23 ديسمبر، 2024 1:04 ص

الأفضل…. الأول ….الامتياز

الأفضل…. الأول ….الامتياز

 يحرص كل إنسان عل عكس أفضل صورة عن نفسه أمام الآخرين و بالطريقة التي يراه مناسبة و وفق تصوره, سواء أكان شخصا بسيطا يكسب قوت يومه من عمله اليدوي أم كان مديرا عاما أو محافظ أو رئيس وزراء أو غيرها من المناصب و بحسب ما يمتلك من قدرة و سلطة فانه سيختار لنفسه ابهر التوصيفات و ألطفها و لاسيما ممن لهم مناصب حكومية, فيختاروا لأنفسهم كل ما يرفع شأنهم أمام الجمهور.
        في النجف الأشرف انتشرت اللافتات و المعلقات الجدارية التي تهنئ المسؤولين, أولا كان محافظ النجف محتلا لها و بوصفها لوحات تفصيلية لمشاريع هيئة الاعمار الخاصة بالنجف التي اتسمت بصورة شخصه المباركة و  كلمة “برعاية …” . و كنا نظن أنها ستتوقف عند هذا الحد, و إذا بها تصيب المسؤولين الآخرين كما يصيب المرض الفايروسي المنطقة المحيطة به, فبدأت بنائب المحافظ و ذات الوقت بأعضاء مجلس المحافظة و اخذ كلُّ من مكانه يطبع و ينشر انه الأفضل , و توسعت العدى و بشكل خطير إذ أنها خرجت من منطقة الوباء لتنتقل إلى معقل مكافحة الأمراض و هي مديرية الصحة بل و تصيب مديرها ليكون من أصحاب مرض “الأفضل”من قبل منظمة اليونيسيف للطفولة …..عفو …نصحح …من قبل القبائل, و ما هي إلا مدة قصيرة لنشاهد هذه اللافتات بأسماء جديدة و هي أسماء برلمانيين, لنكتشف أن هذا المرض بعدواه انتقل إلى بغداد ليصيب أعضاء البرلمان.
      المخجل في الأمر لهؤلاء, هو سذاجة الطرح, فهم يركزون على إبراز نقطة أساسية, و هي  أنهم”الأفضل , الأول, و أضاف نائب المحافظ الدكتوراه بامتياز” دون الاهتمام بالجهة التي أعطت هذا اللقب, و لاشك أن فشل هذه الفئة من المسؤولين في الحصول على هذه الألقاب من الجمهور و عموم الناس و عبر المواطن النجفي البسيط الذي يراجع الدوائر الرسمية قبل  الدوام الرسمي ليقف امام شبك الانتظار و من عامل البناء الذي يقف على قدميه قبل شروق الشمس, دفع بهم و عبر هذه الطريقة التجارية لزج جهات غير معتد بها ” مجلة روز ميديا, مجلس العشائر وقبائل العراق وغيرهما”لتكون الحكم على تقيمهم . من المؤكد أنهم الأول و الأفضل …..لكن ليس لدى الجمهور انما مجلة روز مديا و شيوخ العشائر التي اختارتهم و من حذا حذوهم, فهل هكذا يتم تقيم المسؤول لنفسه؟
    ثم لنبدأ بمحاسبة محافظ النجف و باعتباري مواطنا من أهالي النجف و من حقوقي أن أشير إلى أي قصور من قبل أي موظف , كيف اذا كان مسؤولا بمستوى محافظا أو نائبا أم مدير دائرة, إذ أن طريقة المحاسبة و ما تتمخض عنها من نتائج, هي المقوم أو المحدد للحكم على المحافظ و غيره كونه الأول و الأفضل و …. السؤال الموجه إلى المحافظ و مدير الصحة معا,هل تعلمان بان المصاب بمرض قلبي الذي بحاجة إلى فحص “قسطرة” ينتظر حتى يصل دوره لإجراء الفحص مالا يقل عن خمسة أشهر و كذلك الحال لمن يحتاج إلى أشعة الرنين و المفراس؟ علما أن ان مريض القلب و كذلك المصاب بروم في الدماغ مهدد بالموت قبل بلوغه الموعد, و حجة هذا الانتظار الطويل عدم وجود الأجهزة الكافية,ولن اقبل التحجج بأنها مهمة وزارة الصحة,  كذلك اسأل محافظ النجف عن مشاريع الاستثمار المتعلقة بالسكن و التي تمنح الدولة الأرض بموجبها دون ثمن, و التي كانت إحدى الحلول لازمة السكن لذوي الدخل المحدود التي تدفع أثمانها بالأقساط, كيف أصبحت الوحدة السكنية تتجاوز المائة مليون دينارا عراقيا و لكلف البناء فقط و دفع شبه نقدي بدل الدفع الآجل؟ و ماذا عن قضايا الفساد الإداري و المالي للدوائر الرسمية في النجف؟ و أخيرا ماذا عن مشروع النجف عاصمة الثقافة الإسلامية؟ أما نائب المحافظ فما هي منجزاته؟ شخصيا لا اعلم شيئا عنها.عدا الحصول على شهادة  الدكتوراه!, و ذات الأسئلة لأعضاء مجلس المحافظة و رئيسها و أضيف ألستم من أصر و صوت في نهاية الأمر على شراء سيارات جديدة لاستخدامكم و من الموازنة الخاصة لمحافظة النجف و رفضتم ركوب السيارات التي ركبها الأعضاء السابقين لكم في المجلس, علما أنها من ارفه السيارات و لم يتجاوز عمرها الثلاث سنوات؟. كما نسأل جميع هؤلاء الأوائل و الأفاضل و ذوي الامتياز هل أن مشاكل العراق بشكل عام و النجف بشكل خاص متجه نحو الزوال , أليس و على الرغم من وجود أكثر من مؤسسة مراقبة حكومية (هيئة النزاهة و المفتش العام و ديوان الرقابة المالية)فان تدهور الدوائر الرسمية لازال مستمرا, الم تتوقف دائرة التسجيل العقاري في النجف عن إجراء المعاملات لعدة أشهر بسبب قضايا فساد و لازالت العديد من سجلات قيد التدقيق…..فبماذا انتم الأول و لأي شئ انتم الأفضل؟
       إن سياسة الترويج للشخص المسؤول و بمراجعة التجارب السابقة تعد أسوء السياسات من حيث النتائج و أن ظهرت لها ايجابيات على المدى القصير, و هي طرق و هذا واضح للقاصي و الداني لانجدها إلا لدى البلدان ممن يحكمها فئة تفتقد الإدارة الناجحة التي توفر الراحة للمواطن, و لسبب غاية في الأهمية ….تفضيل المصالح الشخصية في جميع الأحوال و أن تزاحمت مع المصلحة العامة.
 عندما التقى وفد مجلس الحكم مع الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن في كانون ثاني عام 2004 في البيت الأبيض تحدث إلى الوفد و أشار إلى صورتي الرئيسين السابقيين,جورج واشنطن وابراهام لينكولن قائلا “أن الرئاسة الأمريكية مؤسسة ديمقراطية أكثر أهمية من الأشخاص الذين يتولون المنصب ” . علما أن هاتين الشخصيتين تعد من أهم الشخصيات المؤسسة للولايات المتحدة و تولى كل منهما الرئاسة الأمريكية في أحرج الظروف و قد استطعتا بإدارتهما الناجحة تجاوز ذلك, ووضع الأسس التي تحتاجها الدولة التي لازالت الولايات المتحدة ملتزمة بها .و مع ذلك فلن نجد لهم صورا إلا في البيت الأبيض,لان الرئاسة كما يصفها جورج بوش مؤسسة و ليست شخصا, كما هو عليه الحال في العراق !!. و قد شاهدنا قبل أيام المنافسة على الرئاسة الأمريكية بين اوباما و رومني , فهل تم الترويج للمرشحين على أساس أنهم الأفضل …..نعم لقد تم الترويج لهما لكن ليس باعتبارهما الأفضل انما بوصف برنامجهما الأفضل, فالتركيز يتم على مايقدم من أفكار عبر البرنامج الانتخابي التي يقنع بها الناخب .. كما انه من النادر أن نجد أحد المناصرين للمرشح يرفع صور المرشح ,على الرغم من إنها حملة انتخابية. و من جهة أخرى أن التفضيل بين المرشحين يتم وفق آلية واحدة حصرا, و هي معرفة اتجاهات الرأي العام, التي تتم بواسطة مراكز لاستطلاع الرأي العام متخصصة و مستقلة, بكلمة أخرى أن المواطن هو المعيار الذي يحدد أيهما المفضل, و ليس مجلة ……أو شيوخ ……..  .  
       كلما شاهدت هذه اللافتات و الجداريات و في الوقت الذي استصغر فيه الأسماء و الصور الواردة فيها, فان حلما يراودني و كأنه يريد التخفيف عني , أن تنتشر اللافتات و الإعلانات التي تبارك و تهنئ أهالي النجف لحصول احد أبنائها على جائزة جامعة أكسفورد في العلوم أو احد أطبائها على اكتشافه العلاج لمرض عضال أو حصول إحدى مدنها جائزة أفضل مدينة نظيفة لدى منظمة البيئة العالمية…..لكن و مع شديد الأسف فإنها تبقى أحلاما مادامت هذه المدينة تديرها عقلية….. الأفضل…. الأول ….الامتياز.