23 ديسمبر، 2024 12:56 م

الأعْلَمْ – الأعْلَمِيَّة : إعْتِقادْ أسْلامِيْ وَلَيْسَتْ نَظَرِيَّة لَدَى الشِيعَة

الأعْلَمْ – الأعْلَمِيَّة : إعْتِقادْ أسْلامِيْ وَلَيْسَتْ نَظَرِيَّة لَدَى الشِيعَة

تعريفات الأعلم وماهي الصفات الواجب توفرها وتحققها فيه ، الأعلم أو الأعلمية ليست نظرية أو أيديولوجية مستحدثة كما يظنها الأخ الأستاذ حسين أبو سعود كما في مقالته : ( رأي حول نظرية الاعلم لدى الشيعة ) فرغم أن مقالته تعبر عن رأيه الشخصي إلا أنه لم يستطع أن يقيم الدليل على صحته … فكان رأيه : مجرد أستحسانات ورؤى شخصية لاأكثر يمكن دفعها وأبطالها جملة وتفصيلا بسهولة ، وإثبات إعتقاد الأعلمية بصور وأدلة وبراهين عقلية ونقلية وأجتماعية وأنسانية ، إن الأعلمية : هي إعتقاد أسلامي الواجب الفطري والعقلي والعلمي والأجتماعي يحتم على الأنسان المسلم : (الشيعة الأمامية بشكل خاص ) القول به فضلاً عن إتباعه حرفياً والعمل وفق حاكميتها في عصر غيبة الأمام ( عليه السلام ) ، ومعزى أختلاف أهل الأختصاص ليس القول بهذا الأعتقاد أو عدمه ! بل هو أختلاف فقهي بحت حول ولاية أمور المسلمين ، وهو عائد لأمرين سوف نناقشها أثناء المقالة : ردود على الكاتب : ذكر الأخ الكاتب الرواية عن الأمام الحسن العسكري ( عليه السلام ) : ( فأما من كان من الفقهاء ……….. )(1) على أنها مقبولة أبن حنظلة وهذا خطأ فاحش قد أوقع الأخ الكاتب نفسه فيه ، لأن عمر أبن حنظلة كان من أصحاب الأمامين الباقر والصادق ( عليهما السلام ) والمقولة وردت عن الأمام العسكري ( عليه السلام ) أي عن الأمام الحادي عشر ( عليهم السلام ) كان المفروض من الكاتب أن يتبين . ( المصيبة أنه يريد أن يؤلف كتاب بهذا المجال وهو لايعرف مصدر الرواية !! ) أن مقبولة عمر ابن حنظلة بعدما أنكر الأمام الصادق ( عليه السلام ) على من فوض أمره للسلطان الحاكم في أرجاع الحق : ( ما يؤخذ بحكمهم سحت ولو كان حقا ثابتا) قال قلت: فكيف يصنعان؟ قال: (ينظران إلى من كان منكم ممن قد روى حديثنا، ونظر في حلالنا وحرامنا، وعرف أحكامنا، فليرضوا به حكما، فإني قد جعلته عليكم حاكما…) (2) وهذه الرواية وحدها كافية للأستدلال على مطلق الحكومة للفقيه الأعلم التي دلت على تنصيب الأمام ( عليه السلام ) من روى الحديث ونظر في الحلال والحرام ومعرفته بأحكام أهل البيت ( عليهم السلام ) وهذا الأمر لايتأتى لأي شخص بطبيعة الحال حتى لو كان من الأصحاب والموالين . وفي تناقضات كاتب المقال ! فهو يقول ( ان نظرية الاعلم نظرية مستحدثة وهي في ظاهرها نظرية عقلية مستقيمة وفي باطنها  مخالفة صريحة للعقل لانها مستحيلة و لاشتمالها على الادعاء والفخر و إلغاء الآخر ، لأن كل من يدعي بأنه (الاعلم) ينافي التواضع المطلوب لدى أهل العلم الذين يقولون ( وما أوتيت من العلم إلا قليلا ) وهو يعلم أن فوق كل ذي علم عليم ) . وهنا نقاش : رد قول الكاتب : نظرية الأعلم نظرية مستحدثة : أولاً : لا يتحد المعقول واللامعقول في المعقول فأما معقول أو لامعقول على حد تعريف المناطقة . ثانياً : الأعلمية ليست فكرة أو نظرية مستحدثة … بل هي إعتقاد يقول به كل علماء الدين ، ويمكن التأكد بالرجوع الى رسائل العلماء العملية بالحث على الرجوع للأعلم وتقليده . بل أن الظاهر بمجرد طرح العالم رسالته العملية للشارع الاسلامي هو يعد أدعاء للأعلمية . ثالثاً : لم يدع أحد من العلماء لا من السابقين ولا من اللأحقين الأعلمية بالعلم الكوني أو التكويني !! كما يحاول جناب الكاتب تصويره بل الأعلمية بالعلوم الدينية الحوزوية ( كالفقه والأصول ) وقد قال الكثير من العلماء بأن الأعلم ( الأعلم بالأصول ) وقد دأب أهل هذا الأعتقاد على الحث على تقليد وأتباع الأعلم وهو غالباً رأي جميع العلماء ، ولا يوجد في الأمر أي حالة من حالات الأدعاء والتفاخر أو حالة إلغاء الآخر بل هو حالة أعتقاد وواقع علمي ثابت له مداليله وبراهينه ولا علاقة لهذا الأمر بالتواضع كما يدعي الكاتب وأن قيادة الأمة تدور مدار الأعلمية لأن من ليس بأعلم لايحق له قيادة الأمة فسيكون أمرها الى سفال بطبيعة الحال كما في الحديث الشريف ( ماولت امة أمرها رجلا قط وفيهم من هو أعلم منه إلا لم يزل أمرهم يذهب سفالا )(3) وهذه الرواية ايضاً استدلال على الأعلمية وحقها بقيادة الأمة ، إذاً الأعلمية هي ميزان المفاضلة بين المجتهدين فإن وجدت حق إتباعها . رد قول الكاتب :  ادعاء الاعلمية من قبل عدة علماء في آن واحد يؤدي الى الطعن في بعضهم البعض : أ – لم يشهد لهذا الرأي الواهن أي حادثة تأريخية أو عصرية على هذا الأدعاء  !! إلا إذا فهم جناب الكاتب الخلاف الفقهي بين العلماء على أنه طعن فيما بينهم … وإذا كان هذا مايظنه فهو باطل جزماً : لأن الخلافات الفقهية بين علماء الدين هي حالة ( صحية ) للأسلام الحنيف والمذهب الشريف حيث أن لا ديمومة للأسلام وتناميه ولا تقوم معارفة إلا بهذه الخلافات التي من شأنها أن تحافض على الأسلام ومتطلباته من جهة وعلى تطوير معارفه وعلومه ومواكبة الحياة بكل المستويات العلمية والأجتماعية والسياسية والأقتصادية ….. الخ من جهة أخرى الأمر الذي كان من نتائجه على مدى قرون طويلة هو الحفاض والمحافظة على مدرسة أهل البيت ( عليهم السلام ) وتناميها على مدى تلك القرون ولحد الآن . ب – مامن مانع يمنع وجود أكثر من عالم أعلم بنفس الزمان والمكان !! ولكن هناك – فاضل ومفضول – ويشهد لهذا وجود أكثر من نبي ورسول بنفس الزمان وغالباً بنفس المكان في تأريخ الأمم السابقة والأنبياء السابقين ( عليهم السلام ) والتي منها قصة نبي الله موسى المشهورة مع الخضر ( عليهما السلام ) فرغم أن موسى ( عليه السلام ) نبي ورسول ومن أولوا العزم إلا أنه ثبت أن الخضر أعلم من موسى ( عليهما السلام ) فلم يوجد أي طعن يذكر بينهما ولكنها المفاظلة : فالفاضل الخضر والمفضول موسى ( عليهما السلام ) . ج – الرسول الأعظم وعلي ابن أبي طالب وفاطمة الزهراء والحسن والحسين ( صلواة ربي وسلامه عليهم أجمعين ) أصحاب الكساء كلهم معصومون وكلهم علماء وفي زمن ومكان واحد ، لكن من هو أفضلهم ياجناب الأخ الكاتب ؟؟ أكيد هو الرسول ( صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ) أفضلهم وأعلمهم رغم أنهم كلهم معصومون وكلهم علماء وكلهم مراجع دين ذلك العصر وكلهم تحت ولايته ، فهذا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) يقول ( علمني حبيبي رسول الله ( صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ) من العلم ألف باب ولكل باب ألف باب ) أكيد من خلال هذا ستعرف من هو الفاضل ومن هو المفضول – إذاً هي المفاضلة وليس أنكار أو ألغاء للآخرين كما هو ثابت ومشروع ، يضاف لكل هذا الروايات المستفيضة الواردة عن مناظرات الأئمة المعصومين ( عليهم السلام ) مع المخالفين والمعاندين من أجل المطالبة بحقوقهم مرة … ومرة من أجل أثبات أعلميتهم على الآخرين … ومرة من أجل دفع الشبهات التي أحاقت بالمجتمع المسلم آن ذاك ، وقد أثبتت الوقائع في كل العصور الأسلامية ومنها العصر الحديث وكما هو الملحوض والملموس والمشهور أن عالم الدين العامل ( الأعلم ) هو الوحيد المتصدي للشبهات التي تحيط سواء في الأسلام بشكل عام أو التي تتعرض لها البلاد الأسلامية من نوازل وحوادث ومؤامرات وحروب والى آخره من ويلات ومظالم يضاف أليه أن رجل الدين الأعلم هو الوحيد المتصدي لكل الأفكار والتوجهات والأيديولوجيات والأنحرافات التي تمر على البلاد والشواهد على هذا كثيرة ومنحصرة بالأعلم فقط وفقط :  ( ينبغي أن يكون ذا رؤية سياسية رشيدة، وعقلية اقتصادية عميقة تمكنه من فهم قوانين الاقتصاد العالمي، من أجل أن يتعرف على مواطن الضعف في النظم غير الاسلامية، فالزعيم الذي يطرح نفسه عالميا لا ينبغي له أن يكون خاويا من ثقافة عصره ) (4) كذلك ما يفهم من رواية الأمام العسكري ( عليه السلام ) أعلاه ( من كان من الفقهاء ….. ) التي لم تنحصر في اجتهاد المجتهد فحسب ! بل في أعلميته في الأحاطة بكل الضروف الأجتماعية والسياسية  ….الخ وكذلك في توضيح حال المجتهد الأعلم وهو يطرح نفسه لقيادة الأمة كحالة موسوعية مدركة بطبيعة الحال الفقهية ( لا يحق لمجتهد ما زعامة الامة والتسلط على مقدراتها والتدخل في شؤونها السياسية بمجرد اجتهاده، بل ويجب أن لا يقتصر الفقيه على الفقه في اطره القديمة. عليه أن يتوسع في مساره الفقهي ليشمل رقعة الحياة العامة، بكل ما تنطوي عليه الحياة من هموم في السياسية والاقتصاد والثقافة، حيث يجب على الفقيه الزعيم أن يكون قديرا في بيان الاحكام الشرعية، والقوانين العامة للفروعات والمسائل المستحدثة في ميادين السياسة والاقتصاد، معتمدا بذلك القواعد الفقهية المنقحة في الحوزات العلمية والحس الفقهي المنبثق من فهم الايات القرآنية والروايات. ) (5) أي أن كل الهموم والضروف وبشتى المجالات والمستويات التي تمر بها الأمة وعلى كافة الأصعدة فضلاً عن قدرة الفقيه في البيان في المسائل والأحكام الشرعية هي من مبينات الأعلم تحديداً من حيث قوة رؤيته الثاقبة في التعامل وأيجاد الحلول الناجعة الناجحة في مجابهة كل التحديات وصوابها ، ولا يمنع على عكس هذه العلمية والأحاطة المتوفرة في الأعلم أن يعبر المجتهد عن رأيه الخاص بماهو مجتهد فحسب ولا يحق لهذا النوع من المجتهد التصدي لقيادة الأمة مالم يكن هو الأعلم على الأطلاق . ه – كذلك علماء الدين فلا مانع يمنع وجود أكثر من عالم أو أعلم بنفس الزمان والمكان ولكن المهمة كما يجمع العلماء تعود الى المكلف للبحث والفحص عن الأعلم فيقلده ويبرء ذمته . رد قول الكاتب : وما يعطيه البعض من قياس حول ضرورة مراجعة الاخصائي بدلا من الطبيب العام هو قياس فاسد يلجأ اليه مع الاسف الكثير من اهل الفضل والعلم : وهنا تسويف وتدليس من جناب الكاتب !! إذ أن نص القول الحقيقي للعلماء الذين يسميهم جناب الكاتب : ( أهل الفضل والعلم ) ومن جانب هو يفسد قياسهم رغم أنه ليس قياس بل هو مثال لواقع حال ، ونقول لجناب الكاتب إذا كان مثلهم هذا قياس فاسد ؟ فهم بناء على قياسك أنت ( هم فاسدين ) بخصوص رجوع المريض الى الطبيب لأغلبهم هو ( رجوع المريض الى الطبيب الاعلم و الاقدر حسب الامكان ) نقول ياجناب الكاتب : كيف عرفت أنه قياس فاسد ؟ أليس واقع حال المريص الرجوع الى الطبيب المختص الأعلم الأقدر الأفهم …. لكننا سوف نلتمس العذر للكاتب من حيث أيضاح سوء الفهم في مبناه رغم أنه لايصح إلا الصحيح ، إذا كان يظن مفروضية رجوع المريض الى الطبيب العام أو كما يصطلح عليه ( جراح عام ) فإذا كان هذا الطبيب عليم بكل الأمراض وحتى الكسور والنسائية والتوليد والأطفال وأمراض السكري والسل والسرطان  وغيرها من الأمراض ( وهذا غير ممكن ولا موجود قطعاً ولكن على سبيل فرض مايظنه الأخ الكاتب فهذه نقطة تحتسب لصالح الأعلم على أعتبار أن المريض لم يراجع غير الطبيب الأعلم والأفهم والأقدر والأمكن ، كذلك والحال هذه على المكلف أن يرجع الى الأعلم بأمور دينه ، ومع عدم توفرية شمولية علمية الطبيب العام لكل الأمراض !!! فإنه بطبيعة الحال على المريض الرجوع الى الطبيب المختص الأعلم الأكفأ الأقدر الأمكن في أختصاصه من بين كل الأطباء الموجودين في الساحة وما أكثرهم بنفس الأختصاص وأيضاً هذه نقطة تحتسب لصالح الأعلم في رجوع المكلف أليه بأعتباره الأعلم والأفهم والأقدر والأكفأ والأصدق والأعدل …. الخ ، فاين الفساد في هذه الرؤية الصالحة ياجناب الكاتب ؟؟ إذا رأي الكاتب هو الفاسد .
رد قول الكاتب : ان الاعلم يحدده البطانة وليس اهل الخبرة كما هو المفروض وما يُقال عنهم اهل الخبرة هم من البطانة :
أ – تسويف وفساد رأي الكاتب :
لا أظن جناب الأخ الكاتب يفهم أساساً معنى أن يكون هناك رجل دين أعلم … فليس أبسط من معرفة الأعلم سواء في هذا الزمان أو في غيره من الأزمنة السابقة ، ولطالما كانت هناك ضوابط وخطوط عريضة قد رسمها الشارع المقدس في معرفة الأعلم وتحديده ، وقد دأبت مدرسة أهل البيت ( عليهم السلام ) ( الحوزات الدينية ) أو العلمية على تعريف وتشخيص الأعلم من خلال ما يطرحه العلماء من بحوث – فقهية أو أصولية عالية – التي بها ومن خلالها تحديداً يعرف الأعلم ، هذا أولاً .
ثانياً : ( من هم أهل الخبرة وماهي الشروط الواجب توفرها ليكونوا أهل خبرة ؟ وكيف يحددون الأعلم ويشخصونه ؟ ) يمكن لأهل الخبرة أن يحددوا الأعلم وتشخيصه إذا ما كانوا فعلاً متوفرين :
بما هم أهل خبرة في أطار ( هذا المصطلح ) وتقع ضمن شروطه وعدم متوفرية أي  شرط منها أو أخلال أحدها فلا يعد جزما من اهل الخبرة مهما كان اسمه او وضعه الاجتماعي وان الاخذ بقوله غير مبرء للذمة .
لأن من الامور المهمة والتي لها علاقة بالسلوك المباشر وغير المباشر وتوجيه الناس نحو السلوك الى طريق الحق والهداية وتمسكهم بخط اهل البيت (عليهم السلام ) هي مسألة التقليد ووجوب تقليد المجتهد الاعلم الجامع للشرائط وقد اوكلت هذه المهمة الخطيرة الى اناس سموا باهل الخبرة وهم بدورهم من يحدد طريق الناس نحو الله والسير في خط التكامل الذي خلقنا الله (جل جلالة) لاجله وجعلنا خلفاء في ارضه حيث اوكلت هذه المهمة الى اناس مثلي ومثلك تنقصهم العصمة ويحتمل فيهم الخطأ والغش والتزوير والميول النفسي والاتجاه المادي والدنيوي والانحياز الى من كان ولي نعمتهم هذا نوع .. وخفي النوع الآخر من اهل الخبرة عن الانظار والعقول … ولتبسيط البحث ينقسم اهل الخبرة الى نوعين النوع الاول :
وهو النوع المتعارف عليه حاليا والذين يطلق عليهم طلبة البحث الخارج او المراهقين للاجتهاد الذين بامكانهم تشخيص شخص الاعلم وهداية الناس اليه لكي يبرؤوا ذمتهم امام الله ولكننا نلاحظ في هذه الايام ان جل هؤلاء (حاشا الشرفاء منهم) يريدون ان يبرؤوا ذمتهم امام ولي نعمتهم او من يكون مسؤول عنهم وعن رواتبهم فبدلا من ان يكونوا منصفين اصبحوا ذا ميول دنيوي ومادي يتلونون بشتى الالوان ويتخذون اعقد الطرق امام المكلف لكي يرضى عنهم اسيادهم ومتجاهلين المهمة التي اوكلت لهم وعظيم خطرها على المجتمع يميلون نحو صاحب الاموال والنفوذ وصاحب الحق عندهم مبتدع كذاب يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف .. كما حصل مع بعض العلماء ولازال يحصل لحد الآن ! حيث لاقوا ما لاقوا من هؤلاء شتى انواع الكذب والبهتان عليهم ..أمثل هؤلاء يمكن ان نسلمهم رقابنا وديننا بعد ان اصبحوا عبيد لاسيادهم ؟ ويمكن أن نسميهم من ( أهل الحواشي والبطانة ) البعيدين كل البعد عن الخبرة ومؤهليتها .
الشروط الثلاثة لأهل الخبرة :
أ – العدالة .
ب – الدرجة العلمية بحيث يكون قادر على التميز بين المرجعيات وهو ما كان برتبة مجتهد او من ناهز الاجتهاد فما فوق . ج – الاطلاع : مادامت القضية هي – تفضيل وترجيح – بين واحد واخرين … فأنه يوجب الاطلاع على استدلالاتهم الفقهية والاصولية وبما انه يمتلك الدرجة العلمية أذاً يكون هو فاهما وعارفا بين الاستدلال – التام من غير التام – بين القوي من الركيك – وهكذا ونذكرمثال لفهم شرط الاطلاع :
فلو ان زيد يمتلك دار وعمر يمتلك دار وسألوا بكر أي الدارين افضل فيكون جواب بكر : دعوني اطلع على الدارين واخبركما فلو شهد بدون ان يطلع على الدارين او اطلع على دار واحده دون الاخرى فتكون شهادته مرفوضة عقلا وشرعا .
ليفهم من هذا أن ليس من علاقة تجمع بين ذوي الخبرة والمجتهدين بشكل عام والمجتهد الجامع للشرائط ( الأعلم ) بشكل خاص سوى التقييم بين بحوث العلماء ليصار الى التفضيل والترجيح في تحديد الأعلم بينهم .
أما إذا كان جناب الأخ الكاتب يقصد ( الحواشي ) و (أهل البطانة ) من ذلك الصنف فكما قلنا سابقاً هم ليسوا أهل خبرة .
ورأينا الشخصي بأهل الخبرة هو النوع الثاني النوع الذي هُمش واستُبعد من قبل ائمة الظلالة وألغوا وجوده ودوره الخطير في معرفة طريق الحق وهم مجموع ( الأُمة ) فلوتمعنا في تاريخ الانبياء واهل البيت (عليهم السلام ) نجد بأن اهل الخبرة من النوع الاول هم الذين حاربوهم وان الأُمة هي التي إتبعتهم ونشرت تعاليمهم فلو بقي الحال على اهل الخبرة فقط من النوع الاول لما بقي هناك دين واقرأ على الدنيا السلام .. ونذكر لك مثال بسيط على أن الأُمة هم اهل الخبرة الحقيقين ما كان في زمن رسول الله (صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ) حيث واجه اهل الخبرة العُرفيين من ابناء قومه وهم كل من ابوسفيان وابولهب وابو جهل وغيرهم (لعنهم الله) وانكروا عليه رسالته وجيشوا الجيوش ضده وحرضوا الناس عليه ولكن الذي ميز وعرف الحق وانتصر له واتبعه هم المستضعفون اللذين كانوا جَلّهم لايعرفون القراءة والكتابة فعرفوا الحق مع الرسول ( صلى الله تعالى عليه وآله وسلم )  واتبعوه وليس لديهم نصيب من العلم ..وكذا الحال مع امير المؤمنين ومع الحسين (عليهم السلام ) حيث ترك الحسين وحاربه من كانوا من حفظة القرآن ومعلميه والقاضي وائمة الظلال اللذين تسمع رأيهم الهمج الرعاع وتطيعهم باعتبارهم اهل الخبرة ونَصَرَ الحسين ( عليه السلام ) من امثال جون العبد ووهب الذي كان نصرانيا ..وكذا الحال مع صاحب العصر والزمان (عجل الله تعالى فرجه الشريف ) حيث أنهم ( أي كل أهل الخبرة ) سيتئولون عليه القرآن وكلمة ( كل )اهل الخبرة لان الذي يتأول القرآن هو الذي تصدى لهذا المنصب وايضا العلماء ويتركه كل العلماء واهل الخبرة بدليل قولهم :
إرجع يابن فاطمة وينصره من يُعد بعيداً كبُعدهُ عن الشمس كما جاء في بعض الروايات .. فهل يبقى لدينا ادنى شك في دور النوع الثاني من اهل الخبرة الذين عرفوا الحق واتبعوه واتبعوا الانبياء والرسول واهل بيته وقائم آل محمد ( صلواة ربي وسلامه عليهم أجمعين ) ألا يستطيعون ان يعرفوا المجتهد الاعلم الجامع للشرائط بما لديهم من فكر وعلم .. .؟ لكن يبقى القول بأهل الخبرة بماهو عرف حوزوي يمكن الرجوع له فيما لو كان مستوفي لشروطه بعيداً عن مسميات البطانة والحواشي وأن أي إنعدام أو أخلال بشرط واحد من شروطه لايمكن الرجوع له …. بل هو ينتفي مع هذه الحال .
رد قول الكاتب : رأيت انه لزاماً علي ان اظهر للملأ ما اعتقده مع علمي بأني سأواجه سهام المخطّئين ورماح الناقدين المنتقدين او قد اتلقى زهور التصويب . كما يعلم جناب الأخ الكاتب ويعلم جميع الأخوة الكرام ممن يسير في السوح الأدبية والثقافية وحتى في باقي المجالات والأختصاصات الأخرى … أن النقد – السلبي والأيجابي – والتصحيح والتصويب والتخطئة والحوار والنقاش حالة طبيعية جداً في المحافل الثقافية بل تعتبر ضرورة قصوى من ضرورات الثقافة وديمومتها وإحتياج صحي يفرضه العقل والفطرة قبل أن تفرضه الأصول المنطقية للأدب والثقافة سواء أكانت هذه الثقافة دراسية أو بحثية أو أي مستواً آخر من باقي مرافق الحياة كالأجتماع والسياسة والدين والأقتصاد …. ألخ حتى يصار الى نتيجة وثمرة ترجى تفيد الأنسان ومجتمعه ، وخير مثال على هذا هو مقالة الكاتب فرغم أنها تعبر عن رأيه الخاص ! إلا أنها جانب آخر من جوانب النقد ! يحاول فيها جناب الكاتب أن يناقش حالة ثقافية دينية أجتماعية … وبغض النظر عن النتيجة فهو قد تدخل بشأن من الشؤون الثقافية وأنتقدها ، وهكذا هو الحال عبر طريق حرية الرأي وكما يعلم الجميع ” أن حرية الرأي مكفولة ” .  .ولايظنن أحداً من الناس أن مهما كانت مقالته أو بحثه أو دراسته ! أنها ستمر دون نقد أو نقاش .
رد قول الكاتب : لقد وجدت بأن المشهور من العلماء يقول بالاعلمية والمغمور لا يقول بذلك اذ لا اتفاق ولا اجماع على ( الاعلمية ) و وجدت بأن المشهور لا يقول بالتبعيض والمغمور يقول بالتبعيض بلا تردد .
إذاً جناب الأخ الكاتب يقر من ناحية المشهور من العلماء ممن يقول بالأعلمية و ” المغمور ” ( على حد تعبير الكاتب ) من العلماء أي ( خاملي الذكر ) أو فالنقل أقلهم ممن لا يقول بها أي ” الأعلمية ” : وهنا تناقض إذ أن المشهور هم الأكثر لأن وجه الشهرة هو ” أكثرهم ” و المغمور هو الأقل كما في معنى كلمة المَغْمُورُ من الرجال : غيرُ المشهور . ومعه فهذه نقطة  .تحتسب لصالح ” الأعلمية ” لقول أكثر العلماء بها ، أما مسئلة القول بالتبعيض فهذا قول أقل اقلهم ومع ذلك هذا يعتبر خلاف فقهي لسنا بصدده .
رد قول الكاتب : ان التقليد امر ضروري في كل المسائل وليس في الدين والشريعة فقط ولكن في كافة مناحي الحياة اذ اننا نلجأ الى من يعرف عندما لا نعرف عن مختلف الامور الحياتية ولا عيب في ذلك وانما هو التكامل ولكن لماذا تقليد الواحد في جميع المسائل ؟ . وماهو الدليل على تقليد الواحد ، وان كان هناك دليل عقلي على تقليد الاعلم فمن يشخص الاعلم  في حالة تعدد المراجع ؟ فالتعرف على الاعلم امر مستعصي و ليس في مقدور اي انسان  التوصل اليه بل وحتى الخبراء  لا يستطيعون  ذلك كما يقول صاحب الكتاب .
لو تمعن جيداً جناب الأخ الكاتب في كلامه هذا !! لفهم وعرف فوراً :
أنه يدعُ الى تقليد الأعلم أو هو يبحث عنه كما أنه يقول به ولو ضمناً ، لأن دعوته لتقليد الأعلم تكمن في فهمنا للأعلم ذلك الرجل الذي يحيط علماً بكل مرافق الحياة ذلك الأنسان الذي تجد عنده الأجوبة لكل الأسئلة كما تجد عنده الحلول الناجعة لكل المشاكل سواء أكانت تلك المشاكل دينية أو سياسية أو أجتماعية أو وطنية ….. ألخ ومعرفته بكل الأمور التي لاتنحصر في الدين فقط : ( كما عبرنا عن هذا الأمر في ردنا الأول ) أمّا مسئلة الرجوع لتقليد الواحد فأنه أمر راجع الى ” التوحيد ” يجب على الأمة أن تعي وتفهم هذا الرجوع الذي به تصوّب كل الأشياء ، فالنسأل الأخ الكاتب فالنسأل العالم الأسلامي فالنسأل : ( العالم الشيعي ) لماذا نعبد أله واحد ؟؟ فها هو الباري تعالى يجيبنا :: ( لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ )(1) وخير شاهد لنا ولكم وللأمة الأسلامية لما تركت الأمة الرجوع للأعلم الواحد !! هو فساد هذه الأمة وتشرذمها وظلمها وتفرقتها الى شيع وطوائف حتى كانت مرماً سهلاً لمرامي الأعداء والطامعين …. ماأن تركت الأمة الأسلامية أعلمها أمير المؤمنين ( عليه السلام ) من بعد الرسول الأعظم ( صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ) وتخليها عنه ولم يزل أمر هذه الأمة الى سفال …. منذ أن تخلت عن أعلمها الأمام الحسن ( عليه السلام ) ومنذ أن تخلت عن أعلمها الأمام الحسين ( عليه السلام ) ومنذ أن تخلت عن علمائها الأئمة المعصومون ( عليهم السلام ) صالحاً بعد صالح وآخرها تخلي الأمة الأسلامية عن أتباع أعلمهم وسيستمر أمرهذه الأمة وسيكون الى سفال مالم يعودوا الى ما تركوا … ومع أستقراء التأريخ الأسلامي وسير شخوصه المعصومة وعلومهم وأثبات أعلميتهم وبيانها وموثقيتها مع أستقراء وفحص دعاوى شخوص الأعلمية لعلمائنا العاملين في عصرنا الراهن :
لانجد أو ليس في الأمر أي أستعصاء أو صعوبة في معرفة الأعلم وتحديده ، وما قول الكاتب وقول صاحب الكتاب الذي أستدل جناب الأخ الكاتب برأيه إلا محض مكابرة فارغة وزيادة في التيه على حساب الدليل .
رد قول الكاتب : ان المجتهد لا يعني بأنه احاط بكل العلوم مطلقاً اذ ان فوق كل ذي علم عليم وما اوتي احدٌ من العلم الا قليلاً .
وهذا مايقول به كل الناس ولم يدع أحدٌ خلافه لكن المفروض بالمجتهد أنه خبير بالأمور الأبتلائية .
ردقول الكاتب : بل اقول وحتى المجتهد قلّد ويظل يقلّد في الامور التي لا يعرفها .
مما يظهر أن جناب الأخ الكاتب قد أدخل نفسه في متاهه لايستطيع الخروج منها !! وإلا مامعنى قوله أعلاه … ؟ وكيف يكون المجتهد مجتهداً إذا كان يقلد ؟ وكيف يكون المجتهد مجتهداً وهناك أمور لايعرفها ؟ إننا لانتحدث في الغيبيات حتى لايؤخذ علينا .
أليس الأولى بمن يدع الأجتهاد أن يترك هذا الشأن لغيره مادام لا يعرف ولايعلم !! لأن الأعلم بطبيعة الحال وكما أثبتته في السير والوقائع التأريخية والعصرية دائماً يعلم ولا يقول لا أعلم ومن لايعلم فليس بمجتهد وبالتأكيد فهو ليس بأعلم .
رد قول الكاتب : فتقليد الاعلم قاعدة تفتقر الى الدقة وفيه اذ ان الطبيب العام يكفي للكثير من الامراض الشائعة والابتلاءات اليومية اذ لا يليق الذهاب الى اعلم متخصص واشهر واعلى واكبر طبيب من اجل مرض عادي شائع ، وعليه فإن اغلب الابتلاءات اليومية في مجال الدين يعرفه رجال الدين العاديين ولا يحتاج الى علّامة فهّامة بحر متبحر .
( تم رده وأبطاله في ردنا الأول ) .
ومع ذلك فالعقل والفطرة والشرع يوجب على الأنسان التفقه في دينه … بل حتى أنه يلزمه بذلك .
رد قول الكاتب : نعم الا اذا كانت هناك قضايا معقدة وقد تنقضي اعمارنا ولا نحتاجها .
أقول هذا الكلام فيه ” مصادرة ” ألا يؤمن جناب الأخ الكاتب ” بالمستحدث ” ؟ ( وأمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا ، فإنّهم حجّتي عليكم ، وأنا حجّة الله عليهم )(2) فهو يصادر قول الأمام الحجة ( عجل الله تعالى فرجه الشريف ) وهل تخلو حياتنا من المستحدثات ؟ .
رد قول الكاتب : حتى الائمة كانوا يدعون الى الرجوع الى علماء زمانهم ولم يكن الامام يدعو الى تقليده فقط باعتباره الاعلم لعلمه بان علماء الطائفة قادرون على الرد على الاستفتاءات الاكثر ابتلاءً .
من هم العلماء الذين يقصدهم الكاتب في أرجاع الأئمة ( عليهم السلام ) الناس أليهم ؟ هل هم من عامة ما يسمى ( علماء المسلمين ) أم يقصد بهم العلماء من الأصحاب والموالين ؟ فإن كان يقصد الكاتب العلماء من عامة المسلمين … فهو قول مردود لأن المعصومين ( عليهم السلام ) لا يرجعون الناس الى المخالفين والمعاندين من خارج الملة … وإن كان يقصد أرجاع الأئمة ( عليهم السلام ) الناس الى العلماء من الأصحاب والموالين من أبناء الملة الشريفة … فهذا عينه أتباع للأمام ( عليه السلام ) الأعلم ، فأنت عندما يدعوك الأمام ( عليه السلام ) أو الأعلم بالرجوع الى فلان أو يقول لك عليك بأطاعة فلان هذا عيناً إتباع الاعلم تحديداً … وليس كما فهمه جناب الكاتب من أن الأئمة ( عليهم السلام ) يرجعون الناس الى العلماء تنصلاً من مسؤولية الأعلم الملقات على عاتقهم … وإذا كان الأمر بهذا الفهم !! فهذا عينه هو الفراغ والخواء فكري .
 
هامش
————-
(1) الاحتجاج 2: 263 :وسائل الشيعة 27: 131 الباب(10) حديث (33401) .
(2) الكافي ١: ٥٤ / ١٠، الفقيه ٣: ٥ / ٢، تهذيب الأحكام ٦: ٣٠١ / ٨٤٥ .
 الإحتجاج: ٣٥٥، وسائل الشيعة ١٨: ٩٨، كتاب القضاء، أبواب صفات القاضي، الباب 11، الحديث 1.
(3) بحار الأنوار ج 44 ص 22 : المجلسي .
(4) الأجتهاد والتقليد ص 17: السيد الخميني .
(5) نفس المصدر .
(6) الأنبياء : 22 .
(7)  كمال الدين وإتمام النعمة 484 الباب ( 45) ذكر التوقيعات  .
 وسائل الشيعة 27 : 140 الباب )(11) حديث  (33424  ) من ابواب صفات القاضي .