المفهومان من الناحية القانونية صحيحين ، ولا يمكن الطعن بهما ، ولكن كلاً من طرفي الداعي لهما قرأها بالصورة التي يراها مناسبة ، وربما قرأت خطأً من هذه الأطراف ، ويجب أن نقر أن المفهومان هما نفس الطريق ولا يختلف الأول عن الآخر شيء .
ما يميز الأول عن الثاني هو طريقة العمل ، وكيفية تطبيقه من الداعين له .
صاحب نظرية الأغلبية السياسية ، يقود فكرة جمع الفائزين في الانتخابات البرلمانية ، وهنا أضع خطين تحت كلمة “الفائزين” فيا ترى من هم الفائزين ؟! هل هي الكتل أم الشخصيات ؟!
الواضح ومن خلال التحرك الذي تقوم به دولة القانون هو “قضم الكتل ” أي استخدام نفس الأسلوب السابق الترغيب والتطميع للكتل ، وربما تكون الحكومة القادمة أكثر من خمسين وزارة ، إي بمعنى آخر ، أغراء بعض الشخصيات من الشيعة ، والسنة والأكراد ، وهذا الأمر بالطبع يلاقي ترحاباً من الشخصيات المهمشة التي لا دور سياسي لها سواء كان في الماضي أو الآن أو حتى المستقبل ،فهناك الكثير من الشخصيات داخل الكتل السنية تسعى اليوم إلى التحرك مع المالكي ، وترك كتلهم من أجل مناصبهم وعدوا بها في حال حصول دولة القانون على النصاب القانوني لتشكيل الحكومة المقبلة .
الأكراد هم كذلك يطمعون في الحصول على مغانم من كعكة الانتخابات الجديدة ، فقائمة التغيير الكردية تسعى إلى أثبات وجودها في الحكومة المركزية بعد تقدمها الواضح على مستوى الإقليم الكردي ، وتريد اليوم الاشتراك في حكومة بغداد ، وتمثيل الأكراد الإسلاميين مع حكومة السيد المالكي .
أذن هي أغلبية سياسية مبنية على أساس شراكة الشخصيات وليست المكونات ، وهذه قراءة خاطئة من السيد المالكي لمفهوم الأغلبية السياسية ، وربما لا يعلم السيد المالكي أن هذه الأغلبية ليست قوية ويمكن ان تحل المشاكل ، بل ستكون ضعيفة معرضة للاهتزازات حالها كحال الحكومتان السابقتان التي تعرضت إلى رفع الثقة لأكثر من مرة لولا وقوف التحالف الوطني بمكوناته .
كما أننا نتساءل من يضمن ثبات هذه الأغلبية ، وسعيها العمل على حل المشاكل المستعصية في العراق ، فمشاكل البلاد ليست فنية بقدر ما هي سياسية ، فما هو الضامن من حل هذه المشاكل من قبل هذه الأغلبية ؟!
في الجهة المقابلة ظهر مفهوم جديد هو مفهوم ” شراكة الأقوياء” والتي نظر ودعى لها رئيس المجلس الأعلى السيد عمار الحكيم ،وعندما نقرأ سطورها نجد أنها نفس مفهوم الأغلبية السياسية ولا تختلف في شيء سوى في مفردة ” المكونات ” فيا ترى من هي المكونات ؟
المكونات التي دعى إليها الحكيم هي الكتل الكبيرة التي فازت في الانتخابات الأخيرة ، من الشيعة والسنة والأكراد ، وهي الكتل الكبيرة ، كالتيار الصدري ، وبقية الكتل المنضوية في الائتلاف الوطني ، وبعدها الانطلاق إلى الفضاء الوطني ، وعندما ننظر إلى الموقف السني نجد إن قائمة متحدون هي الأكثر تمثيلاً للسنة والتي حصلت على الرقم الأكبر في هذه الانتخابات ، هنا يطرح تساؤل : لماذا التحالف مع متحدون والتي فيها الإرهابيون والداعشيون ، وغيرهم من سياسيين معادين للعملية السياسية ، وهنا تأتي الإجابة وباختصار ، وهل متحدون غير مشاركة في حكومة السيد المالكي الأولى والثانية ؟! ، ثم اليوم ألا يوجد تحرك للسيد المالكي نحو السيد النجيفي ، وإرساله رسالة إلى الأخير يطلب فيها فتح قنوات الحوار والتفاهم من أجل تشكيل الحكومة القادمة ، لولا إن الأخير رفض إي لقاء أو نقاش مع دولة القانون ، ولا “ولاية ثالثة للمالكي ” ؟!
أذن هذه الإشكاليات المطروحة اليوم مردودة تماماً لأنها لا تثمل الواقع الذي يتصيد بها أعضاء دولة القانون ويعيبون على الائتلاف الوطني تحركهم إلى الفضاء الوطني ، ويتهمونهم باتهامات ساذجة لا يمكن قبولها لا من العقل أو الواقع السياسي .
يبقى الأكراد الذين يمثلهم السيد البارزاني ، إذ يمثلون الثقل الأكبر في البرلمان الكردي ، بل يملكون الأغلبية التي تمنع خروج أي عضو كردي عن هذه الدائرة إلا بموافقة الأغلبية البرلمانية .
نعود إلى شقي التحالف الوطني ” الائتلاف والقانون ” والاثنين لم يتمكنا ولن يتمكنا من الحصول عللا الأغلبية التي تؤهلهم للسير نحو تشكيل الحكومة المقبلة ، لهذا هما بحاجة ماسة اليوم إلى الجلوس إلى طاولة الحوار في داخل مظلة التحالف الوطني ، والخروج بمرشح توافقي بين الائتلافين ، وطرحه للفضاء الوطني والسير قدماً وبسرعة نحو تشكيل الحكومة القادمة ، لان الوقت والوضع السياسي لا يسمح ببقاء هذا الوضع ، والذي ربما يريده السيد المالكي ، والبقاء في حكومة تصريف الأعمال لسنة أو سنتين ؟! . ناهيك عن التدخل الإقليمي والدولي الذي سيكون حاضراً في الضغط من أجل أيجاد حكومة بأسرع وقت وملئ الفراغ السياسي القادم .
يبقى على الطرفين أن يمتلكا الإرادة الصادقة في ضرورة أيجاد رؤية موحدة ، والتخلي عن التمسك بمرشح دولة القانون ” المالكي ” ، والسعي من أجل أيجاد الأرضية المناسبة والحوارات البناءة والحفاظ على الأغلبية المريحة في داخل البرلمان القادم .