اشكالية كغيرها من اشكالات العملية السياسية , تتلخص في الفهم المشوه لمعنى الأغلبية السياسية اوالشراكة التوافقية , جميع الديمقراطيات في العالم من اوله الى ثالثه , تعتمد نظام الأغلبية البرلمانية في تشكيل حكوماتها , في العراق اعتمدت الكتل الكبيرة نهج الشراكة التوافقية لما يحقق للمشاركين مكاسب شخصية عائلية حزبية سريعة على حساب افقار الناس وجوعهم , انحرفت حكومة الشراكة الوطنية عن شعاراتها وتعهداتها , واعتمدت التوافقات على تحاصص السلطات والثروات والوجاهة والأعلام الى الحد الذي تورطت فيه بملفات فساد مرعبة .
دورتين انتخابيتين , اكتسب فيها شعار الأغلبية البرلمانية اهميته , واصبح مطلباً جماهيرياً, حرك الرأي العام بأتجاه تحقيقه عبر مراجعة رصينة واعادة تقييم على اساس الألتزام به شعاراً وطنياً , وقد تبنته بعض الأطراف كشعار انتخابي ورفضته اطراف اخرى بغية الأبقاء على حكومة الشراكة الوطنية بعد اضافة مصطلح ــ الحقيقية ــ دون ان يقدموا شرحاً مقنعاً لما تعنيه ــ حقيقياتهم ــ , الرأي العام ومن خلال تجربته للعشرة اعوام الأخيرة , خبر النوايا الخلفية لدعاة ـــ الحقيقية ـــ , فكتلة متحدون تفسرها حسب توجهاتها الطائفية ومنافعها العائلية والكتلوية , كتلتي الوطنية والعربية , لا تعنيان غير القفزة المجانية الى الخلف , حيث التراث الطائفي القومي لحزب البعث , التحالف الكوردستاني لا يخفي ـــ حقيقيه ـــ شراكته في تحقيق المكاسب العائلية والحزبية العشائرية والقومية اخيراً , هنا نصطدم مع اربعة حقيقيات او اكثر غير متجانسة ولا متصالحة من داخلها اومع محيطها سوى اتفاقها الضمني على ابقاء العراق والعراقيين على واقع ضعفهما الراهن .
يقابل مخاطر تلك ـــ الحقيقيات ـــ مخاطر انبعاث الأغلبية الطائفية من رحم التحالف ( الشيعي ) بديلاً عن الأغلبية البرلمانية بمفهومها الديمقراطي, الأغلبية الأيجابية , تعني تحالف كتل حصلت على ثقل انتخابي يخولها ديمقراطياً تشكيل حكومة اغلبية ذات مضامين وطنية , الذي يثير المخاوف الجدية التوجه الغريب لأعادة تأهيل التحالف الوطني ــ الشيعي ــ لتشكيل حكومة الأغلبية من داخله على اسس طائفية , انها حالة استفزاز مثيرة لمخاوف كتل اخرى , ودعوة صريحة لأستقطابات طائفية وقومية مضادة , حيث الوقوع مرة اخرى بذات المأزق الذي كلف الشعب والوطن دماء وثروات واختراقات اقليمية دولية .
لو افترضنا ان التحالف الوطني المتكاره المتنابز من داخله , كون الكتلة الأكبر على اساس طائفي , وساوم التحالف الكوردستاني لأنضمامه الى جانب عربية المطلك والحزب الأسلامي ومتحدي النجيفي وكتل اخرى , هنا ستفقد الأغلبية البرلمانية مضمونها الوطني الديمقراطي في ( 50% + 1 ) فيصبح الأمر معكوساً والأغلبية تعني ( 325 ـــ 1 ) وكما يعني المثل ” تريد اغلبية برلمانية , تاخذ حكومة شراكة وطنية , تريد شراكة وطنية , تاخذ شراكة وطنية .. ” .
ذهب العراقيون بأتجاه صناديق الأقتراع , بزخم اثار اعجاب الأصدقاء واستفز الأعداء اقليمياً ودولياً , كانوا يعتقدونه ( يريدوه ) عرساً انتخابياً يبايعون فيه الوطن , ( طنطل ) العملية السياسية حوله الى حالة اغتصاب سيولد عنها ذات القيط لفساد الشراكة الوطنية ( الحقيقية !!! ) .
صراحة : اذا خرجت حكومة الأغلبية السياسية ( لا سامح اللـه ) من رحم التحالف الوطني ( الشيعي ) , فلنقرأ الفاتحة مرة اخرى على مصير العراق لأربعة سنوات قادمة , ويرى العراقيون, ثقتهم واصواتهم في محرقة ذات النظام الكريه للتجزءة والتقسيم والتحاصص , من يقنعنا ان التحالف الشيعي الى لحظة اجتماعه الأخير في مكتب السيد الجعفري , كان منسجماً متحاباً متصالحاً من داخله صادقاً ومنفتحاً على محيطه , وان الأرتباطات الأقليمية لبعض كتله لم يدفع ثمنها العراقيون دمائهم وثرواتهم وأمنهم … ؟؟؟؟ .
الم يكن جميلاً يستحق الثناء , لو استيقظ البعض من جهابذة كبار العملية السياسية على واقعهم غير الحميد , وعضوا اصابعهم وتوقفوا عن اللهاث خلف سراب الأستحقاقات الطائفية القومية , والتعامل مع العراق وطناً وليس ( كعكة ) دسمة على طاولة التحاصص , ويتركوا للأستحقاقات الوطنية , كفاءة ونزاهة وتخويلاً شعبياً فرصة لأربعة اعوام قادمة , فمن يفي في تعهداته ويحقق ما يشكر عليه , يمنح تخويلاً اضافياً لأكمال مشواره الوطني , بعكسه يمكن الأستعاضة عنه بما هو الأكفأ والأنزه من صفوف معارضيه ..؟؟؟, العراق وبالضرورة , يجب ان يخطو واثقاً على قدمي الحكومة ومعارضتها, وقد تأخر اكثر من عشرة اعوام .
رئيس الجمهورية استحقاق ( حصة ) التحالف الكوردستاني , رئيس الوزراء استحقاق ( حصة ) المكون الشيعي , رئيس مجلس النواب , استحقاق ( حصة ) المكون السني , بدعة مخضبة بالأنتكاسات والأنكسارات لا فرج في نهايتها , خلل اجتماعي يجب التحرر من عوقه , خطر مخيف تحصد نتائجه انظمة الجوار ومشاريع اطماع لا تريد خير للعراق , هنا يجب ان يستيقظ العراقيون , دولة ومجتمع , بوضوح رؤية ورجاحة عقل وحمية وطنية , ليجتثوا تاريخاً اعوج كاذب كتب لهم وبهم ويعتمدوا الوطنية العراقية, دليل اصلاح وتغيير سلمي عبر الأستحقاقات الوطنية والتخويلات الشعبية لمن يتطوع , كتلة او ائتلاف او حزب او شخصاً, ليأخذوا بيد العراق والعراقيين نحو حاضر ومستقبل يليق بهما .