17 نوفمبر، 2024 12:26 م
Search
Close this search box.

الأغلبية .. تفسيرات وتطبيقات

الأغلبية .. تفسيرات وتطبيقات

عُرِضَ مفهوم حكومة الأغلبية في أكثر من مرة، وكما يبدو أنها التطبيق الفعلي للديمقراطية، في عراق يحكم منذ العام 2003م بالتوافقية، لكنها كما يصرح أو يظن كثير من القوى أنها سبب الخلل الحكومي، في حين لم يبتعد كثير من القوى عن التنازل عن حصتها الفردية.

كل التقديرات تَتّهم التوافقية، ومن يتهمها شريك في الوقت نفسه في سلطاتها في السنوات الماضية، وكأنه فاقد لشيء لا يعطيه حقه ولم ينصفه في وقت سابق، ومعظم القوى السياسية لم تفهم لحد الآن أن الأغلبية هي اغلبية تمثيلية، لأن الشعب مصدر للسلطات، ودستور العراق حافظ على توازن تمثيل المكونات، من أجل خلق بيئة سياسية مستقرة، ولم يتجاوز هواجس ومخاوف وتقسيمات زادها القانون الإنتخابي، الذي قسَّم العراق الى دوائر مناطقية معظمها على أساسٍ مكوناتيّ.

الأحزاب التي تريد تشكيل الأغلبية، هي نفسها من تتصدر المشهد طيلة السنوات السابقة، سواء كان بالممارسة المباشرة، أو التأثير على القرار السياسي والتنفيذي، بل لم تتورع تلك الأحزاب باستخدام الجماهير، للحصول على مكاسب سياسية، ومارست دور الضحية، لتوجه الرأي العام ،وإنها غير مسؤولة عن كل ما حدث، وحصل المواطن على أكبر قدر من التراجع الاقتصادي والخدمي، في حين هي تنتفع وتنتفخ جيوب قادتها.

مفهوم الأغلبية في قراءات مختلفة، عرضت كل في زمانها ومكانها، ومنها ما يناسب القوى التي تعرضها، فقدم السيد المالكي أغلبية عددية بعد فوزه بانتخابات 2010م، وحصوله في وقتها على ما يقارب 100 مقعد، وبذلك يحتاج الى أقل من أعداد مقاعده لنيل الأغلبية، بينما طرح السيد الحكيم الأغلبية الوطنية قبل الانتخابات، والتي تشترط نقساماً طولياً بقائمتين، وفي كل قائمة كل المكونات، وبعد النتائج تكون القائمة الفائزة هي من تتولّى زمام الحكومة، والخاسرة تذهب للمعارضة، وبذلك تضمن للمكونات تمثيلاً متوازناً وحكومةً وبرنامجَ جاهزة وبدراية الجمهور، أما الأغلبية الوطنية التي دعا إليها السيد الصدر، فتتمثل بالقوائم الفائزة وبتحالف ثلاثي، وبغض النظر عن التمثيل المكوناتي، وباعتقاد أن المحاصصة والمكونات هي من أثرت سلباً على سير العملية السياسية.

إن الأغلبية لا يمكن تطبيقها، في ظل الإفراط التعددي، الذي يحتاج تحالفات ومن الصعب أن تحافظ على توازن المكونات، وحتى القوى التي عرضتها، لا تؤمن بها قبل الانتخابات، وحديثها جاء نتيجة امتلاكها مقاعد تؤهلها لتنظيم اصطفاف بقية القوى السياسية خلفها، ولو كانت جادة لسعت قبل الانتخابات الى تحالفات تقسم المشهد السياسي الى نصفين، وتقبل فيه الخسارة كما هو الفوز، إلاّ أن مراهناتها، هي باختلاف جذري عن مصدرية الشعب للسلطات، الذي أصبح ليس لديه القدرة على القبول أو الاعتراض على التحالفات بعد الانتخابات، وجل هذه التحالفات هي اتفاقات مرحلية لتشكيل الحكومة، وتقاسم أضيق وحكم أقلية تمثيل، لا يُستبعد أو تستخدم فيه كل الوسائل السلطوية من أجل تثبيت الحكم.

من يريد أن تكون الأغلبية ناجحة فلابد من توفر شروط، أهمها أنها تمثل أكبر عدد من الشعب، وإلاّ أصبح حكم أقلية، وخللاً بتمثيل المكونات، لأن العراق مقسم إدارياً وانتخابياً واجتماعياً على أساس المكونات، والشيعة مثلاً يشكلون كل أو أغلبية أكثر من 9 محافظات أي أكثر من نصف مساحة وتعداد سكان العراق، لا يمكن أن يكونوا ثلثاً في التمثيل، وبتفسير صحيح للأغلبية أنها تمثل أغلبية الشعب، أما التطبيق في ظل عزوف أكثر من 60% من الشعب، والقانون الانتخابي أحرق 5 ملايين صوت وكل الفائزين أصواتهم لا تتجاوز 4 ملايين، أي أن كل البرلمان سوف لا يمثل أكثر من 10% من إرادة الشارع العراقي، وبذلك سيكون 90% من الشارع معارضاً للحكومة، فكيف إذا أُلحق هذا الرقم بما يقارب 40% من البرلمان، وبذلك فالحكومة ليست بأغلبية وأن حكم أغلبية النواب، والتفسيرات غير صحيح مع عدم أمكانية التطبيقات، وهكذا حكومة لن تصمد كثيراً، إلاّ إذا واجهت إعتراض الشعب بالقمع.

أحدث المقالات