصمة بقانونٍ.
 ثالثاً :ـ لا يجوز للعاصمة أن تنضم لأقليم.